رئيس التحرير
عصام كامل

لا شئ يكتمل!

على المستوى الشخصي لي ولك ولها ولهم، لا شيء يتم وجميعنا يعرف هذا وأصابه الاحباط ألف مرة فما تكاد تبد اتفاقا وتتصافح الأيدى وهات تليفونك وخذ تليفوني، حتى تخرس التليفونات. صمت قاتل ينتهي ضجيجه بأذنيك وحزن وتراجع وضرب كف بكف. ما أحكيه حالنا مع الاندال والاوغاد الذين تكاثروا في العشر سنوات الأخيرة وصارت وجوهم وأسلوبهم وسماجتهم مألوفة. هم لا يحبطهم أحد وهم لا يخدعهم أحد لأنهم ببساطة القائمون بالأدوار. هم موردو الإحباط  هم منتجوه. هذه وظيفتهم: الانتقام والتلذذ.. ناس مريضة.


لا يهم أبدا أن لا شيء يكتمل أو يتم على المستوى الشخصى، الأهم أن الظاهرة ذاتها، يمكن اعتبارها نمطا في أداء الشخصية المصرية من خلال الرصد المنهجي والقياس والتكرار والوصول إلى نفس النهاية أو نفس النتيجة أن لا شيء يتم للنهاية. في الأعمال الجماعية مثل كرة القدم نبدأ متحمسين وفي استحضار كامل لكل قوانا ونحرز هدفا أو أهدافا ومع الوقت يعترينا  شئ ما. 

تفاصيل ناقصة

 

اللفظ يعترى هو المعادل الموضوعي  للفجائية التى تتبدل بها الحالة.. للتناقص المتسلسل فى وقود الروح المصرية. وكما يقع تداعي قطع الدومينو تتداعى الهمة ويحل الخذلان وفي ظلاله نغتنم وننصب سرادقات العويل والمباكتة وتبادل الاتهامات. ليس النمط المخزي هذا قصرا على لعبة من ألعاب الرياضة؛ بل المرض كامن في مواقف أشد حساسية وفي أعمال انشائية كبيرة أو صغيرة ستجد المنظر العام مبهر يخطف العقل ويثير الفرح في النفس لكن مع الاقتراب ستجد التفاصيل الناقصة أو المتعجلة أو المكلفتة.


إمشي على طريق تمت سفلتته ورفع الأسوار العازلة بين شقيه ذهابا وايابا لن تعدم أن تجد غطاء البالوعة المحاط بصبة أسمنتية بارزة يتصيد سيارتك وكل من صدق أنه طريق بلا افخاخ. المنيب حالة جلية وبخاصة عند مطلع الكوبري الوضيع الموصل منه إلى المعادي، وما نقوله يعرفه كثيرون  يتألمون ويصرخون: يا خسارة الحلو لا يكمل. محور جيهان السادات من مدينة نصر ركبته فرحان بالانجاز لكنه ألقي بي في حدايق القبة أنا العائد إلي المعادي. 

 

نعم توجد مخارج ومنازل ولافتات لكنها لافتات مضللة وفي غير اماكنها. اللافتة تفاجئك على شفة المخرج من خلفك سيارات أو نور مبهر يعميك فلا ترى وصراخ متواصل من الكلاكسات ولا يمكنك أن تتوقف. ناهيك عن الحفر والنقر والمطبات تبدو في شوارعنا ضرورة أذى!

 


لماذا لا نتقن العمل  والصبر عليه ولماذا لا نشطب ما نبدأه تشطيبا لائقا بالهمة والانفاق والضمير. هل هو عيب عميق من سمات الشخصية المصرية؟ لا يمكن التعميم فخطة حرب اكتوبر كانت مثالا للكمال بعد دراسات علمية عسكرية جغرافية هيدروليكية. تغيرت الشخصية المصرية وطرأت عليها عوامل خارجية وداخلية عمقت منطق الفهلوة والاستسهال.
ما الحل؟
الحل بدء حملة اصلاح اجتماعي تركز علي قيم الاتقان والصدق تأخرت كثيرا، وما أحوجنا إليها.

الجريدة الرسمية