رئيس التحرير
عصام كامل

الفن وسنينه

امنعوا عرض هذه الأفلام لعادل إمام؟! (2)

رغم تأكيدي مرة أخرى على عدم تحبيذي لموضوع  المنع في الفن كونه يمثل وصايةً على حرية الرأي والحق في الإبداع وهي مسألة جدلية يطول شرحها ومناقشتها وتحتمل الكثير والكثير من الآراء المتباينة إلا أنني كما ذكرت في المقال السابق لا أجد مناصًا من المطالبة بذلك المنع والحجب لأسباب أخلاقية أو اجتماعية تتنافى تمامًا مع قيم المجتمع وتقاليده وتهدد سلامته وأمنه وتقاليده ومنهجه الوسطي.. 

 

وبعد أن تناولنا في الجزء الأول أفلام الفنان الكبير عادل إمام التي قدمت نموذجًا لغياب القانون أو تغييبه عن عمد أو بدون مثل المولد وعصابة حمادة وتوتو ومسجل خطر، فإننا سنتناول في السطور التالية نوعية أخرى من هذه الأفلام التي نراها تروج للحل الفردي الدموي وسيادة قانون الغابة وتعظيم النماذج الفاسدة المتسلقة التي تنخر في كيان المجتمع وتحاول هدمه.

 الحل الفردي 


لا شك أن فيلم الغول الذي كتبه المبدع الكبير وحيد حامد وأخرجه القدير سمير سيف عام ١٩٨٣يعد واحدًا من أفضل أفلام الفنان عادل إمام على الإطلاق من حيث الأهمية والأداء، حيث ابتعد فيه عادل إمام تمامًا عن الكوميديا التي كانت سببًا في شهرته ونجوميته العريضة ولم يتردد في قبول دور البطولة الذي كان مكتوبًا للفنان نور الشريف بعد أن قدمه في مسلسل إذاعي يحمل اسم قانون ساكسونيا لنفس المؤلف وشاركته البطولة بوسي الذي كان من المفترض أن تلعب نفس الدور في الفيلم.. 

 

ولكن تفضيل وحيد حامد وسمير سيف لنيللي دفع نور الشريف إلى الاعتذار ليذهب الدور ل عادل إمام وفيه قدم دور الصحفي الثوري الذي دفع ثمن ثوريته ومواقفه بتحجيمه في كتابة مقالات فنية من أجل التواجد فقط! تسوقه الصدفة إلى أن  يكون شاهد عيانًا على جريمة قتل يرتكبها نجل أحد كبار رجال الأعمال -فريد شوقي- الذين أفرزهم عصر الانفتاح والذي يمتلك المال والسلطة ويشتري ويخضع بهما من يشاء..

 

ومن ثم يفلت الابن من العقاب وهو ما يدفع هذا الصحفي الثائر رغم قلة حيلته إلى اتخاذ قرار فردي دموي بقتل رجل الأعمال الكبير المعروف ب الغول، والفيلم يقدم بهذا حلًا فرديًا لقضية اجتماعية معقدة كان من المفترض في الفيلم أن يدعو إلى الحل الجماعي بتوعية أفراد المجتمع وليس إعمال قانون الغابة!

 

في نفس الإطار الحل الفردي نجد فيلم الهلفوت لنفس المؤلف والمخرج وحيد حامد وسمير سيف إنتاج 1984 وشارك في البطولة سعيد صالح مع إلهام شاهين وصلاح قابيل وفيه أخترع عادل إمام شخصية كاريكاتيرية لشاب فقير وضعيف يطلق عليه الهلفوت يعاني من الحرمان الجنسي قبل أن يتزوج من فتاة جميلة مطلقة يعطيها كل حياته ووقته وهو ما يجعله يفشل في عمله البسيط كحامل وموصل للبضائع والأشياء بين سكان قريته..

 

الصدفة تضعه موضع كبير القرية ومرعبها الذي يقتات من قتل الناس بمقابل مادي، وهذه الصدفة تضع هذا الهلفوت في مواجهة خطيرة وغير متكافئة مع القاتل المحترف من جهة ومع رجل ثري وأتباعه تكون نهايتها قتل زوجته الجميلة، ودفعه إلى الحل الفردي الدموي غير المتوقع، والذي لا يتناسب أيضًا مع إمكانياته فيقتل الرجل الثري وكل رجاله في مشهد غريب ومثير ومكرر في بعض الأفلام في غياب القانون والخوف من العقاب!.

 

سلام يا صاحبي.. نموذج آخر من هذه النوعية كتبه صلاح فؤاد وأخرجه نادر جلال عام 1987 وشارك فيه سعيد صالح مع سوسن بدر ومحمد الدفراوي ودار حول اللصين مرزوق وبركات الذين كونا مع بائعة الكشري الحسناء -بطة- شراكة لبيع البطيخ في سوق الخضار في تحديًا صارخًا لسطوة -الكنج - ملك السوق ورجاله فيتعرضون لمضايقات عديدة تنتهى بقبولهما العمل مع هذا الملك وينجحان في توسيع نشاطهما بصورة تزعجه كثيرًا وتدفعه إلى قتل أحدهما بركات فيقرر مرزوق قتله وقتل كل أعوانه بمفرده كأنه شمشون الجبار دون وجودً للقانون والشرطة..

 

 

وينتهي الفيلم بزيارته مع حبيبة بركات وزوجته -بطة- لقبر الأخير! وفي محاولة لتدارك موضوع العقاب القانوني تم إضافة جملة في تترات النهاية أن مرزوق ألقي القبض عليه ليحاكم ولكن هيهات! والفيلم بهذا الشكل يروج بشدة للحل الفردي الدموي بعيدًا عن القانون والعدالة كما أنه يسلط الضوء على نموذجين منحرفين صعدا السلم بطرق غير مشروعة بل أن مرزوق -عادل إمام- كان يستخدم سلاح الجنس مع النساء لتحقيق مكاسب كبيرة للشركة التي أسسها مع شريكيه بركات وبطة؟ِ!  

الجريدة الرسمية