رئيس التحرير
عصام كامل

الحقائق وراء ارتفاع أسعار الأسماك

نحاول في هذه المساحة الإجابة عن تساؤل معظم المصريين فيما يتعلق بأسعار الأسماك في مصر، فمن المفترض والطبيعي –كما تتناقل بعض وسائل الإعلام ويتحدث به المصريون- أن تكون أسعار الأسماك في أدنى مستوياتها؛ نظرا لأنه من المفترض أن يكون المعروض من الأسماك كميات ضخمة تفيض عن حاجة السكان.

 

وذلك لأن مصر تطل على البحرين الأبيض والأحمر بطول 2000 كيلومتر، وعلى نهر النيل بطول 1000 كيلومتر، وتمتلك أكثر من 10 بحيرات من أهمها (قارون، وناصر، والمنزلة، ومريوط، والبردويل)، إضافة إلى المزارع السمكية، وعلى رأسها مزرعة غليون أكبر مزرعة سمكية في الشرق الأوسط.. 

ارتفاع أسعار السمك
 

ومع ذلك فأسعار الأسماك فى تزايد وارتفاع مستمر. فأسعار أسماك البلطى التى تعد وجبة الغلابة تجاوزت الـ 85 جنيها، بعد أن كان لا يتعدى عن 35 جنيها، فضلًا عن أسعار فيليه البلطى أصبحت ما بين 70 و200 جنيه.. 

 

كما تجاوز أسعار البورى الـ 130 جنيها ووصل سعر البياض إلى 80 جنيها، وسمك الموسى ما بين 180 و250 جنيها، وسمك المكرونة ما بين 60 و90 جنيها، والسبيط والكاليمارى ما بين 200 و280 جنيها، ووصل سعر الكابوريا ما بين 90 و200 جنيه، كما وصل سعر الجمبري الصغير ما بين 80 و170 جنيها، ومتوسط الحجم إلى 200 جنيه والجمبري الجامبو من 300 جنيه.


 وهنا ينبغي أن نعرف حقائق يجهلها أو يتجاهلها البعض بهدف الإثارة لا أكثر، ومن ضمن هذه الحقائق أن مصر تقع على بحرين لكن الإنتاج من الأسماك ضعيف وسيظل كذلك، ليس للتقاعس أو عدم وجود الرغبة والإمكانيات الخ، لكن لطبيعة الوضع، فموقع مصر على البحرين يجعلهما بحار مغلقة لا تتوافر بها التيارات البحرية التي تحمل الأسماك إليها، على عكس مناطق تلاقي هذه البحار مع المحيطات في دول أخرى ما جعلها دول وفرة وتصدير للأسماك.. 

 

فنجد أن التقاء البحر المتوسط بعد مضيق جبل طارق مع المحيط الأطلنطى يجعل من المغرب وموريتانيا وأسبانيا والبرتغال دولا تتمتع بالصيد الوفير، كذلك  في غرب أوروبا اسكتلندا والسويد لالتقاء بحر الشمال مع المحيط الأطلنطي، وعلى البحر الأحمر نجد أن الصيد الوفير في دول التقائه مع المحيط الهندى وهي الصومال واليمن وجيبوتى وإريتريا..

 

ولذا رأينا مصريين يذهبون اليها للصيد بما يستتبعه ذلك من مشاكل لتواجدهم في مياه تلك الدول الاقليمية عبر أساطيل أعالي البحار، ولو كانت الأسماك متوافرة في البحار المصرية فما سبب التوغل لهذه الأماكن وحودث مشكلات مختلفة من القبض على الصيادين المصريين وتدخل الدولة للإفراج عنهم؟


نأتي لدور البحيرات قارون، وناصر، والمنزلة، ومريوط، والبردويل، فنجدها تعاني هي الأخرى من مشكلة التيارات البحرية لأنها بحيرات مغلقة، وهنا نجد البعض يشيع عن جهل أن الأسماك في بحيرة ناصر قد توحشت لعدم الصيد، وأنها صارت طعاما للتماسيح التي توحشت بصورة كبيرة، فصارت تأكل تلك الأسماك، ولكن الحقيقة العلمية أن التماسيح في بحيرة ناصر لا تزيد عن 3000 آلاف تمساح ولا تصل أبدا لمرحلة البلوغ في البحيرة التي تجعلها تتوحش.. 

