رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الجنرال يواصل حديثه.. السيسي: الوقت ليس مناسبًا للحديث عن ترشحي للرئاسة والجيوش العربية مهددة بالتآكل

الفريق عبد الفتاح
الفريق عبد الفتاح السيسي

واصلت الزميلة "المصرى اليوم" نشر انفرادها بالحوار مع الفريق أول عبدالفتاح السيسى؛ القائد العام للقوات المسلحة؛ وزير الدفاع، والذى لم يؤكد فيه أى نفي لإمكانية ترشحه للرئاسة؛ وإن قال الوقت ليس مناسبا للسؤال عن ترشحه للرئاسة..


السيسى فى الحلقة الثالثة من حواره، أكد أن الجيوش العربية تتعرض للتآكل، وأن هناك مخططا من جماعة الإخوان لنشر الفوضى فى ربوع مصر.


ورفض السيسى تلويح الولايات المتحدة الأمريكية بقطع المعونات الأمريكية، مؤكدا أن مصر بلد كبير ولا يمكن الحديث عن أوراق ضغط تستخدم ضد إرادة المصريين.


 وإلى نص الحوار:


 للقدر فى حياة الفريق أول عبدالفتاح السيسى، تصاريف..

كان للمقادير كلمتها، حين غيرت مسار حياته - على غير رغبته - من الالتحاق بكلية الطيران بعد تخرجه فى الثانوية الجوية، ليلتحق بالكلية الحربية.. ولعل القدر كان يهيئه لدور أكبر، فبدلاً من أن يصبح قائداً لسلاح الجو، وهو قمة المناصب القيادية للطيارين المقاتلين، صار قائداً عاماً للقوات المسلحة كلها، فى ظرف تاريخى غير مسبوق، وعند مفترق طرق مصيرى فى تحديد مستقبل مصر وشعبها.


 ومن يدرى ماذا تخبئ الأقدار لابن حى الحسين، الذى كانت صورته ممنوعة من الظهور، وكان اسمه محظورا الإفصاح عنه قبل ثلاث سنوات مضت، بحكم حساسية منصبه حينئذ كمدير للمخابرات الحربية، ثم أضحت صورته معلماً فى المنازل، وبات اسمه هتافاً على الشفاة منذ الثالث من يوليو الماضى..


يؤمن السيسى إيماناً عميقاً بالقدر، ويرضى بما قسمه الله، لكنه يؤمن أيضاً بالسعى والاجتهاد والتفانى والتضحية من أجل بلوغ المقصد.


يتمنى أن يرى «مصر قد الدنيا»، يدرك أن الطريق شاق والتحديات جسام، لكنه أول من يعرف كم هى غلاّبة إرادة المصريين.

فى الجزء الثالث من حواره لـ«المصرى اليوم».. أفاض الفريق أول السيسى فى الحديث عن القوات المسلحة بعد 40 عاماً من نصر أكتوبر.. تناول التحديات والتهديدات التى تجابه البلاد.. وتطرق إلى المساعدات العسكرية الأمريكية.

كشف «السيسى» عن مفاجأة فى التحقيقات الخاصة بمذبحة الجنود الصائمين فى رفح، وعرض نتائج العملية «سيناء».

تحدث «السيسى» أيضا عن خارطة المستقبل.. عن الدستور والانتخابات البرلمانية والرئاسية.

سألناه عن نشأته واهتماماته وعن الزعيم عبدالناصر الذى يقترن ذكره باسمه، وعن الرئيس السادات.


 وطرحنا عليه السؤال الذى ينتظر الملايين سماع إجابته عنه: ماذا لو طلبت منك الجماهير الترشح للرئاسة؟..


 ■ أربعون عاماً مضت على نصر أكتوبر المجيد.. ما ملامح التطور الذى شهدته القوات المسلحة إعداداً وتدريباً وتسليحاً خلال السنوات الأربعين الماضية، وبالأخص خلال العام الفائت؟

- إعداد وتدريب وتسليح القوات المسلحة، يحكمه العديد من الاعتبارات فى مقدمتها: العقيدة الوطنية الثابتة للقوات المسلحة المصرية، التى تستهدف فى جوهرها الحماية والدفاع عن مصالح وأهداف الأمن القومى فى أبعاده ودوائره المختلفة.

الخبرات والدروس المتراكمة التى تم اكتسابها سواء فى الإعداد أو إدارة العمليات فى حرب أكتوبر المجيدة، وهى ذخيرة مازلنا نحيا بها، وتلك المتحصل عليها من دراسة واستخلاص الصراعات، خاصة التى تشهدها المنطقة.. وكذلك الخبرات الناتجة عن الاحتكاك والتدريبات المشتركة التى تنفذها القوات مع الدول الشقيقة والصديقة.

المواءمة بين متطلبات القوات المسلحة.. وإمكانيات واحتياجات البلاد، فالقوات المسلحة هى أحد عناصر القوى الشاملة للدولة تؤثر وتتأثر بما يمر بها.

وفى هذا الإطار فقد حرصت القيادة العسكرية منذ حرب أكتوبر على بناء قوة عسكرية قوية ومتطورة، من خلال خطة لها ملامح رئيسية تأخذ بالآتى:

* الاحتفاظ بالحجم الأمثل من القوة البشرية، تطبيقا لمبدأ الكيف وليس الكم.

* الارتقاء بنوعية المقاتل الذى أثبت فى حرب أكتوبر أنه مفتاح النصر، وذلك بالإعداد المعنوى والفنى والبدنى والإدارى، بما يضمن الولاء والانتماء فقط للوطن، والقدرة على تلبية احتياجات التعامل مع التطور التكنولوجى لنظم التسليح ومعدات الدفاع الحديثة، وإمكانية سرعة استيعاب وتنفيذ النظريات وأساليب القتال الحديثة تحت جميع الضغوط المنتظرة بالعمليات المستقبلية.


 * امتلاك نظم التسليح ومعدات الدفاع المتطورة بتنفيذ خطط الإحلال للنظم المتقادمة واستثمار التقدم التكنولوجى، والكفاءات الوطنية فى الحفاظ على نظم التسليح المتيسرة فى أعلى حالات الكفاءة الفنية والعمل على إطالة أعمارها وتطويرها.


 * الارتقاء بمستويات الكفاءة القتالية للقوات، بالحفاظ على حالات الاستعداد القتالى، وتطوير مستويات التدريب على مختلف المستويات، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة لخفض الإنفاق، وكذلك التوسع فى التدريبات المشتركة التى يشكل أحد كوادرها اكتساب الخبرات والتعرف على النظم الحديثة، من معدات ونظم تسليح والإلمام بالنظريات الجديدة فى القتال.


* تنمية وتطوير قاعدة الإنتاج الحربى الذى يمثل هدفا وطنيا لتقليص الفجوة التكنولوجية، وزيادة الاعتماد على الذات فى الوفاء باحتياجات القوات المسلحة.


