رئيس التحرير
عصام كامل

«ارتفاع الأسعار»..الأزمة مستمرة، فشل المبادرة الحكومية، والنقد الأجنبى أبرز الأسباب

ارتفاع أسعار السلع
ارتفاع أسعار السلع الغذائية، فيتو

سوق بلا رقيب، فالأسعار ترتفع دون ضوابط، والمصريون يدفعون الثمن من جيوبهم حتى صار تكملة الشهر حلما يطمح إليه الكثيرون، وسط تلك الصورة القاتمة كانت الأسئلة تتداعى، متى تنخفض أسعار السلع الغذائية؟ وهل تفيد إقالة رئيس جهاز حماية المستهلك؟ وبجانب هذا ما هى التوقعات المستقبلية مع بدء عام جديد قد يكون فيه الانفراجة؟

الدكتورة عالية المهدى، العميد الأسبق لكلية الاقتصاد بجامعة القاهرة، تقول إن بعض السلع الغذائية تشهد ليس فقط عدم استقرار فى الأسعار؛ بل أيضًا تفاوت السعر ووجود أكثر من سعرين فى السوق، مثل أسعار السكر التى ارتفعت إلى 50 جنيهًا، بالرغم من إعلان رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، تطبيق المبادرة الحكومية لخفض أسعار السلع فى منتصف أكتوبر الماضى، إلا أن المبادرة لم تنجح فى خفض الأسعار أو ضبط الأسواق.

وأضافت أن الدليل على عدم نجاح المبادرة الحكومية وجود سعرين لأكثر من سلعة فى السوق، فالمعيار الرئيسى لنجاح المبادرة الحكومية هو أن تكون السلع أسعارها موحدة تلقائيًا، وفقًا لقاعدة العرض والطلب لأن الدولة من المفترض أن تطرح كميات كبيرة لتناسب الطلب فتنخفض أسعار السلع تلقائيًا، وعليه فإن بالمقاييس المبادرة الحكومية لخفض أسعار السلع الغذائية لم تنجح فى تحقيق أهدافها.

وأشارت إلى أنه لا يوجد ارتفاعات فى أسعار السلع عالميًا، وعليه فإن مشكلة ارتفاع الأسعار محلية ولم تصدر من الخارج، والحكومة لن تسطيع حل مشكلة ارتفاع أسعار السلع إلا إذ زادت من كميات المنتجات السلعية الغذائية التى يحتاج إليها المواطنون، وتشجيع المنتجين لزيادة المنتجات الزراعية الغذائية، وتقديم الدعم لهم وشراء المحاصيل منهم بأسعار مناسبة، ومن هنا تستطيع الدولة توفير السلع الغذائية للمواطنين وتخفيض الأسعار، ولا يوجد حل آخر.

وتابعت بأن مصر تواجه مشكلات فى استيراد السلع، فالمستوردون لا يجدون النقد الأجنبى لاستيراد السلع، وعليه يجب أن تعمل الحكومة على تشجيع المنتج المحلى، الذى يمكن زراعته فى مصر ولا يحتاج إلى نقد أجنبى، فالخطوة الصحيحة للحكومة هو تشجيع المنتجين المحليين وعدم الاعتماد على الاستيراد من الخارج.

وأوضحت أن إقالة رئيس جهاز حماية المستهلك ليس له علاقة بارتفاع أسعار السلع أو حتى ضبط الأسواق.

وعن انضمام مصر للبريكس وأثره على خفض الأسعار فى السوق المحلى، قالت: حتى نستورد سلعة بالجنيه المصرى من دول تجمع البريكس يجب أن يكون لدينا سلعة ستصدر لهم، وهذا صعب للغاية، إذ تعتبر الصادرات المصرية قليلة، فالموضوع ليس الاستيراد والتصدير بالعملات المحلية، ولكن الأساس هو ما هى السلع التى سنبيعها لهم، ونحن لدينا احتياج كبير لسلع تنتج فى دول البريكس، لكن دول البريكس لا تحتاج إلى نفس القدر من السلع التى يمكن استيرادها من مصر.

ومن جانبه، يوضح الدكتور عبد النبى عبد المطلب، خبير الاقتصاد، أن ما حدث مع رئيس جهاز حماية المستهلك السابق المهندس أيمن حسام الدين ليس إقالة، حيث تم تعيينه فى ديسمبر 2020 وعليه مرت الثلاث سنوات ولم يتم التجديد له، فأى مسئول حكومى يتم تعيينه لمدة 3 سنوات وتجدد لمرة واحدة فى حالة صدور قرار، وكانت هناك فترة بسيطة على انتهاء المدة، وعليه فإن مدة شغله للوظيفة انتهت وليس إقالة.

وعن حالة السوق، يقول «عبد المطلب» إن المؤشرات الاقتصادية تشير إلى أنه لا توجد أي انفراجة فى 3 ملفات رئيسية فى السوق المحلى، هذه الملفات هى التى لديها القدرة على الحفاظ على أسعار السلع، وهم ملف توفير الأعلاف، وملف توفير المواد الخام، وملف توفير مستلزمات الإنتاج، إضافة إلى أنه يتم توفير السلع والخدمات فى السوق المحلى عن طريق الاستيراد، والمؤشرات تشير أيضًا إلى عدم وجود عملة أجنبية من أجل استيراد السلع الاستهلاكية الأساسية، وتشير أيضًا أنه لا يوجد اعتمادات أو تيسيرات لمستلزمات الإنتاج والمواد الخام، وعليه فإن غالبية أسعار السلع سوف تستمر فى الارتفاع.

وأوضح أنه يستثنى السلع متغيرة الأسعار مثل مجموعة الخضراوات والفاكهة، حيث تعمل عدة عوامل لضبط أسعار الخضراوات والفاكهة منها زيادة المعروض فى المواسم وإمكانية التخزين، وحتى قدرة الناس على ترشيد الاستهلاك منهم.

وعن توقعاته لحالة السوق المصرى مع بداية عام 2024، الذى ستشهد انضمام مصر لتكتل مجموعة البريكس وأثره على انخفاض الأسعار فى السوق المحلى، أوضح «عبد النبي» أن أثر انضمام مصر للبريكس على انخفاض أسعار السلع فى السوق المحلى محدود للغاية، وذلك لأن الهيكل الإنتاجى لأغلب دول البريكس باستثناء روسيا مشابه لهيكل الإنتاج المصرى، فضلًا عن أن تكاليف استيراد القمح من الأرجنتين مرتفعة أكثر من استيراده من روسيا أو أوكرانيا أو رومانيا، إضافة إلى احتياجات مصر من المواد الخام ومستلزمات الإنتاج لا تتوافر فى دول البريكس.

وتابع: وإذ كنا نتحدث عن الحبوب وبعض الصناعات الغذائية؛ فإن البرازيل والصين والهند لديهم العديد من المشكلات فى هذه الصناعات، لكن هناك بارقة أمل فى انضمام مصر للبريكس، هو أن تكون هناك تمويلات ميسرة تقدم من بنك التنمية التابع للتكتل لتوفير حزم تمويلية للاستثمار فى مصر، وهنا يمكن أن يؤدى ذلك إلى تنمية وانتعاشة حقيقية لمصر.

 

الجريدة الرسمية