رئيس التحرير
عصام كامل

الفن وسنينه

محمد سلام ليس الأول ولن يكون الأخير! (2)

تعرضنا في المقال السابق لأهمية دور الفن والفنان في القضايا والأحداث الكبرى التي تلم بمجتمعه ووطنه وأمته، وشددنا على ضرورة اضطلاعه بدورٍا فاعلٍا ومؤثرا في هذه الملمات، بعيدًا عن اشتغاله بالعمل السياسي الذي لا يمتلك مقوماته ولا أدواته، بل يحوز ما هو أهم سلاح الفن وتأثيره السحري الجبار في الناس.. 

 

وتطرقنا لعدة صور من وسائل الدعم التي استخدمها الفنانون لمناصرة أهل غزة في نضالهم البطولي في مواجهة آلة القتل والإبادة الجماعية التي يستعملها الكيان الصهيوني في حربه اللاإنسانية مع شعب أعزل! وأشدنا بموقف الفنان محمد سلام من اعتذاره عن المشاركة في أحد العروض المسرحية بموسم الرياض دون التفكير أو حساب تبعات وخسائر هذا الموقف ماديًا ومعنويًا!


ونستكمل في هذا السياق من خلال مقال اليوم ذكر عدد من النماذج المشرفة لفنانين وفنانات محليًا وعربيًا وعالميًا كانت لهم مواقف مضيئة في دعم القضية الفلسطينية، كلفتهم أثمانًا باهظة وعرضتهم لأخطار شديدة وصلت إلى حد الاعتقال أو التصفية الجسدية أو التهديد بها!

نور الشريف ونادية لطفي


تاريخيًا يعد الفنان الراحل العظيم نور الشريف من أكثر الفنانين الذين تعرضوا للأذى والانتقاد
بسبب دعمه للحق الفلسطيني في أفلامه وتصريحاته ودفع ثمنًا غاليًا لذلك، منذ أن جسد شخصية رسام الكاريكاتير الفلسطيني الشهير ناجي العلي في الفيلم الذي يحمل نفس الاسم عام 1992 إخراج عاطف الطيب.. 

 

حيث اتهم بالعمالة للولايات المتحدة وليبيا القذافي الذي كان معاديًا لمعظم الحكام العرب وقتها، خاصةً مصر وأنه حصل على عدة ملايين من الدولارات منهما لتجسيد شخصية معروف عنها مهاجمتها للأنظمة العربية وسخريتها الشديدة منها، بدعوى تخاذلها في القضية الفلسطينية خاصةً مصر.. 

 

التي أظهر الفيلم الشخصية المصرية الوحيدة بالأحداث 'محمود الجندي' في صورة السكير المغيب الذي ينتظر مجيء الجيوش العربية! حيث أوقف عرض الفيلم الذي كان الشريف شريكًا في إنتاجه ومنع من العرض في مصر وفي معظم الدول العربية، مما عرضه لخسائر مادية كبيرة مع منع عرض أعماله في مصر والخليج وفي التليفزيون المصري وظل هذا الوضع لأكثر من عام..

 

جلس فيها الشريف في منزله وكاد يعتزل التمثيل! وذلك بفعل الحملة الصحفية الضارية التي شنها رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم آنذاك إبراهيم سعدة على صفحات مطبوعات مؤسسته ومنعه نشر اسم الشريف في هذه المطبوعات!.
 

والعملاق الراحل محمود مرسي كان له موقف تاريخي عندما أعلن استقالته على الهواء عبر أثير إذاعة القسم العربي من ال BBC رفضًا للعدوان الثلاثي على مصر بمشاركة بريطانيا مع فرنسا واسرائيل والذي كان من أسبابه مناصرتها ودفاعها عن فلسطين!