 بالنسبة للعام الماضى.. كان أمام القوات المسلحة تحدٍ قوى، فقد كان عليها الدخول فى سباق مع الزمن لاستعادة الكفاءة القتالية للوفاء بالتزاماتها فى ظل التحديات والتهديدات التى تواجه الأمن القومى «داخليا وخارجيا»، بشكل غير مسبوق فى تاريخ مصر الحديث، وهو الأمر الذى معه تم العمل بالتوازى على مختلف المحاور من:


 * إعادة تأهيل وإعداد الضباط والأفراد نفسيا ومعنويا وفنيا وإداريا، لإزالة الآثار المترتبة على الضغوط التى تعرضوا لها خلال المرحلة الانتقالية واستعادة الكفاءة القتالية.


 * إعادة تسليح العديد من الوحدات بمعدات وأسلحة ومركبات حديثة، وفقا لخطط الإحلال المعدة لذلك، وقد شاهدتم معنا العديد من طوابير تفتيش الحرب، سواء للوحدات المحدثة أو التى تم تزويدها بالنظم الحديثة.


 * إعطاء اهتمام خاص لتنفيذ الأنشطة التدريبية، فى إطار الاستعداد لتنفيذ المهام الأساسية فى الحماية والدفاع عن الدولة، التى برزت آثارها الإيجابية فى الحرب الجارية لاستعادة الأمن فى سيناء.


 ربما تعرف أنت وآخرون أن التقديرات كانت تقول إن الجيش أمامه ما بين 3 إلى 5 سنوات حتى يستعيد مكانته بعد ما حدث فى الفترة الانتقالية الأولى، وأنت تدرك أنه خلال شهور قليلة استعاد الجيش ثقته بنفسه وثقة الشعب به وبقدراته، وأصبح لديه أعلى درجات الاستعداد على كل مستويات القيادة وضباط الصف والجنود، وأقوى تفاعل بين الجيش والشعب، وكل ذلك حدث فى زمن وجيز تحدى كل التوقعات، حدث فى أقل من عام، بعون الله وتوفيقه، فالله يعلم نوايانا وأمدنا بالعزم وساندنا.


 ■ هل نحن قادرون على الدفاع والردع ومجابهة العدوان؟.. وهل يمكن القول إن حرب 1967 غير قابلة للتكرار؟

- بدايةً حرب 1967 كانت حدثاً طارئاً فى تاريخ العسكرية المصرية، كان له ظروفه واعتباراته، التى استهدفت فى جوهرها ليس المشروع الوطنى وإنما أيضا القومى بالمنطقة، بضرب حجر الزاوية لهذا المشروع.

وبالتأكيد لن يسمح أى مواطن وطنى ومخلص وشريف بتكرار هذا الحدث، والأهم دون مبالغة يمكننى القول إننا اليوم نواجه ما يفوق تهديد 1967 بأدوات وأساليب أشد خطورة، تتطلب التكاتف والتعاون من الجميع، لضمان حشد جميع مقدرات القوى الشاملة للتصدى لهذا التهديد.

فالقوة العسكرية هى أحد مقدرات القوى الشاملة للدولة.. ودون التكامل والتنسيق بين مختلف هذه القدرات لا تتمكن الدولة من مجابهة العدوان. وهذا التكامل والتنسيق كان أحد الأسباب الرئيسية فى صمود الدولة المصرية بعد حرب 1967، وهو الذى مكننا من إعادة البناء والإعداد لتحقيق نصر أكتوبر العسكرى، ومن خلاله أيضا تم استكمال المهام واستعادة كامل الأراضى المصرية.


 ومن هذا المنظور، فإن المنظومة العسكرية المصرية بنيت وتطورت وفقا لمفاهيم إستراتيجية تتوافق مع متطلبات التصدى للتهديدات التى تفرزها المتغيرات فى البيئة الأمنية المحيطة من ناحية، وتقوم على امتلاك قدرات الدفاع والردع لمجابهة أى عدوان على المصالح والحدود المصرية من ناحية أخرى.


 نحن دولة لا تتجاوز حدودها، وتعرف جيدا كيف تحافظ على كرامتها وعزتها مهما حدث، وهذه الحدود للبلاد التى تشكلت عبر آلاف السنين نحن راضون بها، ولا نقبل من أى أحد مهما كانت قوته أو جبروته أن يمسها، وأى جهة تحاول العبث بأمننا أو حدودنا لابد من إيقافها عند حدها، لأن الحدود كرامة ونحن شعب لا يقبل أن يمس أحد كرامته.


المصريون بطبعهم شعب هادئ وصابر ويريد العيش فى سلام وأمن، المهم أن يعيش بكرامة، وهذا ما يجعلنا نقول إنه حتى لو كان أمامنا أقوى جيوش العالم فلن يتجاوز حدوده، لأن ذلك أحد الثوابت الرئيسية للشخصية المصرية.


 ■ الجيش المصرى هو الجيش العربى الوحيد الباقى فى الدائرة الضيقة للمنطقة.. هل تشعر بأن هناك خطة تستهدف هذا الجيش؟ وكيف نتحسب لمثل هذه المؤامرات؟

- المؤكد أن منطقتنا، خلال السنوات الأخيرة، تمر بمرحلة إعادة صياغة وتشكيل ليس فقط بالخريطة السياسية للنظم القائمة، وإنما تشمل أيضا البناء الجغرافى للدول، وتوزيع القوى والمصالح وهيكلة الترتيبات الأمنية بالمنطقة.

وهى بلا جدال ترتبط بالتحولات التى يشهدها النظام العالمى، ومصالح القوى الدولية التى مازالت تعتبر المنطقة أهم المرتكزات الرئيسية فى معادلة توازن القوى، انطلاقا من موقعها الجيوبولتيكى والجيوإستراتيجى وما تملكه من موارد وثروات.

وللأسف الشديد، فإن أحد أهم المتغيرات التى طرأت على المنطقة، خاصة فى دائرتها الضيقة، هو سقوط وتآكل الجيوش العربية، الأمر الذى بالتأكيد لا يصب فى الصالح العربى بصفة عامة ومصر بصفة خاصة.

وخلاصة مختلف الدراسات تؤكد أن هناك تهديدات قوية لا تستهدف فقط القوات المسلحة، وإنما مختلف أركان الدولة المصرية من قوات مسلحة وشرطة وقضاء واقتصاد وغيرها.

لذا فالحذر والانتباه والإدراك العميق لحقائق التهديد، هو البداية الحقيقية للتحسب لمثل هذه المؤامرات.. والقضاء عليها يتطلب التوافق والتعاون والتكاتف بين مختلف قوى الدولة لحشد الجهود وتوحيدها فى اتجاه البناء والإنتاج واستعادة الأمن والاستقرار.


