رئيس التحرير
عصام كامل

"بيزنس" واختلاسات.. سر حرب الأوقاف على صناديق النذور

صناديق تبرعات المساجد
صناديق تبرعات المساجد

 

انتهت أمس الاثنين المهلة المحددة من وزارة الأوقاف، لرفع وجرد صناديق التبرعات من المساجد بعد أن ظلت صناديق التبرعات خلال الأعوام الماضية واحدة من أكثر الملفات الشائكة فى وزارة الأوقاف، بالنظر إلى وقائع السرقات المتعددة التى حدثت فى مساجد وزوايا النذور والتبرعات، وهو الأمر الذى أدى إلى صدور قرار من وزير الأوقاف الدكتور مختار جمعة بشأن وضع قواعد وضوابط وحوكمة عملية التبرعات العينية والنقدية بالمساجد، وعدم السماح بوضع أية صناديق بها، باستثناء ما ينظمه القانون بشأن صناديق النذور وآلية قبول أي تبرعات عينية مع الالتزام بكافة الإجراءات القانونية والإدارية لقبولها.

 


وتنفيذا للقرار الوزارى بدأ رئيس القطاع الدينى بالأوقاف فى إصدار قرار بتحديد مساجد النذور التى يسمح فيها بوضع صناديق النذور على مستوى الجمهورية فى موعد أقصاه 20 نوفمبر الجارى، مع تحديد عدد هذه الصناديق بكل مسجد وترقيمها ترقيمًا مسلسلًا، وأماكن وضع كل منها بكل مسجد بناء على اقتراح مدير المديرية، وعدم فتحها إلا من خلال اللجان المشكلة وفقا للضوابط الموضوعة فى هذا الشأن، وفيما يتعلق بالصناديق القديمة يقوم مديرو المديريات الإقليمية برفع أي صناديق مخالفة للتعليمات ووضعها بمخازن المديرية بعد فتحها بلجان تُشكل بمعرفة مدير المديرية وتورد المبالغ المالية الموجودة بها لحساب صندوق عمارة المساجد.


سرقات النذور
الجدير بالذكر أن آخر وقائع السرقة فى صناديق النذور كانت بمسجد السيدة زينب، حيث وصلت تسريبات إلى وزير الأوقاف بمخالفات فى فتح صندوق نذور، ونتج عنه الإطاحة بـ4 قيادات، حيث تبلغ أعداد صناديق النذور فى المحافظات ما يزيد على 200 صندوق، أهمها تلك التى توجد فى مساجد آل البيت، خاصة مسجد الحسين، الذى يوجد فيه 3 صناديق كبرى.


مسجد الحسين
وشهد مسجد الحسين عملية اختلاس أثناء فتح صندوق النذور من "ضياء. م"، موظف حسابات بالديوان العام، وتم اكتشاف الواقعة بعد مذكرة رفعها الشيخ عبد الناصر نسيم، رئيس اللجنة المشكلة لفتح صندوق النذور بمسجد الإمام الحسين، فيما شهدت مساجد أخرى العديد من وقائع السرقة مثل مسجد السيدة نفيسة وأبو العباس ومسجد الحلوجى بالإسكندرية، أما مسجد السيدة زينب الذى يلعب دورا مهما فى «بزنس النذور» فقد تعرض هو الآخر مؤخرا للسرقة على أيدى المكلفين من الأوقاف بفتح الصندوق، وتعود تفاصيل الواقعة إلى قيام كل من "عبد الناصر. ن"، وكيل وزارة، و"ماهر. ع"، أخصائى نظم المعلومات بالأوقاف بمساعدة اثنين آخرين، بتعطيل كاميرا التصوير التى تخرج من وزارة الأوقاف أثناء عملية إفراغ الصناديق.


