رئيس التحرير
عصام كامل

للمرة العاشرة.. فلسطين في المزاد!

 وقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس، أمام ممثلي دول العالم في الأمم المتحدة، يطالب بعقد مؤتمر دولي للسلام تحضره الأطراف المعنية كافة لإنقاذ ما يسمى بالحل النهائي للقضية الفلسطينية، وهو إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية تعيش في سلام إلى جانب الدولة الإسرائيلية وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.. 

 

واعتبر الرئيس الفلسطيني أن دعوته هذه هي الفرصة الأخيرة، وحذر أن لم يتم انتهازها فسوف تتعرض منطقة الشرق الأوسط لعوامل تزعزع الاستقرار وتهدد السلم والأمن الدوليين، ثم طالب أبو مازن من المجتمع الدولى أن يحمى الشعب الفلسطيني، وقال نطلب الحماية الدولية.


المطلبان بديهيان.. بل إن الوعد بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب الدولة اليهودية كان أمريكيا في عهد جورج بوش الابن، وهو كان جزء من عملية نصب سياسي لاستدراج العرب في حربه لتدمير العراق، ومن يومها يتغنى كل مسئول أمريكي بما يسمونه حل الدولتين، في الوقت الذي تتآكل فيه الضفة الغربية بسبب تراخيص البناء المسعورة تمنحها إسرائيل للمستوطنين، كما تمنح هؤلاء الذئاب تراخيص الهجوم على الفلسطينيين في بيوتهم وقتلهم وهدم منازلهم..


أما المؤتمر الدولي للسلام، فقد سبقته مؤتمرات عديدة، ومبادرات عربية أشهرها الأرض مقابل السلام، في مؤتمر مدريد، والآن تعلن إسرائيل السلام مقابل السلام، بعد انهيار الجيوش العربية الرئيسية حولها، بمؤامرة الربيع العربي..

 

أمريكا.. وإحياء عملية السلام

وإذا كان أبو مازن يدعو من فوق منبر الأمم المتحدة إلى عقد هذا المؤتمر فإن هذه الدعوة لا يمكن أن تكون بمعزل عما يدور في كواليس الخارجية الأمريكية والبنتاجون، والبيت الأبيض حاليا، من خطط لإحياء عملية السلام، تشارك فيها دول عربية خليجية، وهنالك تقارير عن اتفاقيتين دفاعيتين تعدهما واشنطن للعرض على دول الخليج مقابل دمج إسرائيل في المنظومة العربية.. 

 

أما موضع القضية الفلسطينية من هذه الخطة فهو تحسين جودة الحياة، ولا بأس من إعلان متكرر عن وجوب تنفيذ حل الدولتين، وبالطبع لن تنفذ إسرائيل هذا المطلب، وستحصل على ما تريده من العرب..


يأتي التحرك العربي الأمريكي في الوقت الذي يواجه فيه الرئيس الأمريكي مأزقا حقيقيا، فهو مقبل على عام انتخابي حرج وسط سخرية سياسية واعلامية من أنه سيدخل البيت الأبيض لدورة ثانية ليستكمل الستة وثمانين عاما، وهو يواجه أيضا دعوات الجمهوريين لعزله لعدم الكفاءة، كما أن ابنه هانتر متهم في قضايا فساد. 

أضف إلى ذلك كله أن واشنطن أنفقت 112 مليار دولار على أوكرانيا وهي تعلم أنها لن تنتصر على الروس، بل أن الهجوم المضاد لم يحقق نجاحا يذكر، حرر فقط ستة كيلومترات من الجبهة الشرقية الجنوبية !


أكثر من مائة مليار دولار على مدار تسعة عشر شهرا، ولا نتيجة ومن ثم قرر الجمهوريون معارضة أي طلبات مالية أخرى يتقدم بها بايدن ليقدمها إلى الأوكران.. إذ ثبت أنه لا جدوى..
يحتاج بايدن إذن إلى طوق نجاة وإحراز نصر سياسي في الشرق الأوسط. بديلا عن نصر عسكري في أوروبا.

وكالعادة، سنبتلع الطعم والوهم وتنعقد الجلسات ويتم تنفيذ الاتفاق الإبراهيمي، وعلى الرصيف السياسي المقابل، سيواصل الفلسطينيون النزيف اليومي بالرصاص الإسرائيلي..

الجريدة الرسمية