■ كيف تطورت فنون الحرب فى القرن الحادى والعشرين.. وما أخطر تهديد يواجه مصر فى تقديرك؟

- فنون الحرب حاليا تطورت، وكما قال الرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريجان: إن العالم يعيش حرب معلومات، هذا هو الواقع فى العصر الحديث، وأدوات هذه الحرب حاليا كبيرة جدا، وأدواتها من بينها الفهم الكامل أولاً لتحديات البلاد، ولابد لنا كمصريين أن نعى ذلك جيدا، وأن نعرف أننا فى حالة حرب، وللأسف ما يردده البعض من معلومات ومفاهيم خاطئة، ليس فى صالح البلاد، ويتحول المواطن فى هذه الحالة إلى جزء من المشكلة بدلا من أن يكون مساهماً فى الحفاظ على الأمن القومى للبلاد، هذه هى الحرب الحديثة، وأنا بصراحة أرى أنه لابد من وضع منظومة متكاملة تتدخل فيها جميع العناصر، بما فيها الإعلام، لتوعية الناس بالمشاكل وضخ المعلومات الصحيحة للمواطن، الذى من حقه الحصول على معلومات غير مضللة.


وللأسف الشديد ما فعله النظام السابق، وما يحاول أن يقوم به أنصاره حاليا، يضر بالأمن القومى للبلاد، من خلال نشر الشائعات والإساءة للجيش وبث معلومات مغلوطة، ومحاولة إدخال البلاد فى حالة الفوضى، وحجم «الكذب والافتراء» الكبير جدا، الذى نعانيه حاليا، خاصة إذا ما ساهمت فى ذلك عدة وسائل إعلام من المفترض أنها تشكل وعى المجتمع.

تعال نتجاوز هذه المرحلة التى يحاول البعض من خلالها استعداء بعض القوى والتيارات الموجودة فى البلاد على بعض قيادات الجيش، وهذا الحديث ليس هدفه الانتقاص من أحد، لكن هدفه توصيل رسالة بأنه لابد عليكم أن تنتبهوا إلى خطورة دس هذه الشائعات والأكاذيب التى لا تصب فى النهاية فى صالح الوطن.


 ولابد أن نعى جيداً أن البعض يجهز خططا ضد البلاد لخلق حالة من الفوضى من خلال الكذب، وهذا الكذب جزء من خطة يريد أصحابها من خلالها حصار الوطن فى مستنقع من الأكاذيب الباطلة، لتحقيق أهدافه التى تتعارض بالطبع مع مصالح البلاد العليا، والتى يحاول البعض من خلالها إظهار الوضع على أن هناك حالة من الاضطراب الشديد والفوضى العارمة والعنف غير المبرر من جانب السلطات، كل هذه أكاذيب فى إطار خطط موضوعة لزعزعة الأمن القومى.


 وهؤلاء يحاولون ترسيخ فكرة أن السلطة هى العدو الحقيقى، من خلال بعض وسائل الإعلام، التى تعمل على مدى 24 ساعة على ترديد الأكاذيب لتشكل وجدان الناس بالوضع الذى تريده.

ورغم هذه الخطط يدرك المصريون جيدا أنهم لن ينسوا حالة الفشل الشديد فى إدارة البلاد فى ظل حكم النظام السابق، والطوابير الطويلة أمام محطات الوقود للحصول على البنزين والسولار.

الناس لن تنسى ذلك رغم محاولات أصحاب هذه الخطط تشكيل وعى وواقع جديدين، يحاولون ترسيخهما فى وجدان الناس، التى خرجت مثل الطوفان يوم 30 يونيو، احتجاجا على الأوضاع، التى يحاول أصحاب هذا المخطط محوها من ذاكرة الناس، لدرجة أنهم يحاولون أن يجعلوا الشعب ينسى لماذا خرج فى ثورة 30 يونيو.

والإعلام يجب أن ينتبه إلى أن هذه الحرب الحديثة ضد مصر، من خلال تصدير واقع على خلاف الحقيقة، ونقله إلى دول العالم، والمؤسسات الإعلامية تبنى شكلاً وتحافظ على هذا البناء حتى لا يسقط، وهذا الشكل الذى يتم التعامل وفقا له، قد يدفع القائمين على إدارة الأزمة إلى تبنى قرارات بناء على تقديرات غير دقيقة إطلاقا، فالإعلام جزء من التقدير، وكذلك المخابرات جزء من هذا التقدير الذى يسبق اتخاذ القرار.


 لكن ما يحدث حاليا هو أن هؤلاء يحاولون تشكيل الوعى الداخلى والخارجى، بما يخدم أهدافهم ومصالحهم، بغض النظر عن مصلحة البلاد العليا، وأصعب ما فى الأمر أن نكون نحن كمصريين - دون أن نقصد - نرتكب ما قد يضر بالأمن القومى للبلاد، ونسهم فى بناء تقديرات خاطئة عن الصورة لأنه فى ظل هذا الوضع يتم نقل الصورة بشكل «مشوه» لا علاقة له بالواقع، وما يحدث حاليا هو مخططات لجعل الدولة تأكل نفسها، وعدد من النخب لا يدركون ذلك ولو أدركوه لا يوعون الناس به، ولا يكشفون للناس أن هناك من يحاول خلق العدو من «جوانا».


 ■ من يحاول خلق هذا العدو بداخلنا؟

- للأسف من الداخل والخارج، وبعضهم يفعل ذلك بقصد، والآخرون دون قصد بالطبع.

وأريد أن أقول إنه يجب منع هذا الاختراق نهائيا بالانتباه الجيد للخطط التى تستهدف أمننا، ولابد أن يكون لدينا الوعى الكامل بحجم المخاطر الشديدة، وحرب المعلومات الدائرة حولنا.

ولابد لجميع المصريين أن ينتبهوا إلى خطورة بعض «منصات الحرب الإعلامية الخارجية» التى تساهم فيها بعض وسائل الإعلام المحلية، دون قصد، خاصة إذا كان ذلك يحدث فى الوقت الذى نرى فيه من حولنا «منصات حروب إلكترونية» لا ندرى من وراءها.

ولن يستطيع أحد مجابهة هذه الحرب دون أن تكون لديه جميع آليات المواجهة، وحجم الوعى الكافى بمدى وخطورة التحديات التى تواجه الوطن، وأن نعلم جيدا من هو العدو الحقيقى وأن تكون لدينا قدرات وآليات الدولة التى تستطيع مجابهة كل هذه التحديات، فى ظل كل المخططات التى تحاك ضدنا.


 وأنا أطمئنك، وأنت تقصد الجانب المادى من الإمكانيات والسلاح، أن لدينا الإمكانيات التى تجعلنا نحمى حدودنا ونتصدى لأى عدوان، لكن يتبقى الخطر الحقيقى الذى قلته من قبل وهو تزييف الوعى وعدم صياغته بالشكل الأمثل ليتصدى لأى مخطط.


■ ما تأثير هذه الحرب الإعلامية المعلوماتية على القوات المسلحة؟

- عندما حاول البعض أن يلعب على ضرب الجيش فشلوا فى تحقيق نتائج إيجابية تصب فى مصلحتهم، وأنا أقول لك «بجد» إنهم فشلوا لأنه تم بذل جهد «جبار» لخلق حالة ممانعة فى الشخصية العسكرية، وهذه الحالة لا تتأتى إلا من خلال عدة عوامل، منها نزاهة القائد، لأن القائد النزيه والشريف تجد جميع الناس سعيدة بقيادته، ولن يخدعها أحد، ونحن ممانعتنا قوية جداً بفضل الله، والحمد لله، كمؤسسة عسكرية، نجحنا بفضل الله، خلال مدة زمنية قصيرة جداً أن نصل إلى حالة من الاقتناع التام، داخل وجدان القيادات والضباط.