النيابة العامة
وأكدت مصادر مطلعة فى الوزارة أن الوزير طالب بتفريغ تسجيلات الكاميرا، وحينما علم بعدم التسجيل قرر إحالتهم للنيابة العامة والنيابة الإدارية، بالإضافة إلى إنهاء تعاقد "ماهر. ع"، أخصائى نظم المعلومات، لما نسب إليه من المخالفات أثناء عملية فتح صناديق النذور بمسجد السيدة زينب.


التبرعات فى المساجد
وعلى جانب آخر، تسببت الصناديق والتبرعات فى المساجد والزوايا بأزمات متلاحقة فى صفوف العاملين بالأوقاف بعدما طالت قيادات كبرى على خلفية ترك الصناديق دون رقابة خشية توظيفها من قبل الجماعات الإرهابية كما حدث فى واقعة مسجد "صهيب الرومي" الذى كان فى السابق من معاقل الإخوان الإرهابية فى خروج المظاهرات.


بداية الأزمة
وتعود أزمة "الرومي" إلى شهر أبريل، حينما نشرت قناة الشرق الإخوانية مقطع فيديو لجمع تبرعات فى صحن المسجد، حيث رصدت غرفة عمليات وزارة الأوقاف، قيام قناة الشرق بنشر الفيديو على صفحتها الرسمية على فيس بوك تحت عنوان: "تزاحم رواد مسجد صهيب الرومى للتبرع لإطعام 3 آلاف مسكين"، وذلك على خلاف التعليمات التى أصدرتها وزارة الأوقاف بمنع جمع أي تبرعات داخل المساجد حتى لا يتم توظيفها لخدمة أي طرف.
وقرر وزير الأوقاف بعد الواقعة إعفاء الشيخ سعيد عيسى عطا سليمان، المكلف بتسيير أعمال مدير إدارة شمال القاهرة من منصبه، وعودته لعمله الأصلى، وخصم شهرين من بدل صعود المنبر للشيخ حسام صبرى أحمد السيد إمام مسجد صهيب الرومى بالشرابية بالقاهرة، ونقله إلى إدارة منشية ناصر بالقاهرة، مع إحالة جميع العاملين بالمسجد للشئون القانونية بديوان عام وزارة الأوقاف لتقصيرهم فى أداء عملهم الوظيفى.


أهداف القرار
وقال مصدر مسئول بوزارة الأوقاف إن الهدف من القرار قطع الطريق أمام أي شخص يحاول التربح من "صناديق التبرعات" بوسيلة أو بأخرى غير مشروعة، وكذلك قطع الطرق أمام الجمعيات التى تجمع أي أموال من صناديق المساجد لاستخدامها فى أي أجندات أخرى، مضيفا: "فى حالة وجود مجلس إدارة فى المسجد سيتم إنشاء رقم حساب والتبرعات ستدخل وتخرج بحساب".


وأكد المصدر لـ"فيتو" أن القرار فى صالح الدعوة لمنع التبرع فى غير الجهات الرسمية، متابعا: "كل من هب ودب فى الفترة الأخيرة يمكنه تعليق صندوق للتبرعات، وتوجد زوايا أسفل العمارات وبها صناديق للتبرعات، وهى عبارة عن سبوبة لأشخاص بعينهم".


ويرى الشيخ "محمود.ع" من أئمة الوزارة أن القرار الأخير من وزير الأوقاف ليس جديدا، وهناك تعليمات سابقة بتلك الإجراءات، وأئمة المساجد ملتزمون بها، وهذا القرار فى صالح الدعوة والمساجد لتبرئة الأئمة وبيوت الله من المسئولية الخاصة بتلك الصناديق، وعلى أي أمام يرى صندوقا فى أي مسجد أن يبلغ الإدارة والجهة الإدارية التابع لها، مضيفا: "على الجانب الآخر تؤدى الأوقاف دورها فى عمارة وصيانة بيوت الله والأمر لا يقتصر فقط على صناديق النذور فى صيانة وتوفير معدات المساجد".

الجريدة الرسمية