رئيس التحرير
عصام كامل

النجم المنتج.. خرج ولم يعد !

في تاريخ السينما المصرية الممتد والحافل بالأعمال الخالدة، ظاهرة إيجابية ومحمودة ومطلوبة، ساهمت في تقدمها وتطورها بما أفرزت من أفلام جيدة ومهمة، اختير عدد منها ضمن استفتاء أفضل مائة فيلمٍ مصري في التاريخ عام1997، وهذه الظاهرة اختفت أو كادت في السنوات العشرين الأخيرة وهي ظاهرة النجم المنتج.. 

 

حيث عرف الفن السابع منذ حقبتي الأربعينيات والخمسينيات عددًا من النجوم الممثلين المغامرين العاشقين للسينما، الذين نجحوا في إنتاج مجموعة كبيرة من الأفلام المتميزة، معظمها من علامات هذه الصناعة لإدراكهم ووعيهم بأهمية السينما في حياة الشعوب من ناحية، ولرغبتهم في عدم الوقوع تحت سيطرة شركات ومنتجين بأعينهم من ناحية أخرى، فكان الفائز في النهاية هو الجمهور وصناعة السينما.. 

 

فشاهدنا أفلامًا مازالت تعيش في وجداننا حتى الآن، مثل.. غزل البنات، سلسلة أفلام ليلى مراد التي تبدأ باسمها، جميلة، المراهقات، الرجل الثاني، مراتي مدير عام، شيء من الخوف، صغيرة على الحب، حبيبي دائمًا، آخر الرجال المحترمين وغيرها.. 

 

تصدى لإنتاجها نجوم كبار، ولكن مع ظهور أفلام المقاولات ثم سيطرة جيل المضحكين الجدد على السينما، التي تراجعت بشدة منذ فترة التسعينيات حتى الآن، لأسباب عديدة ومتشعبة لا يتسع المقال لذكرها، قل أو ندر أن نجد نجمًا يتجه للإنتاج، حيث أضحت هذه العملية أشبه بالمغامرة غير المحسوبة أو مضمونة العواقب! خاصة مع الارتفاع الرهيب في أجور النجوم والمعدات وكل لوزام العملية الانتاجية.


من أنور إلى نور 


معظم النجوم الذين أنتجوا للسينما عبر تاريخها، كان كل واحد أو واحدة منهم أشبه بالمؤسسة الفنية المتكاملة، فنجد النجم المنتج والممثل والمؤلف والمخرج أيضًا في أحيان ليست قليلة يؤدي كل هذه المهام بكفاءة عالية ولعل أبرز هؤلاء.. أنور وجدي الذي يعد أكثر النجوم إنتاجًا ب 20 فيلمًا اضطلع بكل هذه المهام في معظمها عبر شركته شركة الأفلام المتحدة.

 

مثل.. ليلى بنت الفقراء، ليلى بنت الأغنياء، قلبي دليلي، غزل البنات مع زوجته وشريكة نجاحاته آنذاك ليلى مراد، ياسمين، دهب الذين قدما فيهما الطفلة المعجزة فيروز، والفنان الملتزم حسين صدقي الذي أنتج وأخرج ولعب بطولة عددًا من الأفلام منها.. آدم وحواء، الشيخ حسن، خالد بن الوليد..

 

الملك فريد شوقي أنتج ومثل وشارك في كتابة عدد من الأفلام المهمة التي غيرت قوانين مثل جعلوني مجرمًا، كلمة شرف، إضافةً إلى بورسعيد بتكليف من الرئيس جمال عبدالناصر عن العدوان الثلاثي على مصر 1956، رصيف نمرة 5، لا تبكي يا حبيب العمر..

 

ومن النجوم أيضًا أصحاب الإنتاج السينمائي المتميز.. الموسيقار محمد فوزي ب 19 فيلمًا منها.. العقل في إجازة، دايما معاك، فاعل خير، بنات حواء، الفنان صلاح ذو الفقار ب 15 فيلمًا منهم خمسة في قائمة أفضل ١٠٠ فيلمٍ في التاريخ.. بين الأطلال، صراع الأبطال، مراتي مدير عام، شيء من الخوف، أريد حلًا.. 

 

العندليب عبد الحليم حافظ الذي أسس في بدايته شركة أفلام عبد الحليم حافظ أنتجت أول فيلم مصري كامل بالألوان وهو دليلة عام 1956، قبل أن ينشأ الشركة الأشهر صوت الفن مع الموسيقار محمد عبدالوهاب وأنضم إليهما بعد ذلك مدير التصوير وحيد فريد والمحامي مجدي العمروسي والتي أنتجت معظم أفلام العندليب بعد ذلك مثل الخطايا، معبودة الجماهير، أبي فوق الشجرة، بجانب الراهبة لهند رستم، حكايتي مع الزمان لوردة.. 

 

الفنان نور الشريف أنتج 9 أفلامٍ من خلال شركة NB مع زوجته بوسي ومنها.. دائرة الانتقام، ضربة شمس، حبيبي دائمًا، أخر الرجال المحترمين، الفنان سمير صبري أنتج 11فيلمًا منها.. السلخانة، دموع صاحبة الجلالة، جحيم تحت الماء، الفنان محمود ياسين أنتج 8 أفلامٍ، أولها أنا وابنتي والحب وأخرها قشر البندق.. 

 

أما النجمات فلهن أيضًا نصيب جيد من الإنتاج السينمائي، تتصدرهن الفنانة ماجدة ب 13 فيلمًا منها.. جميلة، المراهقات، هجرة الرسول، العمر لحظة، سمراء الشاشة مديحة يسري أنتجت 10 أفلامٍ منها.. إني راحلة، صغيرة على الحب، السيرك، الفنانة سميرة أحمد رصيدها كمنتجة 10 أفلامٍ أيضًا منها.. إمراة مطلقة، البريء، الفنانة نبيلة عبيد أنتجت 3 أفلامٍ والفنانة نادية الجندي فيلمين بمفردها غير الأفلام التي شاركت زوجها المنتج محمد مختار إنتاجها.

 
 محمد هنيدي أحدثهم


من الفنانين الذين اقتحموا مجال الإنتاج السينمائي في السنوات الأخيرة، إلهام شاهين التي قدمت فيلمين هما يوم للستات وهز وسط البلد، أحمد مكي حيث قام بإنتاج فيلمي لا تراجع ولا استسلام، سيما علي بابا، أحمد حلمي الذي أنتج عدة أفلام منها.. بلبل حيران، صنع في مصر، شكة دبوس، الباب يفوت أمل.. 

 

أما أحدث النجوم المنتجين فهو محمد هنيدي، الذي صدر له باكورة إنتاجه فيلم نبيل الجميل أخصائي تجميل أواخر العام الماضي، كما بدأ تصوير ثاني هذه الأفلام بعنوان البريمو مع غادة عادل وأحمد بدير وإخراج سعيد حامد.. 

 

 

وحسب معلوماتي فإن هنيدي تعاقد على 10 أفلامٍ يقوم بإنتاجها لصالح إحدى الشخصيات الخليجية كمنتج منفذ، بدأها ب نبيل الجميل أخصائي تجميل، ويا حبذا وهذا حلم بعيد المنال لو تجرأ وأقدم كل نجم محب للسينما ومؤمن برسالتها وأهميتها في المجتمع على الإنتاج، بأفلام تعبر عن الناس وعن مشاكلهم وآمالهم وطموحاتهم، حتى تعود السينما إلى سابق عصرها الذهبي سينما من الناس وعن الناس.

الجريدة الرسمية