ودون حالة «الممانعة» التى أحدثك عنها، نصبح مثل شخص ألقيت به فى البحر، وتطلب منه السباحة وإنقاذ نفسه، هذه الممانعة خلقتها حالة تحصين الشخص وتأهيله وتدريبه بشكل فعال، وتنمية وازع عشق الوطن فى شرايينه، والثورة كانت حدثاً مفاجئاً إلى حد ما، ولم يكن أحد يجهز لها، ولا يجب أن نفصل حالة الدولة المصرية قبل الثورة عن حالتها بعد الثورة، هذا خطأ لا يجب أن نرتكبه بالعكس قبل الثورة كانت حالة البلاد ضعيفة وبعد الثورة زاد هذا الضعف، وإحنا النهارده لازم نفهم أن التحدى ليس مجرد جيش حديث ودبابة من أحدث طراز، لازم نعلم أن هناك عقائد ونظريات حرب حديثة، يتم ممارستها الآن، خاصة أن الكتلة الصلبة فى أى دولة هى الجيش، والخطط التى تم ويتم وضعها وضعت هذه (الكتلة الصلبة) فى إطار الخطط والأهداف المستهدف تدميرها، لأنه لو دمر هذه الكتلة الصعبة لنجح فى تحطيم الدولة بالكامل، لأن الجيش هو حائط الممانعة وحاجز الصد الأخير.


 نعود إلى سؤالك.. وهو: هل لدينا القدرة والممانعة على مواجهة العدوان على أراضينا؟ أقول لك بكل صدق وصراحة إن الممانعة لم تكن موجودة إلا فى الجيش تحديداً، قبل 25 يناير، ثم مع اتساع حجم التحديات والتهديدات تراجعت قدرة الدولة، لكن ظل الجيش يحافظ على قدراته، رغم أن حصيلة قدراته لن تساوى حصيلة قدرات الدولة كاملة بالطبع.


 ■ هل تم إعداد الضباط وصف الضباط والمقاتلين لمواجهة ومجابهة تطورات الحرب الحديثة؟

- الجهد الذى تم بذله خلال الفترة الماضية كان يركز على كيفية بدء خطوات جدية لإعادة صياغة شخصية فرد الجيش، ليستطيع التعامل مع مثل هذه الأمور بشكل أو بآخر، لأن ذلك أصبح واقعاً موجوداً، وعلينا شئنا أم أبينا أن نتعامل معه، وكان لابد من تكثيف الجهد للوصول إلى هذا الهدف، وإعادة تشكيل الوعى، بما يرقى إلى مستوى الثورة التى قام بها شعب مصر العظيم.


وتشكيل هذا الوعى مسئولية عدة «جبهات» لأن الإنسان هو أغلى ما لدينا، ومن هذه الجبهات الأسرة، التى يترتب عليها الجزء الأكبر من مسؤولية تشكيل هذا الوعى، ثم يأتى دور المدرسة، ولابد أن نتساءل: هل تساهم المنظومة التعليمية فى تشكيل وعى الفرد بالصورة المثلى المطلوبة، أم أن بها خللاً لابد من إصلاحه، لأن المنظومة التعليمية لابد أن تفرز منتجاً تعليمياً يرقى بشخصية وعظمة الإنسان المصرى، الذى أبهر العالم بقوته وعزيمته وكبريائه وصموده، خاصة فى ظل التحديات الكبيرة التى تواجه البلاد، وبالمناسبة كل مجتمع لديه التحديات الخاصة به، حسب ظروف كل بلد.


وبالتالى من المنطقى ألا تكون التحديات التى تواجه المواطن المصرى مثلاً تساوى التحديات التى يعيشها الفرد الأمريكى، أولاً لأن الظروف مختلفة، وثانياً لأن تعامل المنظومة الأمريكية ومعطياتها تختلف عن تلك الموجودة فى مصر.


والعنصر الثالث المهم فى تشكيل الوعى هو الدين، فالدين هو حائط الصد، الذى يحمى الإنسان ويشكل وعيه وروحه إلى جانب دور الإعلام، الذى يشكل أحد الأركان الرئيسية فى إعادة تشكيل الوعى وبناء الوجدان، وهذا المنتج الذى تفرزه جميع العناصر التى ذكرتها من قبل، وهى الأسرة والتعليم والدين والإعلام، يأتى لدينا فى القوات المسلحة، بكل ما به من مزايا ومساوئ، لذا لابد من أن تكون لدينا منظومة سليمة ومتكاملة لصياغة وعى هذا المنتج، سواء كان ضابطاً أو ضابط صف أو جندياً، لأساهم من خلال صياغته، فى أن أدفع إلى المجتمع بمنتج له فكر راق ومنضبط، يعرف جميع حقوقه وكل واجباته، ليساهم فى النهاية فى تنمية المجتمع، ولا يقتصر الأمر على إعداد هذا الضابط أو الجندى، ليكون مقاتلاً، ففى النهاية نحن لا نستهدف سوى مصلحة البلاد العليا، التى تتطلب أن تكون جميع المؤسسات متكاتفة للحفاظ على هذه المصلحة.


 وكل هذه الأفكار موجودة، لكن كل ما أحاول حالياً أن أفعله هو تطوير هذه الأفكار، لإعداد منتج لا يستهدف سوى مصلحة مصر، ويكون مستعداً دوماً للتضحية بنفسه فى سبيل هذه المصلحة، مهما بلغت التحديات والصعوبات التى تواجهه، لأنه لابد من الدفع إلى المجتمع بعناصر جديدة تساهم فى بنائه.


 وأنا أحاول جاهداً الوصول إلى هذا الهدف لأننا جميعاً لا نعتبر المؤسسة العسكرية غريبة عن الوطن، هى جزء منه، جزء رئيسى ومهم، وهى تحاول من خلال ما لديها أن تساهم فى سبيل تحقيق هذا الهدف، فلو كانت القوات المسلحة مثلاً، دفعت إلى المجتمع بـ2 مليون شخص يتم تأهيلهم كما ينبغى لمواجهة التحديات، والمساهمة فى بناء المجتمع، خلال السنوات العشر الماضية، فإن هذا إنجاز، لأن هذا المنتج الذى تم تأهيله وتدريبه، سيصب فى النهاية فى صالح مصر، لأن هذا العدد تمت إعادة صياغته وتأهيله بما يليق به كفرد مصرى.


