رئيس التحرير
عصام كامل

170 بطلا من قرية واحدة.. "الصنافين" تكرم أبناءها المشاركين في حرب أكتوبر

فيتو

ظهيرة الأحد الماضي، وبينما كانت مصر تحيي الذكرى الـ 46 لنصر لانتصارات أكتوبر المجيدة، كانت قرية "الصنافين" التابعة لمركز منيا القمح والتي تعد أكبر قرى محافظة الشرقية، على موعد مع احتفال فريد من نوعه ذو مذاق خاص ترك أثره عميقا في نفس كل صغير وكبير من أبناء القرية حتى اللحظة التي تكتب فيها هذه السطور؛ فمدرسة الشهيد "سامي شاهين" التي خلدت لافتاتها اسم أحد شهداء الدفاع عن أرض سيناء الحبيبة، احتضنت خلال هذا اليوم بين جدرانها 170 بطلا ومحارب من أبطال حرب 6 أكتوبر، في يوم إنساني بحت، جمع فيه مجلس أمناء المدرسة برئاسة الصيدلي عصام شمعة و14 شخصا آخرين من أبناء القرية، كل أبناء القرية الذين نالوا شرف الجندية وشاركوا في الحرب، وقدر لهم أن يخرجوا منها سالمين، "كانت لافتة صغيرة منا وعرفانا بدورهم وإثبات إننا لسه فاكرين ما قدموه لأجل مصر" يتحدث عصام شمعة.



قبل نحو ثلاثة أيام من حلول الذكرى الـ 46 للانتصار، اجتمع مجلس أمناء المدرسة في الغرفة المخصصة بمناقشة القضايا المتعلقة بالمدرسة، أو القرية ككل، يتناقشون فيما بينهم عن الكيفية التي سيخرج عليها حفل ذكرى أكتوبر للعام الحالي، "كانت الحفلة كل سنة عادية جدا مدرس مفوه بيطلع يقول كلمتين وكام معلومة عن المعركة والطلبة يسمعوها واليوم يعدي ويذهبوا لبيوتهم مرة أخرى.. لكن هذه المرة، كأن هناك شيء ما خفي حرك ألسنتنا جميعا لقينا نفسنا بنقول ليه منستدعيش أبطال حرب أكتوبر من أبناء القرية نكرمهم ونجمعهم مع بعض ونخلي الأطفال يشوفوا بعنيهم الناس دي عملت إيه لمصر".

بموافقة أغلبية ساحقة تم وضع خطة تنفيذ الفكرة، وجاء هنا دور موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، والصفحة الرسمية الخاصة بالمدرسة، حيث تم تثبيت منشور يدعو أبناء القرية للمشاركة في حصر أسماء أبناء القرية الذين شاركوا في حرب أكتوبر، ومن استشهد يحضر أحد أقاربه لتسلم درع التكريم.


في خلال يوم ونصف اليوم وصل تفاعل أبناء القرية التي يبلغ عدد سكانها نحو 100 ألف نسمة إلى مئات التعليقات، "أنا نفسي أحد أبناء القرية وكلنا عارفين بعض، فوجئت بناس مكنتش أعرف إنها شاركت في الحرب، دعيت عمي وابن عم والدي لأنهم شاركوا في الحرب، ونسقنا مع كل شخص قال إنه له قريب شارك إنه يعلمه بالحضور لمدرسة سامي شاهين يوم السادس من أكتوبر لتسلم درع التكريم وحضور الحفل" لم يتبق إلا الاستعدادات وأخذ موافقة الإدارة التعليمية بمنيا القمح، والتي رحبت بالفكرة وأعطت المجلس شارة البدء في تنفيذ الفكرة والاستعداد للحفل، "ليلة الحفلة قعدنا لحد ما الساعة كانت قربت على 11 ونص مساء بنتفق مع المختصين في إحضار الفراشة والكراسي والسماعات والهدايا اللي الأطفال هتقدمها للأبطال".


جاء اليوم المنتظر، وقف عصام أمام مدخل المدرسة يستقبل الحضور، كل من يأتي يلمح في عينيه الدمعة العالقة ذاتها، رجال تجاوزوا الستين بقليل أو كثير من السنوات، يلبسون ثيابهم القروية المألوفة أو القمصان والبنطلونات، فأيا كانت هيئتهم الخارجية يبدوا أن ما كان يدور في داخلهم ثابت لا يتغير كأنه مشهد بانورامي يعود بهم للساعة الثانية من ظهر يوم 6 أكتوبر عام 1973، "كل واحد كان بيدخل كنت بشوف الفرحة في عينه ممتزجة بالدموع، ناس كانت بقالها سنين مشفتش بعض، كانت بينهم ألفة كأنهم رجعوا الجبهة تاني يحاربوا من جديد".

وقف عصام رفقة المنظمين يتابع المشهد من بعيد، يراقب تحركاتهم وتهامساتهم التي حتما لم تخل رائحتها من الماضي البعيد الذي لم يغب عن هذن أحدهم يوما، في حين أقبل الأطفال حاملين باقات الورود، يوزعونها على الأبطال كل حسب دوره، يقبلونهم ويلتفون حولهم، كأنهم ممسكين بإحدى صفحات كتاب التاريخ يتصفحونها عيانا ويلمسونها بأيديهم.


مواقف لا حصر لها رويت في ساحة مدرسة الشهيد سامي شاهين في قرية الصنافين بالشرقية، بطولات وحكايا لا ينضب معينها كلما مرت سنة على هذا الحدث المجيد، "أنا كنت بسمع حكايات تقشعر لها الأبدان ببكي وكلنا حتى الأطفال تأثروا بها بشكل كبير جدا، كنا بنعرض حكايات لبعض الأبطال باستخدام الداتا شو في ساحة المدرسة، مش هنسى قصة البطل اللي قرر هو وزملاؤه يضعوا حفنة من رمل سيناء في جيوبهم علشان لو استشهدوا يبعثوا يوم القيامة وفي معهم التراب اللي ضحوا بأرواحهم من أجله".
الجريدة الرسمية