والفنانة الكبيرة نادية لطفي كانت من أكثر أهل الفن دعمًا للقضية عبر مشوارها الفني، وتعرضت لمشاكل كثيرة وأبعدت عن أعمال فنية مهمة بسبب مواقفها البطولية من القضية الفلسطينية. ومن أحدث الفنانين الذين تعرضوا لمضايقات ومشاكل وأخطار وصلت إلى حد التهديد بالقتل.. المطربة أنغام على خلفية هجومها وتحديها للمتحدث باسم جيش الاحتلال الصهيوني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك الممثلتان ريهام حجاج وعبير صبري.


وعربيًا استشهدت الفنانة المسرحية الفلسطينية إيناس السقا هي وثلاثة من أبنائها جراء قصف اسرائيل لغزة منذ أيام قلائل! وهو نفس ماحدث مع الفنان الفلسطيني علي نسمان، كما تم أيضًا اعتقال المطربة والمنتجة الفلسطينية دلال أبو آمنة من قبل قوات الاحتلال لمجرد نشرها منشور على صفحتها على الفيسبوك تدعم فيه أهل بلدها!


أما على المستوى العالمي فسنجد مجموعة من نجوم هوليوود اشتهروا بدعمهم للقضية الفلسطينية على مدار سنوات حتى الآن، بل أن بعضهم طاله الأذى والهجوم من قبل اللوبي الصهيوني المسيطر على صناعة السينما في هوليوود ومنهم من تلقى مؤخرا تهديدات بالقتل جراء دعمه لعملية طوفان الأقصى!

مارلون براندو وإيما واتسون


النجم الراحل العملاق صاحب الثلاث جوائز أوسكار مارلون براندو الذي عرف عنه معارضته للنظام الصهيوني ولكل أنواع التفرقة العنصرية والاحتلال وهو ما جعل اللوبي الصهيوني في هوليوود يستبعده من الأعمال الكبيرة، فتراجعت نجوميته بشدة في في نهاية الستينيات حتى بداية السبعينيات قبل أن يعود لمجده السابق بأحد أعظم وأشهر أفلامه The God Father الذي استحق عنه جائزة الأوسكار عام 1973 ولكنه رفض استلامها!


النجم الأمريكي من أصل استرالي ميل جيبسون تعرض ومازال لحملات تشويه لتصريحاته ضد إسرائيل منذ فيلم آلام المسيح عام 2004 بل وأنه جرى اعتقاله عام 2006من قبل الشرطة عندما صرح قائلًا: اليهود هم سبب كل الحروب في العالم!


وبطلة هاري بوتر إيما واتسون اتهمت بالتهمة الجاهزة دائمًا من قبل اللوبي الصهيوني والإعلام العبري وعدد من وزراء صهيون وهي معاداة السامية، على خلفية نشرها كلمتين 'التضامن فعل'، وذلك تضامنًا مع فلسطين العام الماضي في مواجهة المحتل الاسرائيلي! وطالب هؤلاء بمنعها من العمل في هوليوود ولولا رسائل التضامن معها التي انهمرت من عدد كبير من صناع السينما في هوليوود لمنعت بالفعل من العمل وجمدت!


ومؤخرا نال عدد من النجوم العالميين قسطًا كبيرا من الهجوم والتهديد من قبل أتباع اللوبي الصهيوني، لمساندتهم ودعمهم لطوفان الأقصى منهم.. العارضة والممثلة الأمريكية من أصل فلسطيني بيلا حديد وكل أفراد عائلتها، الذين تلقوا تهديدات صريحة بالقتل عبر هواتفهم ووسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك المطربة سيلينا جوميز والممثل والمخرج مارك رافالو، وصاحبة الأوسكار سوزان ساراندون..

 

 

وغيرهم من نجوم هوليوود تعرضوا لانتقادات ومضايقات شديدة من مناصري دولة الاحتلال لدعمهم للحق الفلسطيني في مواجهة الباطل الصهيوني. ومن ثم فليس الفنان محمد سلام هو أول داعم لفلسطين وصاحب موقف شجاع ومشرف من نجوم الفن، وبالتأكيد لن يكون الأخير بأي حال من الأحوال!، النصر والحرية لأهل فلسطين والمجد للشهداء!

الجريدة الرسمية