رئيس التحرير
عصام كامل

كيف انتقمت إسرائيل من بطرس غالي؟

بطرس غالي هو الأمين العام السادس للأم المتحدة، من مواليد 14 نوفمبر 1922، عمل أستاذا بالقانون الدولي بجامعة القاهرة، وأسس مجلة السياسة الدولية، ترأس المجلس القومي لحقوق الإنسان، ومنظمة الفرانكفونية الدولية بعد عودته من الأمم المتحدة، كانت له فكرة طرحها أيام حكم الرئيس السادات، وكانت الفكرة تدور حول "إنشاء عاصمة عربية تتوسط جغرافيا بين مصر وليبيا".

 

تولى الدكتور بطرس غالي منصب السكرتير العام للأمم المتحدة في أول يناير 1992، ولكن وصوله لهذا المنصب الرفيع لم يكن بسهولة، فقد بذلن مصر جهودا مضنية، خاصة بعد رفض الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لترشيح بطرس غالي للفوز بهذا المنصب..

 

بالإضافة إلى أن عدد المرشحين على هذا المنصب، كان كبيرا، حيث وصل إلى ستة، كان أبرزهم الرئيس النيجري الأسبق اللواء أويسنجو، ووزير خارجية زيمبابوي الدكتور تشيدزيرو، وكانت فرصة الرئيس النيجيري أكبر لكون أن بلاده هي رئيس منظمة الوحدة الإفريقية.

وقال الدكتور نبيل العربي المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة آنذاك: "مطالب الدول الأعضاء بمجلس الأمن بأن يكون السكرتير العام للأمم المتحدة من أفريقيا، وأعلنت الصين أنها ستتسخدم الفيتو ضد أي مرشح غير أفريقي"، وكان رئيس نيجيريا الأسبق هو الأوفر حظًا نظرا لترأس بلاده منظمة الوحدة الإفريقية هذه الفترة.

وبعد جهود مضنية وترتيبات هنا وهناك مع الدول الأفريقية، خاصة بعد أن تسرب خبر أن الولايات المتحدة تسعى إلى أن يفوز بهذا المنصب غير أفريقي، وأعدت أسماء المرشحين لذلك، هنا توحدت جهود الدول الأفريقية، وقررت الاتفاق على دعم بطرس غالي الذي فاز بالمنصب بعد موافقة 11 صوتا، وامتناع دولة واحدة عن التصويت.

تقرير مجزرة قانا


وبعد توليه منصبه، قرر الأمين العام وضع رؤية خاصة وموسعة للتنمية، وعقدت سلسلة من المؤتمرات التاريخية، منها مؤتمر القمة المعني بالنهوض الاقتصادي بالمرأة الريفية الذي عقد في جنيف فبراير 1992، ومؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية الذي عقد في ريو دي جانيرو في عام 1992، والمؤتمر العالمي لحقوق الإنسان المعقود في فيينا في عام 1993.


وحينما أرادت مصر التجديد لبطرس غالي ولاية ثانية، رفضت الولايات المتحدة هذا المطلب، وساقت السفيرة الأمريكية مادلين أولبرايت، مبررات الولايات المتحدة للوفد المصري منها: أن بطرس غالي كثير السفر، وعنيد وصعب المراس ولديه آراء محددة، والولايات المتحدة تمارس عليه ضغوط حتى يتماشى مع سياستها، كما أن الولايات المتحدة لا تقبل هذا النوع من الأشخاص.


ولكن السبب الحقيقي كان هو تقرير قانا الذي أعده الدكتور بطرس غالي وفضح فيه جرائم الاحتلال الاسرائيلي في مجزرة قانا جنوب لبنان والتي راح ضحيتها 106 من المدنيين، مما أحرج إسرائيل أمام الرأي العام، وأزعج الولايات المتحدة، وبالتالي اعترضت الولايت المتحدة، على التجديد للدكتور بطرس غالي.. 

 

وبعدها بأيام جرى اقتراع غير رسمي وفقا للعرف داخل المجلس، وحصل كوفي عنان على 12 صوتا مؤيدا، ورفضت مصر المضي قدما في خطوات ترشيح بطرس غالي لولاية ثانية، حتى لا تخسر كوفي عنان التي أجمعت القوى الدولية عليه.

 

عن ذلك قال الدكتور بطرس غالي في حوار له: "هناك ضغوط مورست عليَّ إذا نشرت هذا التقرير من واشنطن بشكل غير مباشر، وأن مصر ليس لديها مصلحة لنشر هذا التقرير، كما أن التقرير سوف يضر بمصلحة شيمون بريز في الانتخابات الإسرائيلة آنذاك".

 


ومجزرة قانا الأولى وقعت في 18 أبريل 1996 تمت في مركز قيادة في قرية قانا جنوب لبنان، حيث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصف المقر بعد لجوء المدنيين إليه هربا من عملية عناقيد الغضب التي شنتها إسرائيل على لبنان، وأدى قصف المقر إلى استشهاد 106 من المدنيين وإصابة الكثيرين.

الجريدة الرسمية