رئيس التحرير
عصام كامل

مركب السلايف

خلال استماعي الفقرة الصباحية فى إذاعة البرنامج العام، خُصص جزء كبير منها لمناقشة موضوع سكن الأبناء مع الوالدين بعد الزواج فى عقار واحد، والذى غالبا ما يكون بيتا مكونا من أكثر من شقة بناه أو اشتراه الأب والأم لهذا الهدف خصيصا.

وكانت آراء المشاركين فى هذه الفقرة رغم أن أغلبهم من أبناء المحافظات التى تبرز فيها ظاهرة بيت العيلة، كانت كاشفة للغاية عن صراعات الأسرة الواحدة وخاصة صراعات السلايف، وصراعات الشقيقات البنات مع زوجة الاخ.

رفض الكثيرون بل حدث شبه إجماع على أن هذا الأمر يسبب منغصات كثيرة في حياة الابن وزوجته، إذ يعتبرها الجميع مجرد جارية دخلت البيت لكى تقوم على شئون الجميع، ويكفي أن العائلة منحتها الشرف الرفيع بالزواج من نجلهم المقدس!

في واقعة مقتل محاسب طوخ واتهام زوجته الشابة بقتله، وما أثير عن دور والدة القتيل فى تحفيزه ضد زوجته، بسبه فى رجولته واتهامه بالإنحناء لأوامر تلك الزوجة، ما عزز هذا الرفض الجماعي لتلك الحالة المجتمعية التى تفرز العديد من المشكلات التي تبدأ صغيرة ثم ترتقي إلى درجة القتل وقطيعة الأرحام.

طفل يتشاجر مع ابن عمه، فتتدخل الامهات (السلايف) كل فى صف نجلها، ويأتي الزوج من اعمالهم، فيتم شحن كل اخ تجاه شقيقه، وتكبر المشاكل الى ان تصل احيانا إلى الضرب والمكايدة ودخول أقسام الشرطة.

حكى لي صديقي عن حالة مشابهة لهذا التداخل المقيت، إذ تسكن معهم فى نفس العقار شقيقة زوجته، وهى التى تعتبر أسرته ملكية خاصة لها، وتلزم زوجته بأن تروى لها أدق تفاصيل حياتها، ويا ويل هذه الزوجة إذا خرجت الى التنزه مع زوجها أو مع إحدى صديقاتها دون أن تخبر شقيقتها، وهو ما استدعى موقفا حاسما من الصديق لوقف هذا العبث وإلزام كل أسرة بحالها وشئونها، وبالطبع أصبحت القطيعة هي الموقف السائد حاليا.

ربما حالي مثل حال سائر الآباء، إن قدر الله لي الأجل، فقد أرفض أن تتزوج ابنتى فى منزل عائلة، إذ ربما تبتلى بزوج ظاهره الرجولة وباطنه الانصياع الأعمى لأوامر عائلته، فتقع في دائرة العذاب النفسي والجسدي، ما بين تسخيرها في خدمة عائلة بأكملها، ووقوع مشاحنات مستمرة بينها وبين شقيقات زوجها أو والدته أو سلفتها، تضر بحياتها وقد تؤدى إلى خرابها.

يقول المثل الشعبى الشهير: (مركب الضراير سارت ومركب السلايف غارت)، أى أن معيشة الرجل الواحد بين زوجتين أهون من معيشة الإخوة وزوجاتهم سويا، لما يفرزه ذلك من منغصات كثيرة تؤدي الى فشل الزواج فى اغلب الاحوال.

لا أقول بعدم البر بالوالدين وخدمتهما فى الكبر، ولكن التدخل المفرط فى شئون أسرة الإبن، هو الإفساد بعينه، فماذا لو وضعت تلك الأم ابنتها محل زوجة إبنها، فهل تقبل أن تكون خادمة أسرة بأكملها، تشتمل على أولادها وزوجها وإخوته ووالده ووالدته وأحيانا جده وجدته وأبناء عمومته وخالته ولا مانع أيضا من خدمة المارة فى الشارع والشوارع المجاورة.

ربما قد لا تناسب الظروف الاقتصادية أن يأتي الابن بشقة زوجية منفردة مستقلة عن أسرته، ولكن إذا حدث وكان هذا أمر لا مفر منه، فعلى الآباء والأمهات إدراك أن هذا الإبن أصبح رجلا يافعا مستقلا بحياته وشئونه الخاصة وأسراره الأسرية التي ينبغي صيانتها، بينه وبين زوجته فقط، وأن حياتهما ليست مستباحة للجميع يتحدث بها كل من هب ودب، وأن تلك الزوجة هى إبنة غالية وافدة على تلك الاسرة يجب إكرامها ومعاملتها بما يرضي الله وفق الاصول.
حتما لو طبقنا ذلك، ستختفي الكثير من المشكلات والمنغصات، ويسود الوئام والحب، لنعيش في سلام.

 

الجريدة الرسمية