رئيس التحرير
عصام كامل

صلاح ليس مبعوث الأزهر لبريطانيا

محمد صلاح لم يقل الخمر حلال ، ولم يقل صراحة الخمر حرام ولكنه تكلم بأسلوب الداعية إلى الله على بصيرة، وقال كلام أقوى ألف مليون مرة من أن يقول الخمر حرام، بل قال إنه لا يحبها ولا يقترب منها حتى لو كانت حلالا فهو لم ولن يشربها، وعلماء اللغة العربية الحاذقون يفهمون المعنى المستتر في اللغة أي إنها حرام، وحتى لو لم تكن حراما فهو لا يحبها..

 

وهذا كلام الدعاة الملهمين من الله تعالى الذين يحببون الناس في الله بأفعالهم وليس بأقوالهم، سأله عمرو أديب عن الخمر، فقال: لا أحبها ونفسى مبترحلهاش! السؤال لم يكن أصلا عن تحريم الخمر والإجابة كانت ممتازة لنجم يعيش فى مجتمع غربي كله بيشرب. فقام الفاسقون بحملة ممنهجة ضده بأنه المفروض يقول: حرام علشان كده مبحبهاش! وبالتالى محمد صلاح مبيحرمش الخمر! 

 

رغم أن الآيات القرآنية التى تحدثت عما لا يحبه الله دون الإشارة إلى تحريمه!  لأن التصريح بعدم الحب هو التحريم الحتمى قطعًا. 

 قال تعالى: “وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ”، وقوله: “إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا وإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ”، وقوله: “وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ” وكأن المنطق الفاسد يقول: كان لابد لله القول الظلم والفساد والخيانة حرام ومثل هؤلاء يريدون الكون كله والأرض والسماء يفكرون بعقلية قطيعهم!  وكل ما قيل عن محمد صلاح هو حسد من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم حب الله لمحمد صلاح فحسدوه..

 

ذكاء محمد صلاح

 

ومنهم من يحاول أن يصدر تصريحات عنترية عن فلسطين مثلا حتى يلتفت إليه الناس وهو يعلم أنه لن يصل إلى ما وصل إليه قدم محمد صلاح الذي أصبح أشهر من كل مشاهير العالم مجتمعين، فسلام على محمد صلاح وذكائه وحكمته وربنا يرزقه حكمة وفصل الخطاب..

 

هذا العواء علي محمد صلاح المسلم الملتزم لأنه لم يقل حرفيا ما يريدونه، يعني أن الحالة تطورت من “رمي جتت” باسم الدين إلى حُمّي وسعار ضد كل ناجح وضد كل محمد صلاح، وكم الرسائل التي وجهها محمد صلاح والنموذج الذي قدمه لشبابنا وأبنائنا في التواضع والطموح والإرادة والتحدي والالتزام واكتشاف الذات كفيلة بأن تضعه في مكانة القدوة لأجيال وليس فقط لجيله، ومجرد محاولة اختزال حديثه في عدم الإدلاء بفتوي شرعية تؤكد ضيق الأفق وضحالة الفهم وسوء الظن!

 

الرجل تخصصه لاعب كرة قدم وقد أحسن الإجابة على السؤال، لأنه لم يسأل هل الخمر حلال أم حرام؟ فالجميع يعرف أن الخمر في الإسلام حرام كما هو محرم في باقي الديانات، ولكن هناك من يشربها بالرغم من حرمتها، ولكن ما فعله محمد صلاح هو عدم الصدام بالآخر، لآن ذلك من ثقافات المجتمع الذي يعيش فيه.. 

 

إذا كان هناك سؤال آخر وهو لماذا لا يصاحب محمد صلاح النساء وينجب منهن بدون زواج كما يحدث في الغرب، لأنه يعلم أنه زنا وحرام والجميع في العالم يعلم ذلك عن الإسلام، لكنه لن يقول ذلك حتى لا يصطدم بالآخرين.. هي ثقافة مجتمعات وكيفية التعامل معها لاعلاقة لها بالدفاع عن الدين. لا تزايدوا عليه. فهو من  جعل السجود في ملاعب إنجلترا شيئا عاديا للمسلمين، هو ليس مبعوث الأزهر لبريطانيا، وإن كنت أظن إنه قدم للإسلام أكثر مما قدم أي داعية في الغرب.

 

 

وأخيرا مسألة طرح أسئلة مثل شربه الخمر أو غيرها من الأمور الشخصية التى قد تضعه في مواجهة مجتمع يحترف في أحد أنديته الكبرى أمر غير مهنى، ولا يجب أن تطرح هكذا أسئلة على لاعب كرة قدم وأمور تجاوزها الزمن والمهنة.. محمد صلاح ليس داعية ولا يجب أن يطرح فكرة أنه مؤمن فى مجتمع كافر "من وجهة نظر المتشددين" وأنه يفعل الحلال وهم يرتكبون الحرام وأنه فى طريقه إلى الجنة وهم فى طريقهم إلى النار، فى مجتمع لا يفرض عليك شرب الخمر أو أكل لحم الخنزير أو فعل أى شىء يخالف عقيدتك، ويوفر لك ضمانات وحرية ممارسة طقوس عقيدتك.

الجريدة الرسمية