رئيس التحرير
عصام كامل

حتى الأنبياء تعرضوا لها!

الشائعة مرض اجتماعي قديم قدم الإنسان نفسه، تعرض لها أنبياء الله أنفسهم، ولم تسلم منها دولة على مدى العصور، الشائعات لون من النفاق؛ والمنافقون في الدرك الأسفل من النار؛ لأنهم العدو الخفي الذي تأمنه على نفسك ثم يأتيك من مأمنك، ويطعنك في ظهرك من قريب، وتختلف الشائعات بين سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية لكنها تتفق في المقصد والهدف وهو التدمير والتشويه والإرباك وهي شكل من أشكال الحروب النفسية.. قد تقوم بها دولة ضد أخرى أو جماعة ضد دولة على غرار ما تفعله جماعة الإخوان الإرهابية، أو يقوم بها حزب ضد آخر.. 

 

وتكون الشائعات في السلم كما هي في الحرب؛ ذلك أنها نوع من الحرب المستترة التي ربما يفوق تدميرها ما تفعله الحروب العسكرية التقليدية بل ربما حلت محلها لأسباب عديدة؛ فهي أقل كلفة، وأكثر فتكًا، وهي آخر ما تمخضت عنه فنون الحرب في جيلها الرابع والخامس.

وفي مجتمعاتنا ترصد الحكومات بأجهزتها المختلفة سيلًا منهمرا من الشائعات بصورة يومية؛ تبدأ بالسياسة وتمر بالاقتصاد حتى تصل إلى لقاحات كورونا وملح الطعام ونظام التعليم في المدارس والجامعات.. فليس هناك جهة أو منتج أو صناعة إلا وطالته شائعات يعرف مطلقوها كيف يصنعونها بعناية وكيف يسوقونها للناس حتى تحدث تأثيرها المدوي.

اندهاشي ليس من كثرة الشائعات ولا تنوعها بل ممن يتلقونها في مجتمع يفترض أنه متدين بفطرته، ينهاه دينه – أيًا كان- عن تصديقها بل ويحرمها ويؤثم مروجها بحسبانها كذبًا بواحًا منكرًا شرعًا ومذموما عرفًا بل إنها أخطر الكذب وأكثره ظلمًا للنفس ولغيره وأشدها تدميرًا للعلاقات واغتيالا لسمعة الأبرياء وإثارة للبلبلة وإحداثًا للفتن بين الأفراد بعضهم بعضًا وبين الدول بعضها بعضًا؛ ومن ثم فقد عدّها ديننا كبيرة من الكبائر أدناها بهتان عظيم وأعلاها إثم كبير.

الجريدة الرسمية