رئيس التحرير
عصام كامل

الوجه الآخر لقانون الخدمة المدنية (2)

موضوعنا اليوم يتداول أهم أركان وجوانب قانون الخدمة المدنية استكمالًا لما عرضناه فى المقال السابق ولأننى أعلم جيدًا بأننى لست أول من يتحدث فى هذا الموضوع فهو يعتبر من الموضوعات الهامة التى كثر في الفترة الأخيرة الحديث عنها والتوسع في شرحها. 

 

وهى السلوك الوظيفى والتأديب في قانون الخدمة المدنية فيتعين على الموظف الالتزام بأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية وغيرها من اللوائح والقرارات والتعليمات المنفذة له ومدونات السلوك والأخلاقيات للخدمة المدنية الصادرة من الوزير المختص.


ويحظرعلى الموظف بصفة خاصة مباشرة الأعمال التى تتنافى مع الحيدة والتجرد والالتزام الوظيفى أثناء ساعات العمل الرسمية أو ممارسة أى عمل حزبى أو سياسى داخل مكان عمله أو القيام بجمع تبرعات أو مساهمات لصالح أحزاب سياسية أو نشر الدعاية أو الترويج لها وكل موظف يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة يجازى تأديبيًا.


ولا يجوز لأى  جهة توقيع أى جزاء على الموظف إلا بعد التحقيق معه كتابيا وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ويكون قرار الجزاء مسبب ويجوز بالنسبة لجزائى الإنذار والخصم حتى ثلاثة أيام أن يكون التحقيق شفاهة على أن يثبت مضمونه فى القرار الصادر بتوقيع الجزاء.


كما  تختص النيابة الإدارية دون غيرها بالتحقيق مع شاغلى الوظائف القيادية وأيضًا بالتحقيق فى المخالفات المالية التى يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو المساس بها.


وعلى الجهة الإدارية أن توقف ما تجريه من تحقيقات فى أى واقعة إذا كانت النيابة الإدارية قد بدأت بالتحقيق فيها، ويقع باطلا كل إجراء يخالف ذلك.
 

ما هى الجزاءات التى يجوز توقيعها على الموظف؟

وهنا لابد أن نطرح سؤالًا ما هى الجزاءات التى يجوز توقيعها على الموظف؟ هل الانذار، أو الخصم من الأجر لمدة أو مدد لا تتجاوز ستين يوما فى السنة، أو الوقف عن العمل لمدة لا تتجاوز ستة أشهر مع صرف نصف الأجر الكامل، أو تأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة لا تزيد على سنتين. أو الخفض إلى وظيفة في المستوى الأدنى مباشرة. أو الخفض إلى وظيفة في المستوى الأدنى مباشرة مع تخفيض الأجر إلى ما كان عليه قبل الترقية. أو الإحالة إلى المعاش، أو الفصل من الخدمة؟!


أما الجزاءات التى توقع على شاغلى الوظائف القيادية فهى: التنبيه، أو اللوم، أو الإحالة إلى المعاش.
أو الفصل من الخدمة.


ويكون الاختصاص بالتصرف في التحقيق للرؤساء والمباشرين الذين تحددهم السلطة المختصة كل في حدود اختصاصه بما لا يجاوز عشرين يوما في السنة ولا يزيد على ثلاثة أيام في المرة الواحدة.
أما عن شاغلى الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية فلهم كافة الصلاحيات بما لايجاوز أربعين يومًا في السنة ولا يزيد عن خمسة عشرة يومًا في المرة الواحدة.


كما أنه لا يجوز ترقية الموظف المحال إلى المحكمة التأديبية أو الجنائية أو الموقوف عن العمل طوال مدة الإحالة أو الوقف.


وإذا ثبت براءة الموظف المحال أو قضى بحكم نهائى بمعاقبته بالإنذار أو الخصم من الأجر لمدة لا تزيد عن عشرة أيام وجب ترقيته اعتبارًا من التاريخ الذى كان ستتم فيه الترقية لو لم يحال إلى المحاكمة ويمنح أجر الوظيفة المترقى إليها من هذا التاريخ وفى جميع الأحوال لا يجوز تأخير ترقية الموظف لمدة تزيد على سنتين.


متى تمحى الجزاءات التأديبية التى توقع على الموظف؟


في حالة الإنذار والتنبيه والخصم من الأجر مدة لا تزيد على خمسة أيام تمحى بعد سنة، وفي حالة اللوم والخصم من الأجر مدة تزيد على خمسة أيام وحتى خمسة عشر يومًا تمحى بعد سنتين، وفي حالة الخصم من الأجر مدة تزيد على خمسة عشر يوما وحتى ثلاثين يوما تمحى بعد ثلاث سنوات،
أما بالنسبة للجزاءات الأخرى والتى تم ذكرها من قبل عدا جزاء الفصل والإحالة إلى المعاش فتمحى بعد أربع سنوات.


ويترتب على محو الجزاء اعتباره كأن لم يكن بالنسبة للمستقبل، ولا يؤثر على الحقوق والواجبات التى ترتبن نتيجة له. إلا أن بعض الجهات لا تقوم بتطبيق هذا الجزء من القانون، فبالرغم أحيانًا من محو الجزاء إلا أن هذا الجزاء يلاحق الموظف دائما طوال حياته الوظيفية وتقوم بعض الجهات من حرمانه من الترقيات وتقلد الوظائف القيادية، بحجة أن له جزاء داخل ملفه بالرغم من محو هذا الجزاء في المدة الزمنية التى حددها القانون وهذا ما يسبب الإحباط واليأس للموظف ويجعله غير فعال ومقبل على العمل بشكل إيجابى.


وقد كان القانون حريصًا على وضع ضمانات تحمى الموظف من تعسف الإدارة ومن إساءة استعمال السلطة بهدف إقامة توازن بين مقتضيات الضمان وبين فاعلية الإدارة فالتأديب ليس الهدف من العقاب فى حد ذاته، بل ضمان سير المرافق العامة بانتظام على نحو يمكنها من الوفاء بالتزاماتها، وهو بذلك يختلف عن العقوبة الجزائية والتى تهدف إلى عقاب شخص على ارتكاب عمل في حق المجتمع.. 

 

وعليه فإن الهدف من توقيع الجزاء التأديبى يجب أن يكون دائمًا لتحقيق الصالح العام المتمثل في ضمان سلامة أداء الجهاز الإدارى للدولة ورفع كفاءته، ولابد أن نشير هنا إلى أن حق الإدارة في توقيع الجزاء على موظفيها ليس حقًا مطلقًا بل يتعين عليها أن تتبع الإجراءات القانونية المقررة للتأديب.. 

 

ولابد أن ننوه هنا بأنه لا يجوز توقيع أى عقوبة تأديبية لم ينص عليها القانون حتى لو كانت أخف من العقوبات المقررة بالقانون، وأيضًا حتى لو كان توقيعها بناء على رضا من الموظف لأن هذا الرضا لا يتم في بطلان العقوبة، ويعد التناسب بين العقوبة الإدارية والمخالفة المرتكبة من قبل الموظف هى من أهم تطبيق وسائل العدالة، فلابد من تقدير الجزاء المناسب لكل مخالفة كما أنه لا يجوز معاقبة الموظف تأديبيا من ذات الفعل أكثر من مرة.


هنا وقد وصلنا إلى ختام هذا الموضوع الهام أتمنى أن أكون قد وفقت فى الكتابة عنه ووفيته حقه من التحدث عن أساسياته وشرح المواد المرتبطة به.
وللحديث بقية

الجريدة الرسمية