رئيس التحرير
عصام كامل

كأس الأمم الافريقية وتداول السلطة

في كرة القدم تستطيع أن تصل إلى أعلى سلم للسلطة، قد يظلمك حكم المباراة ولكنه لا يزور النتيجة ومواقع ظلمه محدودة ومكشوفة ومفضوحة، والحكم بين المتنافسين والفيصل هو ما تقدمه للجمهور من خدمات حقيقية تكون سببا في سعادته وقدرته على الفخر بأدائك، والجمهور قد يرضى عنك بعد الهزيمة إذا ما أديت واجبك جيدا.

 

إذن النتيجة ليست وحدها سبب رضا الجمهور عنك فالجماهير تقدر اللعبة الحلوة وتقف إلى جوارك إن أحست بصدق نواياك وإخلاصك داخل المستطيل الأخضر. الناس يحبون كرة القدم لأنها ميزان عدل في الوصول إلى أعلى درجات سلم السلطة، لا فرق بين ضعيف أو قوى لأن الأصل هو ما تقدمه من أداء جيد وناجح ومثير.

 

كرة القدم تختلف عن السياسة، نتائج المباريات عادة تعبر عن سير المباراة، وهذا لا ينطبق على السياسة، وفي كرة القدم المنافسة تحكمها قواعد وشفافية خاصة بعد إدخال خدمة "الفار" إذ لا يجوز للحكم أن ينفرد برأى أو يحابى فريقا ضد فريق، وفي السياسة يختلف الأمر كثيرا.

 

 

والناس يعشقون كرة القدم لأن الفاصل بين قمة السلطة وقاعها غير موجود فمن يلعب أفضل يربح القمة. المنافسة شريفة للغاية، أما في السياسة فالأمر أيضا يختلف كثيرا. ونتائج المباريات فاصلة لا لجوء فيها لحكم غير الحكم المتعارف عليه أما في السياسة فالأمور تحكمها قواعد غير متعارف عليها للجميع لذا فإنه من المثير أن يفوز مثلا فريق مدغشقر على الولايات المتحدة الأمريكية إذ ما قدم مباراة طيبة.. لا فيتو في كرة القدم.

من أجل ذلك فإن دولا مثل البرازيل والأرجنتين ليست الأقوى سياسيا ولكن لها الريادة في كرة القدم، تشعر الشعوب أن كرة القدم سباق عظيم النفع ومن خلالها تتبوأ مواقع غير التي تتبوأها في السياسة. باختصار كرة القدم لعبة شعبية والسياسة لعبة فوقية يتحكم فيها القوى في النتائج مهما كان الحق معك.

الجريدة الرسمية