 وهذا لا يعنى أننى أعارض الصياغة الموجودة لتشكيل وبناء وعى وشخصية المصريين، لكن لدينا آلياتنا وبرامجنا التى يجب ألا نتنازل عنها، والتى تشكل الوعى وتصقل الشخصية بالعزيمة والعلم وحب الوطن، حتى أننى أسمع بعض الناس يسألوننى: «هوه إنتم فى الجيش بتعملوا إيه فى المجندين.. إحنا بنشوفهم بيدخلوا الجيش بشخصية، ويخرجوا منه بشخصية مختلفة لها عزيمة وصلابة وقوة وإيمان.. هذا ما نريده، خاصة فى ظل التحديات الصعبة التى تعيشها البلاد على كل المستويات، خاصة على المستوى الاقتصادى وحالة العوز التى يمر بها كثيرون، وضع تحت كلمة «حالة العوز» خطوطاً عريضة.


 وأسألك: إزاى فى ظل هذا الوضع هايعيش ابنك وابنى وابن «الراجل الغلبان» وابن الغنى فى مجتمع واحد، رغم تفاوت جميع مستوياتهم، المالية والاجتماعية والثقافية والتعليمية؟.. للأسف هذا ما حدث خلال السنوات الماضية، وجميع المدارس على مختلف مستوياتها الحكومية والخاصة أفرزت حالة من عدم التناغم والتناسق، وهذا الوضع جعلنا نتكلم لغات مختلفة عن بعض، رغم أننا جمعياً مصريين، وعايشين فى بلد واحد، كل ذلك يحدث لأن الصياغة التى تتم فى التعليم تشكل جزءاً كبيراً من الوعى والشخصية، وهذه المستويات متباينة، كل حسب نظام المدرسة ومستواها ومناهجها وكفاءة القائمين عليها ومدرسيها.


 وأنا فى الجيش أتسلم هذا الشاب الذى تخرج فى المدارس الحكومية والجامعات الحكومية، مع زميله الذى تخرج فى أفضل المدارس وأرقى الجامعات الخاصة، وأعيد صياغتهم، حتى يخرج الجميع لديهم قاسم مشترك، ودرجة ما من التناغم والكفاءة والانضباط والثقة والعزة والوطنية، وهذا الهدف الذى لا نتنازل عنه أدى فى النهاية إلى تشكيل وعى الجميع.


 ■ المعونة العسكرية تستخدم كأداة أمريكية للضغط على مصر.. هل نستطيع الاستغناء عن المعونة؟ هل تحسبنا لاحتمالات قطعها؟- العلاقات الإستراتيجية المصرية - الأمريكية تقوم على المصالح المتبادلة، فالولايات المتحدة القطب الرئيسى فى النظام العالمى، ومصر دولة قوة رئيسية فى محيطها الإقليمى، وتقوم أيضاً على الاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشأن الداخلى، فالحديث عن أدوات ضغط أمر لا نقبل به فعلاً أو تلويحاً.


والمعونة العسكرية تم النص عليها وتحديدها ارتباطاً بمعاهدة السلام التى تستند فى أركانها على توازن القوى بين الأطراف، وبالتأكيد لها عائد إيجابى على تحقيق المصالح والأهداف المصرية والأمريكية أيضاً.

وبهذه المناسبة لابد من شكر الأصدقاء بالولايات المتحدة الذين ساهموا فى الإفراج عن قيمة المساعدات العسكرية الباقية لهذا العام وقيمتها 548 مليون دولار رغم الأزمة التى نشهدها جميعاً ودفعت بالإدارة الأمريكية لتعليق جزئى لأنشطة الحكومة الفيدرالية.


وبالتأكيد فإننا فى القوات المسلحة كنا نأمل فى الحفاظ على العلاقات والارتباطات الإستراتيجية مع الأصدقاء ليس بالولايات المتحدة فقط وإنما فى العالم، فإننا دائماً ما نتحسب لجميع الاحتمالات، حفاظاً على متطلبات الأمن القومى المصرى الذى لا يقبل السماح بالتأثير السلبى عليه.

وحتى نتحدث بمنتهى الإنصاف، فإنه لابد أن نقول إن كل ما نحن فيه كقوات مسلحة هو جهد سنوات طويلة سابقة، والقوات المسلحة خرجت من حرب 1973 بحجم أسلحة ونوع يكاد يكون معظمه لا يذكر، لكن خلال السنوات الماضية كان هناك شكل من أشكال التنوع لكن لايزال جزء كبير من أسلحتنا مرتبطاً بروسيا الاتحادية والاتحاد السوفيتى القديم والكتلة الشرقية فى بعض الأفرع، مثل الدفاع الجوى، وبشكل أو بآخر هناك جزء كبير فى القوات البرية وآخر فى القوات البحرية قائم على الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، وما أريد أن أقوله خلال الفترة من 1973 حتى الآن شهدت القوات المسلحة تطويراً ضخماً جداً فى الأسلحة والمعدات وحتى التدريب والتخطيط وعناصر الكفاءة فى المعدات.

وأنت لا تتصور أن فرق المشاة فى حرب 1973، كيف أصبح شكلها حالياً، قدرات نيرانية لا يمكن تصورها، وهناك تطور كبير جداً جداً أكبر مما يتصور الكثير من الناس حتى العسكريون الذين كانوا فى الجيش، ولكى نكون منصفين يجب أن نقول إن كثيراً من جيوش العالم تطورت إلى حد كبير جداً بعد حرب 1973 وليس الجيش المصرى فقط، لكن هذا الجيش تم تطويره بشكل قوى جداً جداً، وبه شكل من أشكال التنوع وتطور السلاح.


ولابد حتى نكون منصفين أن نقول إن الولايات المتحدة الأمريكية كان لها نصيب كبير فى هذا التحديث.


 ■ ماذا عن تجميد جزء من هذه المساعدات هذا العام؟

- الإشكالية الموجودة فى هذا الأمر والتى تجابه الإدارة الأمريكية هى إشكالية قانونية، وهى توصيفهم فى القانون الأمريكى لما حدث فى مصر من ثورة، وأصبحت لديهم إشكالية حول استمرارية هذه المساعدات لكن نحن نريد أن نكون واضحين ونقول إنهم حريصون على استمرار هذه المساعدات وألا تنقطع، وهم يحاولون اتخاذ إجراءات تتسق مع روح القانون والتعامل مع أن ما حدث فى مصر تم من خلال إرادة شعبية فليس لديهم توصيف يقول تغيير الحكم بإرادة شعبية أو بانقلاب، هم لديهم تغيير الحكم بالنظم القانونية المتبعة، وهذه هى الإشكالية الحقيقية التى تواجه صانع القرار فى التعامل معنا فى شأن موضوع المساعدات.


 لكن من الواضح أنه كلما تقدم الوقت، يجدون أن ما حدث فى مصر كان إرادة شعبية، وأن المؤسسة العسكرية لم تقفز على السلطة وتستولى عليها، بدليل أن هناك مؤسسة رئاسة كاملة ومجلس وزراء كاملاً، والمؤسسة العسكرية عبارة عن عضو فى الحكومة بصلاحيات عضو لا تزيد على ذلك.


