رئيس التحرير
عصام كامل

إسرائيل كما يراها أهلها!

ما فعلته إسرائيل في مجمع الشفاء وادعاء جيش الاحتلال وجود أسلحة وجهاز لاب توب في المستشفى يذكرنا بادعاءات أمريكا قبل نحو 20 عامًا بامتلاك العراق أسلحة كيماوية وظل كل هم الأمريكان وقتها هو الاستيلاء على مطار بغداد كما فعلت إسرائيل مع مجمع الشفاء.

 

ولا يخفى أن القوات الأمريكية كان هدفها توهين الحالة المعنوية للشعب العراقي تمهيدًا لإسقاط العراق في براثن الاحتلال الأمريكي، وها هي إسرائيل تعيد إنتاج التجربة الأمريكية الخاسرة.. بادعاءات واهية بشأن مجمع الشفاء أم الفضائح فهي ادعاءات متهافتة لا تبرر حجم الإجرام الصهيوني.

 

لكن المؤسف هو التماهي الأمريكي مع الكذب الإسرائيلي وتبني السردية الكاذبة لنتنياهو على طول الخط.. والسؤال المهم: ماذا حققت إسرائيل بعد 40 يومًا من العدوان الهمجي والإبادة الجماعية واستهداف المستشفيات في غزة.. هل أسقطوا مقاومًا واحدًا من حماس أو الجهاد.. هل توصلوا لنفق واحد.. هل احتفظوا بنقاط تمركز ثابتة دون خسائر هائلة في البشر والعتاد.. ناهيك عن خسارة الرأي العام العالمي والمعركة الإعلامية على السوشيال ميديا للمرة الأولى.


أما تصدع الجبهة الداخلية الإسرائيلية فحدث ولا حرج ويكفيك نظرة عابرة على ما ينشره الإعلام والصحافة العبرية لتدرك أين وصلت تل أبيب، وأين يقف نتنياهو ورفاقه، فهو تحت عنوان إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة.

 

رأي آري شبيت


نشرت صحيفة هآرتس العبرية مقالًا للكاتب الصهيوني المشهور آري شبيت نقتبس منه عبارات ذات مغزى يقول آرى شبيت: يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال.

 

يضيف آرى شبيت في مستهل مقاله: "يبدو أننا اجتزنا نقطة اللا عودة، ويمكن أنه لم يعد بإمكان إسرائيل إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وتحقيق السلام، ويبدو أنه لم يعد بالإمكان إعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم الناس في هذه الدولة.. وإذا كان الوضع كذلك فإنه لا طعم للعيش في هذه البلاد.

 
وليس هناك طعم للكتابة في هآرتس، ولا طعم لقراءة هآرتس، ويجب فعل ما اقترحه (روغل ألفر)  قبل عامين، وهو مغادرة البلاد.. إذا كانت الإسرائيلية واليهودية ليستا عاملًا حيويًا في الهوية، وإذا كان هناك جواز سفر أجنبي لدى كل مواطن إسرائيلي، ليس فقط بالمعنى التقني، بل بالمعنى النفسي أيضًا، فقد انتهى الأمر. يجب توديع الأصدقاء والانتقال إلى سان فرانسيسكو أو برلين أو باريس.


يضيف آرى شبيت: من هناك، من بلاد القومية المتطرفة الألمانية الجديدة، أو بلاد القومية المتطرفة الأمريكية الجديدة، يجب النظر بهدوء ومشاهدة دولة إسرائيل وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة.  يجب أن نخطو ثلاث خطوات إلى الوراء، لنشاهد الدولة اليهودية الديمقراطية وهي تغرق. يمكن أن تكون المسألة لم توضع بعد.


ويمكن أننا لم نجتز نقطة اللاعودة بعد. ويمكن أنه ما زال بالإمكان إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وإعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم البلاد.

أضاف الكاتب الإسرائيلي: أضع أصبعي في عين نتنياهو وليبرمان والنازيين الجدد، لأوقظهم من هذيانهم الصهيوني. إن ترامب وكوشنير وبايدن وباراك أوباما وهيلاري كلينتون ليسوا هم الذين سينهون الاحتلال. وليست الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي هما اللذان سيوقفان الاستيطان. 


والقوة الوحيدة في العالم القادرة على إنقاذ إسرائيل من نفسها، هم الإسرائيليون أنفسهم، وذلك بابتداع لغة سياسية جديدة، تعترف بالواقع، وبأن الفلسطينيين متجذرون في هذه الأرض.

 

لعنة الكذب

ثم وصل آرى شبيت لنتيجة حاسمة وهي ضرورة البحث عن الطريق الثالث من أجل البقاء على قيد الحياة هنا وعدم الموت.. إن الإسرائيليين منذ أن جاءوا إلى فلسطين، يدركون أنهم حصيلة كذبة ابتدعتها الحركة الصهيونية، استخدمت خلالها كل المكر في الشخصية اليهودية عبر التاريخ.
 

ثم شدد الكاتب اليهودى على القول: “إن لعنة الكذب هي التي تلاحق الإسرائيليين، ويومًا بعد يوم، تصفعهم على وجوههم بشكل سكين بيد مقدسي وخليلي ونابلسي، أو بحجر جمّاعيني أو سائق حافلة من يافا وحيفا وعكا. يدرك الإسرائيليون أن لا مستقبل لهم في فلسطين، فهي ليست أرضًا بلا شعب كما كذبوا”.

 

 

والسؤال: متى يقتنع نتنياهو ورفاقه أن الحرب العبثية في غزة لا جدوى منها.. وأنها جرائم حرب لا تسقط بالتقادم.. ومتى تتحرك الدول العربية لتطبيق قرارات قمتهم الأخيرة في الرياض لوقف المجازر وإعادة الحياة لقطاع غزة المحاصر؟!

الجريدة الرسمية