رئيس التحرير
عصام كامل

تخسر يوميا على الجبهة.. هل سقطت روسيا في بئر سحيقة باحتلال أوكرانيا

بوتين وزيلينسكي
بوتين وزيلينسكي

يوم بعد الآخر تتراجع روسيا بشكل مرعب في أوكرانيا، تتلاشى نجاحاتها الأولية بفعل المفاجآت التي يحدثها الجيش الأوكراني على جبهة القتال، إذ يبدو واضحًا أن الدعم الغربي والتدريب الأوكراني على أحدث التكتيكات العسكرية يكلف روسيا تكلفة فادحة في حرب مع جيش نظامي قوي وليس سهلًا الإيقاع به في المصيدة الروسية، بل من المرجع أن تكون موسكو سقطت في بئر سحيق بإقدامها على هذه الخطوة.

 

امتحان حقيقي

يقول رامي العلي، الكاتب والباحث إنه منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في تسعينيات القرن العشرين، لم تدخل القوات الروسية في امتحان عسكري حقيقي، لذلك حافظت على صورة ذهنية تعتبرها القوة الثانية على مستوى العالم بعد الجيش الأمريكي.

 

أوضح أن القوات الروسية خاضت معارك عسكرية طوال العقود الثلاثة الماضية، ولكن هذه المعارك العسكرية كانت محدودة ومع قوات معادية أقل منها قوة عسكرية وتنظيمية بفارق شاسع، حيث قاد رئيس الوزراء الذي أصبح الرئيس فيما بعد فلاديمير بوتين التجربة العسكرية الأولى بعد الانهيار من خلال الحرب الشيشانية؛ واستخدم قوة نارية هائلة.

 

أضاف: تلا ذلك الحرب في جورجيا حيث كانت حربًا سريعة وخاطفة ومحدودة فرضت من خلالها موسكو كلمتها على الدولة القوقازية الصغيرة وتوالت بعد ذلك الحروب المحدودة الروسية إما بشكل مباشر كما حدث عند احتلال شبه جزيرة القرم في أوكرانيا وإما التدخل في سوريا والقضاء على المعارضة السورية المسلحة بالتحالف مع إيران والنظام السوري. أو بشكل غير مباشر كما هو حادث في أفريقيا عبر مليشيات فاجنر وهي مؤسسة عسكرية خاصة

 

استكمل: كل هذه التجارب العسكرية خرجت منها موسكو بانتصارات ساحقة، وكانت تمسك كل خيوط الصراع في أي مواجهة عسكرية من هذه المواجهات، لكن الحرب الأوكرانية هي الامتحان الحقيقي الأول الذي تخوضه القوات الروسية منذ الحرب الأفغانية في ثمانينيات القرن العشرين.

 

لفت الباحث إلى أن القوات الروسية تواجه لأول مرة جيشًا حقيقيًّا ومنظمًا، تم بناؤه على امتداد السنوات الثماني الماضية استعدادًا لهذه اللحظة، ومنذ الأيام الأولى للحرب ثبت أن روسيا تعاني من نقاط ضعف كثيرة بل إنها تفتقد إلى خيوط الصراع الأساسية، ومن أهمها العماء الاستخباراتي.

 

أضاف: موسكو لم تكن على دراية بالخطط المهيأة للدفاع عن العاصمة الأوكرانية كييف، فكانت اندفاعتها الأولى خطوة باتجاه الجحيم فقدت من خلالها آلاف العناصر من جنودها دون تحقيق إنجاز يذكر، بل إنها اضطرت مرغمة إلى الانسحاب والتركيز على الجنوب والشرق بعد أن أظهرت فشلًا في الخطط العسكرية والدعم اللوجستي. 

 

تحضيرات سرية لـ موسكو 

أشار الباحث إلى أن روسيا حققت بعض التقدم في إقليم الدونباس وسيطرت على ميناء ماريوبول وتقدمت إلى ما بعد خرسون، لكنها في الوقت نفسه كانت غافلة عما يتم تحضيره في الطرف الآخر الذي لا يقتصر على الجيش الأوكراني وإنما معه دعم غربي وأمريكي على وجه الخصوص.

 

تابع: خلال الأشهر الستة الماضية وصلت الأسلحة الغربية المتطورة إلى ساحات القتال وتخرج عدد كبير من عناصر وضباط القوات الأوكرانية في معسكرات تدريب غربية لإجادة استعمال السلاح الغربي، والأسوأ من ذلك بالنسبة لموسكو أن القوات الروسية بتشكيلاتها وتحركاتها وخططها مقروءة بشكل كامل من الاستخبارات العسكرية الغربية وهذه المعلومات هي عمليًا تحت تصرف القادة العسكريين الأوكران.

 

أشار إلى أنه بعد خداع عسكري أقنع الروس بأن الهجوم الأوكراني سوف يتم في الجنوب أدى إلى سحب القوات الروسية إلى مواقع المواجهة، جرى الهجوم الأساسي في أقصى الشمال مع بداية شهر ‏سبتمبر الجاري، تحديدًا في خاركيف وكبد القوات الروسية خسائر فادحة وتقدمت القوات الأوكرانية لأكثر من 3000 كم.

اختتم: لن ينهار الجيش الروسي ولكن هذه التطورات ستجعل موسكو في مأزق سياسي وعسكري، فالاستمرار في القتال سيزيد خسائر القوات الروسية إلا إذا استطاعت أن تمسك بعض خيوط الصراع المتفلتة من بين أصابعها ولا يبدو ذلك مرجحًا، أو الاحتمال الآخر هو التوقف والانسحاب وهذا سيعتبر كارثة وزلزالًا سياسيًّا في موسكو قد يستمر لسنوات.

الجريدة الرسمية