رئيس التحرير
عصام كامل

أعطنى أمارة.. لأعطيك تأشيرتي !

دخلت زينب، صديقتى وعشرة عمرى، وكنت في مكتبي أجهز بعض الأوراق استعدادا لحلقة جديدة من البرنامج الذي كنت أقدمه علي الهواء، وبمجرد دخولها المتوتر، رأيت الدموع في عينيها، كأنها ماصدقت أن وصلت إلي، ورأتني.. 

 

أخذت تبكي بحرقة وترتجف وحاولت مساعدتها أن تهدأ فجئتها بكوب ماء، واجلستها وطبطبت عليها، بحنان لأنها بحق من أنقى القلوب التى يمكن للملاك أن يغار منها.. وكانت طول الوقت تردد كلمة أنا اللى استاهل.. سرقته منى سرقته منى.


لم يكن من الصعب أن أعرف ما الشيء المسروق، للأسف كان شخصا وليس شيئا، كان زوجها، صديقنا المشترك من أيام الكلية والشقاوة والحلاوة..
 

لما سكنت العاصفة على وجهها، راحت تحكي وأنا مذهولة من حجم الثقة والسذاجة التى تصرفت بها صاحبتي مع صاحبتها الأنتيم التى قدمت لها وظيفة في شركة يعمل بها زوجها المهندس المعمارى نائبا لرئيس مجلس الإدارة..

الثقة والأمان


مسحت دموعها وقالت بصوت مخنوق اللي مجننى إن مراد (تقصد زوجها) وقع في أيدها بسهولة بعد شهرين مش أكتر.. زي ما يكون.. كان جاهز يا حبيبتي لأي علاقة! سألتها ازاي وثقت فيها فقالت وثقت في زوجي، وهو استغل الثقة فصال وجال.. ضحكت رغم كأبة الموقف على استخدامها صال وجال فوجهت إلي نظرة لوم ونقد..

 

الثقة عملة من الذهب، غالية جدا، لذلك لا يجب أن نوزعها كما نوزع دعوات الفرح وأعياد الميلاد.. تلقت صاحبتي هذه الصدمة القاسية بعد إعطاء الأمان المطلق وبعد ما فاضت حبا وأفاضت حنانا، ومشاعر جياشة.. 

 

وما فعلته نفعله كلنا في فترات من حياتنا، إذ نضع بعض الاشخاص فى غير حجمهم الحقيقي، وأحيانا يكون الدافع هو الحصول على حب الغير، ورضائهم، وبناء صورة عنا أننا طيبون وأنقياء.. وفي الحقيقة يرانا المستغلون بلهاء تجوز علينا السرقة!

 

لا تمنح ثقتك إلا بعد اختبار قوي، يظهر فيه معدن الصديق، أو طالب الصداقة، رجلا أو امرأة، وبصراحة تأشيرة الدخول إلي ثقتي هي أمارة، علامة، برهان، لابد أن أحصل عليه أولا ممن يريد أن أكون معه كتابا مفتوحا.. وبصراحة أكثر، قليلات جدا من استطعن اجتياز اختبار الصداقة الصعب، رغم إننى أبادر فاقدم لهن الأمارة، أو العلامة، البرهان على أني موضع ثقة بجدارة.. 

 

نحب ونثق بعد التأكد، نعطي ونمنح بعد أن نرى الأصدقاء والصديقات علي خط واحد من مشاعرنا وتفكيرنا، لا يستغلون طيبتنا، ولا يستبيحون بيوتنا، ولا يسرقون أزواجنا.. تجربة صديقتي أوجعتني جدا وجعلتني أراجع من حولي ممن معهم ومعهن تأشيرة ثقتي وتسليمي لهم..

 

 

لا أريد أن أثير الشك فيمن حولكم، وحولكن، بل أريد أن نعيد فحص العلاقات.. ربما يكون زوج حضرتك من المسروقين وأنت نائمة علي ودانك.. عفوا
يا خبر نسيت نفسي معكم ونازلة فيكم نصائح وأنا طالعة هواء بعد دقائق.. لكن دعوني أتاكد زوجي فين!

الجريدة الرسمية