رئيس التحرير
عصام كامل

إعدام الكتاكيت

هي عادتنا منذ عقود، نحذر من الأزمة قبل حدوثها، ولا نتحرك إلا بعد تفاقمها، نحذر من عدم الاستعداد لموسم الأمطار ونطالب بتطهير غرف الصرف الصحي، ثم نتحرك بعد أن تغرق شوارعنا في شبر ميه، فنقيل هذا المسئول ونحيل ذاك إلى التحقيق. 

 

أعيش أزمة أعلاف الدواجن على مدار العامين الماضيين مع عشرات العاملين في هذا القطاع، ورأيت بعضهم يبيع المزارع بثمن بخس لأنه لم يستطع مواجهة أسعار الأعلاف، ورأيت آخرين ينتظرون أحكامًا قضائية لأنهم عجزوا عن سداد قيمة الأعلاف، وجلست مع منتجين لفض نزاعات بينهم بسبب تراكم الدين، وسمعت إستغاثات منتجين يحذرون من تفاقم الأزمة ويناشدون الحكومة بسرعة التصرف للإفراج عن الأعلاف المكدسة في الموانئ، لكن.. لا الاستغاثات ولا المناشدات وجدت من يصغي لها.


وعندما تفاقمت الأزمة.. وشاهدنا بعض المنتجين يعدمون الكتاكيت في مشاهد صادمة.. بدأنا في التحرك، ووضعنا حلولًا للمشكلة، تمامًا.. كما نفعل بعد تفاقم أزمة مياه الأمطار.. نبدأ في تطهير غرف الصرف الصحي.

خطة إنقاذ


في أزمة أعلاف الدواجن خرج وزير الزراعة ليؤكد على وجود الأزمة التي طالت العالم كله بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، لكنه هون منها، ثم بادر رئيس الوزراء بوضع حلول للأزمة عندما خصص ٤٤ مليون دولار للإفراج عن ٦٢ ألف طن أعلاف من الموانئ، على أن تتبع هذه الخطوة خطوات مماثلة.


قرار رئيس الوزراء أثلج صدور العاملين في صناعة قطاع الدواجن، لكنهم حذروا من إستحواذ البعض على النصيب الأكبر من هذه الكميات، لذلك كانت المتابعة مهمة لتحقيق العدالة.. صناعة الدواجن تحتاج إلى خطة إنقاذ يضعها متخصصون وتنفذها الدولة، على أن تشمل زيادة إنتاج الأعلاف لتقليص حجم الإستيراد، فمن غير المعقول أن ننتج ربع ما تحتاجه الصناعة ونستورد كل هذه الكميات، ولو كانت هناك خطة حقيقية للنهوض بهذه الصناعة منذ بداية الأزمة لما وصلنا إلى ما نحن فيه من أسعار للبيض والدواجن غير مسبوقة.


ألا تستحق صناعة الدواجن التي يعمل بها ثلاثة ملايين بشكل مباشر وعشرة ملايين بشكل غير مباشر خطة تشارك في تنفيذها كل الجهات المعنية. إذا كانت الأزمة في عدم توفير الدولار بسبب حالة الإقتصاد المتردية في العالم كله.. فحل الأزمة ليس بإستيراد الفراخ المجمدة والتي تحتاج أيضًا إلى الدولار. وإذا إستسهلنا وإعتمدنا على الإستيراد فهذا إعلان وفاة لصناعة الدواجن وإحالة الملايين العاملين فيها إلى قطاع البطالة.

 


مطلوب على الفور التحرك لإنقاذ هذا القطاع لحماية ملايين الأسر المهددة بخراب بيوتها، وإنقاذ المواطنين من غلاء يأنون منه.. كان على الحكومة أن تتحرك قبل إعدام الكتاكيت، وعليها أن تتحرك قبل إعدام الأسفلت الجديد بمياه الأمطار.

besheerhassan7@gmil.com

الجريدة الرسمية