رئيس التحرير
عصام كامل

الصحابة شعراء.. في دوحة خير الأنبياء (4)

من أهم الصحابة الذين قالوا الشعر مدحا في سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، العباس بن عبد المطلب وهو عم رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، ويكنى أبا الفضل بابنه الفضل، كان أكبر سنًّا من رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، بسنتين، وقيل بثلاث. وكان رئيسا في الجاهلية، وإليه كانت عمارة المسجد الحرام والسقاية.

 

وروى ابن إسحاق أن العباس ثبت مع النبي، صلى الله عليه وآله وسلم في يوم حنين، في نفر يسير. وفي ذلك اليوم يقول العباس:

ألا هل أتى عرسي مكرّي ومقدمي      بوادي حنين والأسنة تشرعُ

 وكيف رددت الحيل وهي مغيرة       بزوراء تعطي في اليدين وتمنع

العباس ومدح رسول الله

وذكر أبياتا منها:

نصرنا رسول الله في الحرب سبعة     وقد فر من قد فر فأقشعوا

وثامننا لاقى الحمام بسيفه               بما مسه في الله لا يتوجعُ

 

وقال ابن إسحاق: السبعة، هم: علي، والعباس، وابنه الفضل، وأبو سفيان بن الحارث، وابنه جعفر بن الحارث، وأسامة بن زيد، والثامن أيمن بن عبيد الله.

 

وكان العباس جوادا مطعما، وصولا للرحم، ذا رأي حسن، ودعوة مرجوة. وكان صلى الله عليه وآله وسلم يعظمه ويجله، ويقول: "هذا عمي وصنو أبي"، واستسقى به عمر بن الخطاب.

 

وروى الطبراني، عن خريم بن أوس: "كنا عند النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له عمه العباس: يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك، فقال له النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: "قل لا يفضض الله فاك"، فأنشأ يقول:

من قبلها طبت في الظلال وفي     مستودع حيث يُخصف الورقُ

ثم هبطت البلاد لا بشرٌ              أنت ولا مضغةٌ ولا علقُ

بل نطفةٌ تركب السفينَ وقد         ألجم نسرا وأهله ولا علقُ

بل نطفةٌ تركب السفين وقد         ألجم نسرا وأهله الغرقُ

 

ينتقل من صائب إلى رحم         إذا مضى عالم بدا طبق

حتى احتوى بيتك المهيمن من خندف علياء تحتها النطق

وأنت لما ولدت أشرقت الأر       ض فضاءت بنورها الأفق

فنحن في ذلك الضياء وفي الن    ور وسبل الرشاد نخترق

عبد الرحمن بن عوف

ومن بين الصحابة، رضوان الله عليه، الذين مدحوا سيد الأنام، عليه أفضل الصلاة والسلام، عبد الرحمن بن عوف. ورد في الحديث الشريف بشأن عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه، أنه كان مع النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، في سفر، فذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لحاجته، فأدركهم وقت الصلاة، فأقاموا الصلاة، فتقدمهم عبد الرحمن.. 

 

فجاء النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، فصلى مع الناس، خلفه ركعة، فلما سلم، قال: أصبتم وأحسنتم، وقال الزبير بن بكار: كان عبد الرحمن بن عوف أمين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، على نسائه. وذكر المرزباني عبد الرحمن بن عوف في معجمه، وأنشد له:

 

أجبت منادي الله لما سمعته              ينادي إلى الدين الحنيف المكرم                                       

ألا إن خير الناس في الأرض كلهم    نبيٌّ جلا عنا شكوك الترجم                                            

نبي أتى والناس في عنجهية           وفي سدف في ظلمة الكفر معتم                                        

فأقشع بالنور المضيء ظلامه         وساعده في أمره كل مسلم

وخالفه الأشقوْن في كل فرقة         فسحقا لهم من بعد مهوى جهنم

 

 

توفي عبد الرحمن بن عوف سنة إحدى وثلاثين، وقيل اثنتين وثلاثين، وصلى عليه عثمان بن عفان، بوصية بذلك، رضي الله عنهما.

الجريدة الرسمية