رئيس التحرير
عصام كامل

المخدرات تنهش الصحة وتدمر الدولة (1)

"المخدرات لحست عقله يا بيه فقطع رأس القتيل"، "والله يا باشا أنا بقيت بخاف أنام فى الشقة بسبب ابنى لأنه مدمن"، "يا سعادة البيه من ساعة ما بقى يشرب الهباب وهو حاله انقلب واعتدى على الطفلة جارتنا وهو مش في وعيه"، "يا افندم كان الجاني اللي راكب العربية الغالية ابن صاحب أكبر سلسلة للتجارة في مصر اللي قتل الأربع شباب كان شارب ومش في وعيه"، "قتلت أبويا وأمي وإخواتي بسبب المخدرات مكنتش في وعيي"، "دخل علي يا بيه وكان عاوز يغتصبني وأنا عماله أصوت وأقوله أنا بنتك لكنه كان شارب"..

 

كلمات أصبحت تتردد على مسامعنا كثيرًا من محاضر أقسام الشرطة والنيابات من مجنى عليهم، وقعوا ضحية لمدمن مخدرات، لم يمكنه الكيف، الذى أفقده وعيه أن يميز أقرب الأقربين إليه سواء الأم أو الزوجة وحتى الأبناء والأشقاء فيعتدى عليهم بالضرب والسرقة بالإكراه وربما القتل، مثلما يعتدى على غيرهم، سعيا وراء إشباع نزواته الدنيئة المتمثلة فى تدخين سيجارة مخدرات أو استنشاق الهيروين، أو غيرها من المخدرات والمسكرات المختلفة. 

 

فتعاطى المخدرات يرتبط ارتباطا وثيقا بالجريمة، فكثير ما نرى وقائع من أمثلة، "شاب يقتل أمه ويصيب شقيقه الأصغر بسبب المخدرات، وآخر يعذب طفله بسبب جرعة هيروين، وحبس عاطل قتل والدته بسبب المخدرات، وفصل رأس الضحية وسار به بسبب المخدرات، وقتل عدد كبير من الركاب بسبب المخدرات والسرعة الزائدة، وسرق وقتل وحرق بسبب المخدرات، كما إنتحر لنفس السبب".

 

الجرائم والمخدرات

 

فقد صارت الجريمة في مصر مرتبطة إرتباطا وثيقا بتعاطى المخدرات، فإذا كان هناك أسباب اجتماعية واقتصادية وثقافية مرتبطة بالعنف، فمتعاطى المخدرات والمسكرات يفقد السيطرة على نفسه وعلى أفعاله، ويدمر نفسه وأسرته، ما ينتج عنه تفكك فى العلاقات الأسرية، حيث يصل المدمن للدرجة التى يمكن خلالها أن يبيع نفسه وغيره. ونؤكد أن الإتجار يؤدى إلى التعاطى والعكس، فمثلا متعاطى المخدرات حينما ييأس من الحصول على أموال لشراء المخدر، يلجأ مرغما إلى الاتجار لتوفير المخدر، وهنا تكمن الخطورة.

 

وفي دراسة حديثة أعدها صندوق مكافحة الإدمان على نزلاء إحدى المؤسسات العقابية، أكدت الإرتباط الوثيق بين تعاطى أنواع من المخدرات وجرائم بعينها تفجع المجتمع المصرى الآمن بطبعه. فنتائج هذه الدراسة التي أجريت مؤخرًا أشارت إلى أن 86% من مرتكبى جرائم الاغتصاب كانوا يتعاطون إما مخدر الحشيش أو الشابو أو الفودو، وأن 58% من مرتكبى جرائم هتك العرض كانوا يتعاطون الشابو والترامادول، وأن 23.7% من مرتكبى جرائم القتل العمد كانوا يتعاطون البانجو والاستروكس والحشيش، وأن 24.3%من مرتكبى جرائم السرقة بالإكراه كانوا يتعاطون مخدر الحشيش والفودو، و56.7 %من مرتكبى الجرائم كانوا يتعاطون المخدرات قبل ارتكابهم للجريمة بساعات، وهذا مؤشر قوى على العلاقة الوثيقة بين تعاطي المخدرات ووقوع الجرائم، وتشير الإحصاءات الرسمية أن 87% من الجرائم غير المبررة يأتى تعاطى المواد المخدرة كمحرك رئيسى لها.

 

وشهدت نسبة تعاطي المخدرات 45.1 بالمئة بين الفئة العمرية من 15 لـ 20 عامًا، و34.1 بالمئة في سنّ 20 حتى 30 عامًا، و14.02 بالمئة من الحالات بدأوا في سن أقل من 15 سنة. وكشفت الإحصائيات أن 18% من المصريين يتعاطون المخدرات، وهذا ضعف المعدل العالمى، وأن 27.5 % من متعاطي المخدرات إناث، وأن سن تعاطي المخدرات انخفض إلى 10 و11 عاما، ففى الفئة العمرية من 12 إلى 19 سنة بلغت 10%، و37.8 % في الفئة العمرية من 20 إلى 29 سنة.

 

وتعد المخدرات الحديثة أشد فتكا وضررا من تلك التقليدية القديمة فقد كانت المخدرات فى الستينات لا تخرج عن الحشيش والأفيون، ثم بدأ الهيروين ينتشر، وكل هذه المخدرات صناعة خارجية لتدمير شباب مصر، والهيروين، كان القصد منه القضاء على الأغنياء لأن الطبقة العاملة لم تقو على شراء الهيروين لأنه باهظ الثمن، فسمعنا كثيرا عمن باع أرضه وقصوره وسيارته من أجل الهيروين، كما سمعنا عمن باعت نفسها وأحيانا أبناءها من أجل المخدرات اللعينة.

 

 

وعندما استشعرت أجهزة المخابرات التي تستهدف الشباب المصري، خاصة الموساد والمخابرات الأمريكية والبريطانية أنها هدمت الشباب الأثرياء لجأت إلى سلعة مخدرة رخيصة لا تتجاوز بضع جنيهات، حتى تكون فى متنازل الفقراء، وهو البانجو، ثم العقاقير المصنعة كميائيًا مثل الفودو والاستروكس، وتمكن جهاز الموساد من اختراق المجتمع المصري الفقير واستطاع عن طريق عملائه أن يدرب التجار الصغار على تصنيع المواد الكيميائية في المنازل لتنتج أنواع من المخدرات فتاكة كالبودر والفودو وحبوب الهلوسة والجوكر والكريستال الخ، فانتشرت المخدرات بأشكالها بين الشباب والطلاب فى المدارس والجامعات، وفي الشوارع والحارات حيث أصبحت المخدرات متفشية وإرتفع عدد المدمنين، وحينما يدمن الشاب تنعدم عنده العاطفة والإنسانية، فيلجأ لأى وسيلة توفر له المال لشراء المخدرات ومن هنا تأتى جرائم السرقة والقتل وغيرها.

وللحديث بقية

الجريدة الرسمية