رئيس التحرير
عصام كامل

الثورات وإسرائيل وكأس الحرية المسموم

عقدان متتاليان من الأزمات والكوارث.. العقد الأول بدأ في 2011 بتصدير ثورات جاهزة بغرض تقويض الأنظمة العربية والعمل على إسقاطها.. لم يكن في الحقيقة الهدف هو إسقاط النظام بقدر ما كان الهدف هو إسقاط الدول تحت شعار زائف اسمه ثورات الربيع العربي.. والتى لم تخرج منها البلدان العربية سوى إلى خريف مُعتم لا تزال الشعوب تتجرع مرارته حتى الآن وكأنها تشرب كأسًا من الحرية مسموم.

 

أما العقد الثاني من هذا القرن المُعتم فبدأ بتصدير كوارث من نوع مختلف وبدأ المتآمرون في كشف المستور وإماطة اللثام عن الوجه القبيح من خلال تصدير أزمات جديدة من نوع مختلف إلى العالم والسحب التدريجى إلى المنطقة العربية ثم إلى القرن الأفريقي ثم إلى مصر "الوحش المستهدف" والوطن الصامد الذي رفض التهجين واستعصى على الانكسار والهزيمة ووقف في وجه المؤامرات المتتالية شامخا كالنخيل الباسق.

 

لقد شهد ذلك العقد العجيب ألوانًا من الأزمات بدأت بعواصف ترابية مهلكة وجوائح بيئية قاتلة.. وتصدر أزمات اقتصادية طاحنة وحروب وانقسمات شعبية فارقة في بناءات الدول وأخير حروب سياسية وعسكرية تسببت بشكل مباشر في رفع معدلات التضخم والعمل على تجويع العالم من خلال التحكم في سلات الغذاء وأسعار محتوياتها من حبوب وزيوت. 


قد لا يروق لبعضكم أن أربط ما يحدث بين كل هذه الظواهر البيئية والاقتصادية.. وقد لا يروق لبعضكم أن أربط بين الحرب الروسية الأوكرانية وبين الحرب غير المتكافئة التى تشنها إسرائيل بقوتها الغاشمة على شعب فلسطين الأعزل.

 

إحكام قبضة إسرائيل

وقد لا يروق لحضراتكم أن أربط بين موجات التطبيع مع إسرائيل والحرب الروسية الأوكرانية والأوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعيشها المصريون والطموح التنموى الكبير للدولة المصرية وبناء سد النهضة الملعون الذى لا يهدف إلى تنمية إثيوبيا بقدر استهدافه لتجويع المصريين وإرغام القرار المصرى على بيع القضية الفلسطينية والعمل على إنهائها بأى شكل ولو على حساب سيناء الغالية..

 

أتصور أن الهدف واحد وهو إحكام قبضة إسرائيل على مقدرات العرب.. وكأننا واقعون بتصريح دولي بين خيارين إما أن نقبل بوجود إسرائيل المغتصبة وإما أن نقبل بالدمار والتخريب والعيش في أزمات سياسية واقتصادية طاحنة.



لكنني أقولها صادحة عالية كما فشلت إسرائيل على مدار قرابة 75 عاما في تسويق قضيتها الزائفة وكسر إرادة الشعب الفلسطيني الأبي وعجزت عن تهجيره القسرى من أراضيه؛ فإنها فشلت لا محالة في أن تجعل سيناء هي الحل البديل للقضية وفشلت بلا محالة في أن تجعل سيناء وطنًا بديلا للفلسطينيين.

 

وفشلت فى اختراق نسيجهم الوطني المتين.. فخلف القيادة السياسية 100 مليون مواطن يقولون لا، ليس بالكلام ولكن بالدماء والفداء.. فسيناء قطعة من جسد المصريين وأرواحهم.. لا يمكن انتزاعها بحال.

 

 

لقد أثبت التاريخ أن المصريين في الأزمات يزداد ترابطهم وتماسكهم.. ففي كل مرة تواجه مصر أزمة، يقف الشعب المصري صفا واحدًا في وجه التحدي، ويتحد من أجل تحقيق النصر.. فلا تفرق بين جندى يحمل السلاح في الميدان وفلاح يحمل الفأس في الغيط.. كلاهما يعمل للوطن وتبادل الأدوار مرهون بتبادل الظروف والأحوال بين الحرب والسلام. 

الجريدة الرسمية