 

ذلك لأن التمساح يبدأ في البحث عن بيئة مناسبة لوضع بيضه، والبيئة المناسبة له هي الشواطئ الرملية والقيعان، وهذا لا يتوافر في أغلب مناطق البحيرة فى مصر كونها صخرية حجرية، لذا تهاجر قبل البلوغ للجزء الأول من البحيرة والموجود فى السودان بطول 150 كيلو مترا، حيث البيئة المناسبة..

مشكلات المزارع السمكية

وبسبب تكرار مثل ذلك الحديث وإثارته للبلبلة لدى الشعب المصري الذي سيرى من حقه تناول الأسماك بدلا عن التماسيح المتوحشة، أصدرت جامعة أسوان في 2020 دراسة تنفي الكلام جملة وتفصيلا، مؤكدة أن تعداد التماسيح في البحيرة قد يصل إلى 3 آلاف تمساح فقط.  


وترجع قلة الأسماك المستخرجة من البحيرة وغيرها إلى المراكب القديمة المتهالكة المستخدمة في الصيد، والشباك الضيقة التى تصطاد الأسماك الصغيرة ولا تتركها تنمو للوزن المطلوب، وعدم استخدام التقنيات الحديثة في الصيد، ونقص وضع الزريعة التى تنمو وتنتج أسماكا كبيرة، ومرجع الأخيرة الخلاف بين الصيادين والحكومة.. 

 

فالحكومة ترى أن تكلفة الزريعة يتولاها الصيادون لأنهم من يستفيدون بها بعد ذلك، والصيادون يرون أنهم لا يملكون المال اللازم لذلك، ويجب أن تكون التكلفة بداية على الحكومة لحين تكاثر إنتاج البحيرة ومع تضاعف ربح الصيادين بسبب وفرة الصيد هنا يمكن الحديث عن تحمل الصياد للتكلفة بتعاون تدريجي مع الحكومة، لأنه بالفعل سيشعر بالفارق بين انتاجها الحالي وبعد وضع الزريعة ويعرف أهميتها ويذق المكسب من ورائها. 


ونظرا لقلة أسماك البحار والبحيرات كان العجز الشديد في الأسماك الذي يتم تغطيته بالمزارع السمكية، ولولا ذلك الإنتاج الضعيف ما احتاجت مصر مزارع سمكية التي صارت تنتج أكبر نسبة من الأسماك، فإنتاج مصر من الأسماك يقرب من 2 مليون طن، منها 1.6 مليون طن مزارع سمكية بنسبة 80% من الإنتاج، ونحو 400 ألف طن من المصايد الطبيعية بنسبة 20%..

 

ولكن هناك مشكلات في المزارع السمكية ببسب غلاء الأعلاف وقلتها أثر على 80% من إجمالى الإنتاج، فموسم الاستزراع يبدأ من شهر أبريل وينتهى في شهر نوفمبر من كل عام، وكيلو السمك يحتاج إلى 1.6 كيلو علف للجودة الممتازة، أما إذا كانت جودة العلف ضعيفة، هنا سيحتاج كيلو السمك 2 كيلو علف، وكيلو العلف يتراوح ما بين 32 و37 جنيها للكيلو، وبالتالى تكلفة كيلو السمك تبلغ 45 لـ 50 جنيها للكيلو.

 

 

وهذا يعنى أن العلف يكلف المستزرع السمكي 80% من قيمة الأسعار، بخلاف العمالة والكهرباء والنقل وطرمبات المياه والزيت وغيرها، وزريعة السمك البلطي الـ1000 سمكة، فى السابق كانت تبلغ تكلفتها من 50 لـ 100 جنيه، وحاليا تبلغ تكلفتها 200 جنيه.

الجريدة الرسمية