رئيس التحرير
عصام كامل

الفن وسنينه

نور الشريف: عملت كومبارس وعادل إمام أنقذني!

مازال الفنان الكبير نور الشريف يخصني بحكاياته وذكرياته وأسراره ونوادره الفنية، والتي شعرت بالاستمتاع ثلاث مرات بسببها!، المرة الأولى عندما اختارني ليرويها لي وهذا شرف سأظل أعتز به طوال حياتي، والثانية حينما بدأت في سردها على حضراتكم، أما المرة الثالثة فهي مبعثها ردود الأفعال الإيجابية جدًا والمشجعة لأقصى درجة التي كانت ومازالت تأتيني منكم حتى الآن..

 

وهو ما جعلني أستمر بحماسٍ شديدٍ في نشرها تباعًا حتى هذه اللحظة، ولم أكن في البداية أخطط لذلك، بل كنت سأنشرها على فترات كلما سنحت لي الفرصة لذلك. وهذه المرة يحكي لي ولكم الأستاذ نور الشريف عبر العزيزة فيتو، عن حلم التمثيل الذي ولد لديه مبكرًا جدًا والتحاقه بمعهد السينما وتفوقه فيه وحكايته مع عادل إمام وكمال عبد الجواد.

صدمة روميو  
 

في البداية يقول الأستاذ نور الشريف: منذ أن وقفت على خشبة المسرح لأول مرة في حياتي وأنا تلميذ في مدرسة بنبا قادن الإعدادية بمنطقة  الخليفة، التي نشأت بها والقريبة من حي السيدة زينب الشعبي العريق، والذي بلا شك كان له دور في تكويني الفني بعد ذلك، منذ هذه اللحظة، قررت أن تكون حياتي لفن التمثيل.. 

 

وسألت أستاذي بالمدرسة عن شروط الالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، فضحك من قلبه وقال لي: أنت لسة في أولى إعدادي.. لسة قدامك 3 سنين علشان تخلص الإعدادية (كانت المرحلة الإعدادية وقتها 4 سنوات)، و3 سنين علشان الثانوية العامة.. لسة بدري جدًا!


ظل الفن والتمثيل هو حلمي الأكبر حتى حصلت على الثانوية العامة، فتقدمت على الفور  للالتحاق بمعهد الفنون المسرحية دون واسطة، وكانت السعادة التي شعرت بها عند إعلان نتيجة القبول بالمعهد ووجود اسمي بين المقبولين، من أعظم لحظات السعادة في حياتي والتي لن أنساها ما حييت.


وخلال ال 4 سنواتٍ وهي مدة الدراسة بالمعهد، لم أكن أحلم سوى بالعمل في هذا المجال في أي موقع، وفي السنة الثانية بالمعهد رشحني أستاذي العظيم الراحل المخرج نبيل الألفي، لأمثل دور روميو، في رائعة شكسبير روميو وجولييت في شعبة المسرح العالمي التابع للتليفزيون وقتها، وكان أول عقد أوقعه في حياتي بأجر قيمته 150 جنيهًا وكان أجرا جيدًا.. 

 

ولكن للأسف الشديد لم تعرض هذه المسرحية بسبب عدم وجود ميزانية للديكور والملابس! وكانت هذه هي أول صدمة في حياتي الفنية، فعدت مرة أخرى للعمل كومبارس صامتًا أو متكلمًا في المسرح والتليفزيون كعهدي منذ دخولي معهد الفنون المسرحية!

 حسن الإمام وإمام وعبد الجواد 


يستكمل الأستاذ نور الشريف حكاياته عن بداياته الفنية قائلًا: عند تخرجي في المعهد عام 1967 كان أقصى أحلامي أن أصبح معيدًا به، خاصةً أنني كنت الأول على دفعتي بتقدير امتياز طوال سنوات الدراسة الأربع، وهو ما حدث بالفعل والحمد لله.


وكانت أمنياتي أن أقوم بإخراج المسرحيات لفرق الأقاليم في إجارة الدراسة السنوية، وأن أقوم بتسجيل اللهجات والعادات والتقاليد بأقاليم مصر المختلفة، لتكون مرجعًا للمخرجين والممثلين، وفي هذه الأثناء، فوجئت بالمخرج الكبير الأستاذ محمد فاضل -وكان قد سبق لي أن عملت معه كومبارس- يطلبني لعمل اختبار لي  للمشاركة  في المسلسل الشهير القاهرة والناس.. 

 

مع نخبة من النجوم منهم.. صلاح قابيل، محمود ياسين، ليلى طاهر وماجدة الخطيب، وكان هذا المسلسل هو حجر الأساس في حياتي، وفيه التقيت شريكة عمري بوسي لأول مرة، وكان الأستاذ فاضل هو معلمي الأول في حرفية التمثيل التليفزيوني.


ولكن المفاجأة الأكبر والأهم والتي غيرت مجرى حياتي الفنية تمامًا، حدثت عندما طلبني المخرج الكبير الراحل حسن الإمام مخرج الروائع، فذهبت فورًا  لمقابلته في منزله بالزمالك، وأنا في شدة الحيرة والدهشة وأتساءل: ماذا يريد مني هذا المخرج الشهير؟ وكيف عرفني؟ ومن حدثه عني؟ 

 

وأسئلة عديدة أخرى دارت في ذهني.. حتى وصلت إلى منزله وقابلته، وكانت دهشتي الكبرى عندما علمت منه أن من رشحني له هو الفنان عادل إمام وكان وقتها قد مثل أدوارًا صغيرةً مع الراحل العظيم فؤاد المهندس، والتي أنبأت عن نجم كوميدي كبير يولد، وسبب دهشتي تلك أنني لم أكن أعرف عادل إمام على المستوى الشخصي!

 

فسألت الأستاذ حسن الإمام: وعادل إمام شافني فين؟ فقال لي: شافك وأنت بتمثل دور هاملت بمسرحية شكسبير الشهيرة في مشروع تخرجك من المعهد..

 
أنا أذكر هذه الواقعة لأؤكد على أن الفنان الحقيقي هو من يرى في الآخرين موهبتهم، وهو من يساعد الآخرين ويرشحهم في أعمال حتى لو كان لا يعرفهم شخصيًا، وهو ما أجده نادرًا ما يحدث في الوقت الحالي للأسف.


ومن هنا كانت بدايتي الحقيقية في السينما بفيلم قصر الشوق ثاني ثلاثية الأديب العظيم نجيب محفوظ وبطولة نخبة من النجوم منهم.. يحيى شاهين، نادية لطفي، سمير صبري، ماجدة الخطيب، عبد المنعم إبراهيم، وإخراج القدير حسن الإمام في دور كمال عبد الجواد. 


ولهذا فأنا أدين إلى أخي النجم الكبير عادل إمام بأن أصبحت ممثلًا في السينما ووضعت على الطريق الصحيح فيها، فشكرًا عادل إمام على موقفك النبيل مني الذي لن أنساه أبدًا طوال عمري، حفظك الله ووفقك دائمًا.

الجريدة الرسمية