 ■ فى يوم 5 أغسطس عام 2012.. وقعت مذبحة رفح الأولى.. هل توصلت التحقيقات إلى نتائج محددة فى كشف المتورطين فى هذه المذبحة البشعة ؟ وهل صحيح أن مرسى عرقل التحقيقات وطلب من القوات المسلحة عدم الاستمرار فى العملية سيناء؟

- أقدر فى البداية الاهتمام الوطنى لدى الناس، بالتعرف والإلمام بحقائق هذه المذبحة البشعة التى استهدفت أبناءنا، وهم يتأهبون للإفطار فى شهر الصيام، وسبق أن أكدت أن دم الشهداء لن يذهب أدراج الرياح، وتعهدت بالقصاص، والعملية سيناء الجارى تنفيذها على أراضى سيناء اليوم خير شاهد على العهد، إلا أننى أيضا أطلب الانتظار لحين انتهاء التحقيقات الكاملة بشأن الحادث، التى ستكشف لشعبنا عن معلومات وحقائق ذات أبعاد كثيرة وآثار متعددة تتطلب التأنى والتحسب والتدقيق.


وأريد أن أقول إننا لسنا بحاجة فى الفترة الحالية لأن نقول كلاما يجعلنا نرى الأمر بنظرة قاصرة، حتى إن بعض المتدينين متألمون لما حدث، لأن الأمر يتعلق بضباط وجنود مصريين من نسيج المجتمع المصرى، وليسوا تابعين لجيش دولة أخرى، وأنا قلت وحذرت من أن هناك إشكالية كبيرة جدا، هى أننا لابد ألا نحول الخلاف السياسى إلى صراع دينى، وكثيرا ما حذرت من ذلك لأن هناك بعض الناس تتصور أن الأمر صراع ضد الإسلام، وهذا ليس حقيقيا بالطبع ولا يمكن أن يفكر مصرى وطنى بهذا الشكل.


وكثير من الناس لم يكونوا يدركون حجم المخاطر المترتبة على غياب المؤسسة الأمنية، فى التعامل مع فكرة التطرف، لأنه يجب أن نكون على علم بأن هناك تديناً عاقلاً وسطياً وأن هناك تطرفاً، ونحن نريد الممارسة الدينية الرشيدة، ولابد أن تكون الدولة لديها جميع المؤسسات القادرة على رصد ومتابعة تطورات المجتمع، لأننى لا أستطيع أن أقول إن الـ90 مليوناً الموجودين فى مصر على قلب رجل واحد، ولن يكون ذلك، فكيف تكون هناك دولة قوامها كل هذا العدد ولا توجد بها الأجهزة القادرة على رصد النشاط غير الآمن على المصريين وعلى الدولة المصرية ومتابعته، وكل الإشكاليات التى نواجهها الآن من أسبابها أن هذه الأجهزة غابت نحو 3 سنوات.


■ هل توصلت نتائج التحقيقات فى مذبحة رفح الأولى إلى مؤشرات حول المتورطين ومدى صلة جماعة الإخوان أو حركة حماس بالمذبحة.. ومتى ستعلن نتائج التحقيقات؟

- أستطيع أن أقول إن نسبة من المتورطين فى المذبحة تم القبض عليهم ويتم التحقيق معهم، وأرجو ألا نقفز على نتائج التحقيقات، نحن لا نسىء إلى أحد ولا نبرئ أحداً فى المرحلة الحالية.


 ■ كم عدد المتورطين فى المذبحة؟

- عددهم ما بين 25 و30 شخصاً، بعضهم دخل إسرائيل فى مركبة «فهد» استولوا عليها وماتوا بعد أن تم تدمير المركبة داخل الحدود الإسرائيلية، وهذا عمل طبيعى بالمناسبة، لكن العدد الأكبر كان قد هرب وتم القبض على بعضهم، وأنا لا أريد أن أختزل الأمر فى مسألة القبض عليهم وهل هم مرتبطون بجهة ما أم لا، فلابد أن يكون لدينا تصور للبناء الفكرى للتيارات المتطرفة، حتى نستطيع التعامل معها، لأن هذه القضية تحتاج منا كمجتمع وقفة، ولا تمر هكذا، فنحن لدينا إشكالية يجب أن نتصدى لها بالعقل والعلم والإرادة، لأننا فى النهاية نتعامل مع جزء من جسدنا ولو نجحنا فى أن نداويه أفضل من أن نقوم ببتره.


 ■ هل لنا أن نتوقع نتائج حاسمة للعملية سيناء فى القريب؟

- بالتأكيد، فقد شهدت الفترة الأخيرة تقدما كبيرا فى العملية «سيناء» بفضل شجاعة وإقدام وتضحية أبنائنا من القوات المسلحة وأشقائهم فى الشرطة، وتعاونهم مع سكان سيناء الذين يثبتون كل يوم مدى وطنيتهم وتضحياتهم من أجل هذا الوطن.


إلا أننى أتوقع استمرار العمليات لفترة قادمة، ارتباطا بتعقيدات العملية، نتيجة تعدد أبعادها بحكم الطبيعة الجغرافية والتركيبة السكانية ودائرة الجريمة التى تتشابك فيها أصابع الإرهاب مع عمليات التهريب والجريمة المنظمة بأنواعها، وكذلك احتياجات التنمية والتوعية الدينية.

نحن حققنا نتائج مرضية فى الفترة الماضية، والقوات موجودة فى كل مكان بسيناء.


 ■ هل نستطيع أن نقول إن هناك قدرا من السيطرة على سيناء؟

- لأ؛ مش قدر.. هناك سيطرة.. لكن لا نستطيع أن نقول إنها كاملة، لأن هناك عناصر فى منطقة العريش بالذات تعيش فى وسط الناس، ونحن نتحسب فى التعامل معها حتى لا نؤذى أحداً من الأبرياء.


 ■ ننتقل إلى خارطة المستقبل.. هل ترى سيادتك أن مدة الشهور التسعة المحددة للمرحلة الانتقالية الثانية كافية لإنجاز الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية خاصة فى ظل الأوضاع الأمنية غير المستقرة؟

- إنجاز استحقاقات خارطة المستقبل دون تقييد وفى التوقيت المحدد أعتبره التحدى الرئيسى الذى يجب أن يعمل الشعب المصرى على تحقيقه من أجل تنفيذ أهداف ثورته، وإثبات أن الإرادة الشعبية تعلو جميع الرغبات والإرادات وهى دعوة لاحترام العالم لهذه الإرادة، وتحقيق ذلك خلال مدة 9 شهور أمر ممكن إذا توفرت الإرادة الوطنية، وتعاونت وتكاتفت القوى والأحزاب السياسية فى العمل، وإجهاض جميع محاولات عرقلة وإجهاض خارطة المستقبل.


 ■ بالقطع.. تتابع مناقشات لجنة الخمسين، هناك من يطالب بتعديلات دستورية فقط، وهناك من يتحدث عن وضع دستور جديد.. هل ترى أنه بالإمكان الوصول إلى دستور عصرى حديث يليق بمصر؟

- لابد من تكاتف كل الجهود، الإعلام والمجتمع المدنى والنخبة من أجل الوصول إلى المصلحة العليا للبلاد عن طريق الحوار والتوافق، لأنه فى النهاية لن يعلو صوت على صوت الحق، حتى لو كان التوافق على الدستور أو أى قضية مصيرية أخرى فى حدود نسبة 70٪، المهم الحفاظ على تماسك البلاد، وأن نتجاوز المرحلة الخطيرة التى نمر بها حالياً.

