رئيس التحرير
عصام كامل

تجديد الخطاب الدينى بين أهل الذكر وأهل الهوى

قضية تجديد الخطاب الديني هى قضية قديمة جدا منذ عصر صدر الإسلام، وتتجدد القضية بين الحين والأخر.. تتجدد في طرحها وتتجدد في اولوياتها ومن يتصدون للحوار حولها.. حمل لواءها في فترات تاريخية معلومة أهل الفكر والإجتهاد وفي فترات أخرى كانت مدفوعة من أهل السلطة والحكم.. والقارئ للتاريخ والفلسفة يعلم أن الجزء الأكبر من التراث الإسلامى هو نتاج لأطروحات هذه القضية وتفاعل أطرافها في كل عصر.. 

 

والسؤال، هل نحن بحاجة لإعادة طرح القضية من جديد لتجديد خطابنا الدينى الأن؟ والإجابة حتما ستكون نعم، ويبقى سؤال مهم وهو الحوار حول تطوير الخطاب الدينى مع من وحول من؟ هل هم أهل الذكر، أم أهل الفكر، أم أهل السلطة بتنويعاتها الحديثة، أم هم أهل الميكروفونات الفضائية؟ وتلك مسألة هامة جدا للفصل فيها حتى يتقبل جمهور الناس طرحكم ويتفاعلون معه وحتى لا يتحول نتاج طرحكم إلى أمر مشبوه وتراث فاسد، يحكم جموع الناس إنه فاسد لا تملكون سوى أن  تقلبونه بين ايديكم وأنتم لازلتم على قيد الحياة.
 

والعجيب في الأمر وما يدعونا إلى تصدير تلك الأحكام القاطعة والقاسية على نتاج ما يجرى من حوارات حول القضية تتصدر المشهد فيه الميكروفونات الفضائية بدعاتها وأغلبهم إما جاء من بطن السلطة وافاعيلها أو راكب في سفينة المال والأعمال في توقيت تلطم فيه أمواج الطوفان أهل الأرض واليابسة، أو هم ممن عاشروا وتعاقدوا مع أهل الثقافة المنتصرة في القسم الغربى من الكون.. 

تجديد الخطاب الديني

 

فلم يفهم هؤلاء الأغبياء مقاصد الرئيس من دعوى تجديد الخطاب الديني وقد أعلن أهدافها الصريحة في مؤتمرات دولية وعبر منصات دولية تناقلتها كل الوكالات العالمية مفادها أن الحوار وطنى ومقاصده وطنية لن يفرض فيها الآخر ومن وراءه ثقافة نرفضها أو لا تناسب مجتمعنا أو تتعارض مع معتقداتنا إنما الحوار يستهدف أن يعالج مشاكل في الفهم الدينى والعقائدى الخاطئ إكتوت بلادنا بشروره ويصدر لنا كل يوم أزمة جديدة تعرقل طموحنا نحو مصر جديدة. 

 

فهل هذا ما تدور حوله رحى ميكروفونات الفضائيات المجنسة الأن؟! ولمذا تتصدر طرح الحوار واشعال فتيل الحروب حوله ميكروفونات الفضائيات ودورها الأصيل هو نقل الحدث ومتابعته وليست صناعته. والنتيجة هى قتلته واغلقت قلوب الجمهور تجاه بضاعته.. فما الفائدة الأن؟


أليس من العجب العجاب أن يقود رياح التغيير وحوار التجديد لخطابنا الدينى حواة الميكروفون الفضائى وأعضاء المجلس القومى للأمومة والطفولة بتشكيله الفئوى والمغترب بثقافته وتطلعاته بعيدا جدا عن سكان الحارة والحى والقرية والنجع من بلاد المحروسة الاصليين، فتكون النتيجة استدعاء الثعابين من الجحور لتصارع مفاهيمنا الدينية من الكتاب والسنة وكتب التراث العتيقة، فهل تنتظرون إلا أن يكون نتاجها سموم يفر الناس منها ويهجروها.


نعم سيفر الناس من نتاج هذا الحوار ويلطمون اصحابه لآنهم لا يثقون فيمن يحاورون ولا من دعوهم للحوار مدعومون من أصحاب الميكروفون وهم يرون أن زبانية الحوار يستدعون أهل الذكر للحوار وتقليب صفحات التراث، ثم يضعونهم في أقفاص إتهام محكمة ويستدعون لهم جلادون محترفون للجدل والجلد وكله بثمن، فيتحول المشهد العبثى في كل مرة إلى مجرد صرخات تتعالى من جمهور الحوار مطالبة بفك أثر أهل الذكر وانقاذهم من براثن الجلادين.. 

 

 

أى عبث وأى حوار يراد من وراءه فائدة للناس ويديره تجار كلمة وتتحكم فيه أناس اغتربت كثيرا وانفصلت عن دنيانا وتعيش في ظلال رجل الكاوبوي وشياطينه.. هل ما نقوله هذا وهم؟ لا والله.. فالاتفاقيات الدولية التى وقعنا عليها بدء من الشراكة مع الإتحاد الأوروبى عام ٩٤ وغيرها من اتفاقات حتى مع صندوق النقد والبنك الدوليين خصصت باب كامل يدير تغيير ثقافة المستهلك المصرى وغيره ممن أبرم مثل تلك الاتفاقيات ليدور في فلك العالم الجديد وحكامه في العالم الأول تحت شعار حنحكمكم حنحكمكم. وللحديث بقية ان كان فى العمر بقية.

الجريدة الرسمية