رئيس التحرير
عصام كامل

هموم صحية

غضب الرئيس مبارك أشد الغضب عندما رفعت إليه الأجهزة الأمنية  تقريرا بأن مصطفى كامل مراد رئيس حزب الأحرار منح الإخوان رخصة صحيفة الأسرة العربية، فلم يكن منه إلا أن اتصل بمراد ويبدو أن المكالمة كانت ساخنة جدا.
 

ولم يكن مصطفى كامل مراد من الشخصيات المهزوزة، فقد كان جريئا إلى حد الصدام أحيانا، وبعد أن انتهى الرئيس من محاضرة التعنيف طلب مراد أن يشرح للرئيس وجهة نظره. قال مراد للرئيس: مشكلة الإخوان أنهم يعملون في السر ويدَّعون المظلومية ويجدون صدى في الشارع لأنهم دوما في صفوف المعارضة، ومن المهم أن نتركهم يصعدون إلى السطح ليرى الناس أنهم عاديون وليست لديهم ملكات ليست لدى غيرهم وليسوا ملائكة كما يدعون.


وطلب مصطفي كامل مراد من الرئيس أن يكلف شخصية إخوانية بتولى وزارة الصحة وسأل الرئيس فجأة: هل تعتقد يا سيادة الرئيس أنه لو تولى أحد التابعين وزارة الصحة في مصر هل يستطيع أن يحل مشاكل الصحة لكل هذا العدد من السكان؟ وأردف قائلا: إن الأنبياء عملوا طوال حياتهم وفق الأسباب، والأسباب الصحية في مصر صعبة ومعقدة!


ضحك مبارك وقال لمراد: يبدو أنك منذ أن أطلقت لحيتك أصبحت أقرب إلى الإخوان من الليبراليين الذين تنتمى إليهم، انتهت المكالمة، وبعد خمسة عشر عاما من رحيل مصطفى كامل مراد تحققت نبوءته، فقد اعتلى الإخوان كل مواقع المسئولية في مصر وفشلوا فشلا زريعا.

تحركات مكوكية لوزير الصحة


أقول ذلك وأمامي تحركات وزير الصحة الدكتور خالد عبد الغفار المكوكية يوميا وأتابع الإحصائيات الصادرة عن الوزارة وقد مررت بتجارب شخصية أدركت منها أن لدينا إرادة حقيقية ويجب أن تتوفر في أذهاننا ويقيننا ثقة فيما تقدمه الوزارة من خدمات على أرض الواقع أحسبها من الإنجازات المهمة.


قد تضطرك الظروف إلى دخول المستشفى -شفانا وشفاكم الله- ولا تجد الخدمة كما تتصورها أو تتخيلها ولكن عليك أن تناقش الأمر من زاوية أخرى، زاوية أن سكان بلد وصل عددهم أكثر من ١١٠ مليون نسمة.


ما زلت أتذكر عندما شارك اللواء إسماعيل الشاعر القيادة الأمنية المعروفة في مؤتمر دولي أمنى حول الأمن في العواصم المليونية وعندما أشار أحد الحضور بأن عاصمة بلاده وصل تعدادها إلى ثلاثة ملايين اندهش الحضور من هذا الرقم المخيف، وعندما اعتلى إسماعيل الشاعر المنصة وتحدث عن الملايين العشرة في القاهرة غاب كل اندهاش سابق لحديثه!


ربما لا يكون ذلك مبررا لغياب الخدمة التي نتمناها أو نتخيلها أو ننتظرها ولكنه مبرر قوى أيضا لما حققناه من إنجازات في المجال الصحي تدفعنا دفعا إلى استكمال المشوار وطلب المزيد. ومتابعة بعض الأرقام الصحية في مصر قد يكون حافزا لنا جميعا للمطالبة بتوفير كافة الإمكانيات البشرية والمادية ليكمل هذا القطاع دوره بحيوية وقدرة وتطور.


المعهد القومى للكلى قدم خدماته الطبية ما بين عمليات زرع كلى وجلسات الغسيل الكلوي والجراحات الأخرى لمليون و٨١ ألف مواطن خلال العام الحالي، بينما قدم المعهد القومى للسكر خدماته لمليون و٢٦٣ ألف مواطن وقدم المعهد القومى للكبد خدماته الطبية لأكثر من ٦٧١ ألف مواطن، أما حملة 100 مليون صحة، فقد وقعت الكشف الطبي على ما يقرب من 28 مليون سيدة ضمن مبادرة دعم صحة المرأة المصرية ناهيك عن مبادرة القضاء على فيروس سي والتى تضمنت الكشف على 50 مليون مواطن، بالاضافة إلى مبادرة الكشف المبكر على التقزم والانيميا والسمنة لقرابة 11 مليونًا و158 ألف طالب.

 


هذه ليست أرقام وزارة الصحة وإنما أرقام ثلاثة معاهد وحملات، أما حملة التطعيم ضد شلل الأطفال فقد تبنت كعادتها شعار "للمصريين وغير المصريين" لتطعيم كل الأطفال الذين يعيشون على أرض هذا الوطن من عمر يوم وحتى خمس سنوات.

وقد لا يعنى هذا الناس التي ترى في وزارة الصحة ملاذا لكل مشكلاتها الصحيةن فالوضع ليس مثاليا، ولكنها الأرقام التي ترتبط ببلد يزيد عدد سكانه بشكل أكثر من رهيب!

الجريدة الرسمية