أما عن مسألة إجراء تعديلات أو وضع دستور جديد فعبقرية القرار تأتى من القراءة الصحيحة المتأنية والعاقلة للمشهد، لقد اتفقنا على مطالب معينة ويجب أن نحترمها ولا نتجاوزها.


إننى أدرك أن من حق الجميع أن ينشد المثالية فى كل الأمور، ومن بينها كتابة دستور مصر العظيم الذى يأتى بعد ثورة أبهرت العالم، لكن لابد أن ننتبه إلى شىء أهم هو أن الوطنية «مش مجرد كلام»، الوطنية عبارة عن ممارسة وسلوك وترجمة على أرض الواقع، وتغليب المصلحة العامة، على ما دونها، مهما كانت التضحيات، ومهما بلغت الخسائر الشخصية، ولابد لكل حزب أن يعى أن المهم فى النهاية ليس مجرد حصة فى البرلمان، أو مكاسب سياسية يمكن أن يحققها، لكن المهم هو المصلحة الوطنية العليا، فهى الهدف الأسمى الذى ينشده جميع الشرفاء، وهذا الهدف هو أغلى ما نرجوه، وأنا أرى أنه لو لم يدخل شخص أو حزب ما داخل منظومة الدولة فإنه من الأفضل فى هذه الحالة أن يتكاتف مع الجمع الموجود داخل هذه المنظومة، من أجل تحقيق الحلم المتمثل فى دولة ذات كرامة ومواطنين أحرار، هذا أفضل بكثير من أن أكون داخل هذه المنظومة دون أن أتمكن من خدمة البلاد، ولابد على كل من يشغل منصباً سياسياً أو حزبياً، أن يغلب المصلحة العليا للبلاد، لأن هذه المصلحة هى التى ستجعل «الكرامة» تسرى فى جميع العروق، بعد سنوات ذاق خلالها الشعب «مر الهوان» وقهر الظلم.


والأهم أن البناء والتنمية والتقدم لن تتحقق فقط بدستور جديد وبرلمان ومؤسسات مجردة، لكن لابد أيضاً من أجل الوصول إلى الدولة العصرية الحديثة المتقدمة التى ننشدها وأن نكون صادقين مع أنفسنا، مؤمنين بأهمية التوافق والوحدة والتماسك مدركين خطورة العقبات التى تواجهنا، والتحديات التى تنتظرنا ونعمل جاهدين على الوصول لهدف واحد، هو كرامة ونهضة وريادة مصر والحفاظ عليها، وسط كم التحديات والمخاطر التى تواجهها، ولابد أن نتجاوز المرحلة الحالية بأقل جهد ممكن ليس بسبب أننا بذلنا جهداً كبيراً خلال المرحلة الماضية، لكن أيضاً لأننا نريد أن يكون هذا الجهد أقل دائماً، لنركز فى جوانب أخرى، ومنها التنمية والإنتاج.


 ■ هناك من يطالب بانتخابات رئاسية قبل البرلمانية، هل تتفق مع هذه المطالبة؟ أم تفضل الإبقاء على مراحل خارطة المستقبل دون تغيير؟

- بالتأكيد إن من يطالب بهذا له أسبابه ومبرراته وشواغله التى علينا أن نحترمها فى إطار حرية الرأى والتعبير.

إلا أننا نقف فى مرحلة شديدة الحساسية والخطورة تستدعى منا السرعة فى التحرك للأمام لبناء مؤسسات الدولة وتوفير الظروف المناسبة لاستعادة الأمن والاستقرار وتحقيق طموحات شعبنا وأهداف ثورته فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.وتحقيق ذلك يتطلب منا الإسراع بتنفيذ خارطة المستقبل، التى جرى التوافق الوطنى حولها، وتجنب أى إجراءات تعرقل تنفيذها، فأى تغيير أو عرقلة لتنفيذ خارطة المستقبل لا يخدم الأهداف القومية وإنما يضر بالمصالح وأهداف الثورة.


وأنا أفضل أن نقبل بتعديل الدستور فى أسرع وقت للانتقال إلى المرحلة التالية فى خارطة المستقبل، فالتحديات التى تواجه مصر جسيمة ونحن لا نملك ترف تضييع الوقت.


 ■ هل كنت مستعداً لدفع الثمن، وأنت تنتصر لشرعية الشعب الذى قام بالثورة؟

- أولاً أنا مش هاعمل أكتر من اللى أنا عملته فى التحديات اللى واجهتها بسبب موقفنا من الشعب وثورته، ولا أعتقد أن هناك ثمناً أكبر مما يحدث الآن، لكى تكون الأمور واضحة، أنا جئت موقعى ووجدت تياراً يحكم البلد، كنا نعامله بمنتهى الأمانة والإخلاص، وذمة وشرف، وحاولنا أن ينجح ليس حباً فيه ولا انحيازاً له، لكن كنا نتعامل بمنطق الوطنية الذى يتطلب التضحية بالنفس وبأى منصب، من أجل البلد.


 وكنت أنا أقول إن محصلة سقوط هذا التيار ستمس مصر، ونحن لم نكن نستهدف سوى مصلحة البلد، نريد للناس أن تتعلم تعليماً لائقاً، وتشعر بالأمان، وتعيش بكرامة وتكبر على عشق تراب الوطن، هذا ما كنت أتمناه.

وأقسم بالله العظيم، أننى لم أفعل شيئاً ضد هذا البلد أو أعبث به لأننى أعلم جيداً أنا عملت إيه زى ما أنا شايفك أمامى الآن.

وهذا ما يجعلنى واثقاً جداً من نفسى، مش بس عشان المصريين، لكن عشان ربنا اللى أنا رايح له، لأننى مهما فعلت ومهما وصلت إلى أى منصب وكان ربنا مش راضى عنى مش هاكون كسبان أى شىء، لأن هذا الموضوع يقلقنى جداً، لأننى يوماً ما سأقف أمام يدى الله، وسوف أسأل عن كل ما فعلت، فلا يمكن أن أكون قمت بأى عمل لا أدرك تماماً من واقع اجتهادى أنه الحق والصواب، على مدار عمرى منذ تشكل وعيى، وأنا فى هذا الإطار، كنت متيقناً تماماً، من خلال اجتهادى المتواضع، أنه الحق والصواب.

وأقول لك إن كثيراً من النخب والسياسيين نسوا شكل الدولة المصرية، وما كانت ستصل إليه الأمور، لو الأوضاع استمرت على ما كانت عليه، قبل 30 يونيو، لمدة شهرين أو ثلاثة لأن الحرب الأهلية كانت ستقع خلال هذه الشهور القليلة لو استمرت الأوضاع على حالها.

وهذا يقودنا إلى الحرب المعلوماتية التى تحدثت عنها، وهى أن تكون هناك «منصة» تقوم بهذا الدور، وهذه المنصة قد تكون مجرد «دويلة» يتم ترشيحها واختيارها فى ضوء مقومات تمتلكها وتمكنها من النجاح فى القيام بالدور المرسوم لها جيداً، وأنا أسأل سؤالاً مهماً جداً هو: «حد ييجى جنب المارد اللى اسمه مصر وينهش فى لحمه».


المهم أريد أن أقول لك إنه لم يكن هناك ثمن أكبر من الذى كان يمكن دفعه يوم 3 يوليو.


■ هل كانت أمنيتك منذ الصغر أن تكون ضابط جيش؟

- لأ.. طيار حربى.


 ■ أعرف أنك التحقت بالثانوية الجوية وتخرجت فيها، لكن الاختبارات الطبية حوّلت مسارك من الكلية الجوية إلى الكلية الحربية.. هل شعرت وقتها بالإحباط؟

- لأ.. بالألم ولسنوات طويلة.


 ■ تصاريف القدر إذًا هى التى حولت مسارك، لعله لحسن حظك وحظنا، فلو تخرجت طيارا لكان أقصى منصب تصل إليه هو قائد القوات الجوية، لكنك أصبحت القائد العام للقوات المسلحة، وقُدت تدخل الجيش استجابة لثورة 30 يونيو.. ما الذى تقوله لأى شاب شعر بالألم مثلك فى بداية حياته؟

- أقول له أن يسعى ويرضى، فلا يكتفى بالسعى دون الرضا، ولا بالرضا وعدم السعى، أقول له عليك بالسعى والقدر آت.


■ من الشخصية التى تأثرت بها وتعتبرها قدوة أو مثلاً أعلى؟

- سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وصحابته الذين أقتدى بهم فى رشدهم فى فهم صحيح الدين.


 ■ نشأت فى منطقة الأزهر والحسين، كيف تأثرت بأجواء تلك المنطقة التى تعتبر قلب مصر؟

- فعلا هذه المنطقة المفعمة بالحياة هى قلب مصر، وهى التى شكلت الشخصية المتوازنة الوسطية التى نتعامل بها مع كل الناس.. المسلم والمسيحى، المصرى والأجنبى، وتأثرت كثيرا بفضيلة الإمام متولى الشعراوى، وعلم الشيخ صادق العدوى، وغيرهما.. ووجدانى، كمصرى متدين وسطى يعشق وطنه، تشكل فى ربوع الأزهر والحسين.


■ أعرف أنك تحمل تقديرا كبيرا للزعيم الراحل جمال عبدالناصر والرئيس الراحل أنور السادات، كيف ترى كلاً منهما فى جملة؟

- جمال عبدالناصر الزعيم الذى حمل هموم الشعب بإخلاص فلم ينسه الشعب، وأنور السادات.. اختيار القدر لاستكمال مسيرة الحرب والسلام.


 ■ بماذا تشعر عندما ترى صورك مرفوعة بجانب صور عبد الناصر، وكيف أحسست عندما قال لك نجله عبدالحكيم إنك امتداد للزعيم والأقدر على قيادة الأمة؟

- عندما يذكر أحد اسمى بجانب اسم الزعيم عبدالناصر.. أقول دائما "يارب أكون على قدر هذه الثقة".


 ■ أعرف أنك قارئ جيد، هل مازلت نهماً للقراءة رغم مشاغلك؟

- أنا أعشق القراءة، وظللت قارئا نهما، أقرأ فى كل الأوقات والأماكن.. حتى عندما كنت قائدا للمنطقة الشمالية العسكرية.. ولكن مشاغل العمل بعدها كمدير للمخابرات الحربية ثم قائد عام للقوات المسلحة قلصت الوقت المتاح للقراءة.


■ من كاتبك المفضل؟

- الأستاذ محمد حسنين هيكل.


■ هل تجد وقتا بين مشاغلك لممارسة هواياتك القديمة؟

- أهوى الرياضة والتأمل، ومازلت أمارس رياضة المشى.

■ لك عبارة مفضلة، وهى أن مصر أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا، كيف تصبح مصر قد الدنيا وتشهد نقلة كبرى فى التنمية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية..؟ متى نرى بلدنا كما نتمناه؟

- مصر تمتلك مقدرات القوة الشاملة، من كتلة حيوية كالأرض والسكان والموقع الجيوبولتيكى/الجيوإستراتيجى والمناخ، ومن موارد اقتصادية وسياسية، وعناصر القوى الناعمة، كالحضارة والثقافة والعقيدة، ما يسمح أن تكون قوة إقليمية فاعلة بمحيطها الإقليمى الذى هو صمام الأمن والسلام للنظام العالمى، وتحويل هذه المقدرات لقوة فاعلة مؤثرة، يتطلب توافقا وطنيا وإرادة قوية من الجميع للتعاون والعمل الحقيقى، ثم تخطيطاً واستراتيجية عملية تضع فى اعتبارها طموحات وآمال الشعب فى استعادة مشروعه الوطنى والقومى بالمنطقة.. ولا يتحقق هذا الإنجاز إلا بالإدراك الحقيقى للخطر والاحتياجات والإمكانيات والتكافل الاجتماعى حتى النهوض، وأمامنا نموذج الهند التى اقتربت عام 1991 من إعلان الإفلاس، ولم تملك فى حينه سوى ما يقرب من احتياطى نقدى يكفى أسبوعين، إلا أنها قررت العمل ووضعت هدفا ثابتا لتقدمها ونموها، حتى صارت اليوم ثالث أقوى اقتصاد فى العالم بعد الولايات المتحدة والصين.. ومازالت تعمل لتحتل المركز الأول.


■ ما الرسالة التى تود أن توجهها للمصريين الآن؟

- أقول: مصر منتظرة منكم الكثير، «مصر منتظراكم ارفعوا من شأنها»، فهى تستحق منكم أن تعانوا من أجلها.. مصر صبرت علينا كثيرا ولا يجب أن «نكسر بخاطرها أكتر من كده».


■ متى يعود الترابط واللُحمة بين كل أبناء الشعب؟

- اللُحمة والترابط والتكاتف تعود بأفكار مبدعة وإدارة رشيدة.


■ نأتى للسؤال الذى ليس منه بُد.. دائما تردد أنك تحت أمر الشعب وإرادته.. ماذا لو طلبت منك جماهير الشعب أن ترشح نفسك وتخوض انتخابات الرئاسة.. كيف سيكون موقفك؟

- الأمر الذى تتحدث فيه أمر عظيم وجلل، لكنى أعتقد أن الوقت غير مناسب الآن لطرح هذا السؤال، فى ظل ما تمر به البلاد من تحديات ومخاطر تتطلب منا جميعا عدم تشتيت الانتباه والجهود بعيدا عن إنجاز خطوات خارطة المستقبل التى سيترتب عليها واقع جديد يصعب تقديره الآن.

ثم صمت السيسى لحظات.. وقال: الله غالب على أمره.


■ متفائل بالمستقبل؟

متفائل.. علشان ربنا موجود.

Advertisements
الجريدة الرسمية