رئيس التحرير
عصام كامل

محمود حافظ يكتب: حديث الروح

فيتو

يا أنا.. حذارى.. ربما يومًا ما..في مكان ما سوف أكون شخص آخر، سوف أصبح شخص كنت لا أتوقع أن أكونه.. فبمرور الأيام ومع تقلبات الزمن وتجارب ودروس الحياه العديده حتمًا كل ذلك سوف يترك أثرًا نفسيًا ومعنويًا بداخلى، وعندما أنظر في المرآه سوف أجد أثر تلك الأيام وهو يبدو واضحًا جليًا عبر ملامحى وتجاعيد وجهى،سألت نفسى يومًا “هل سأعثر على ذاتِي، على حُلمى، على كل مَا أُريد؟”..في الحقيقه كنت لا أملك أية إجابه وكان عليّ أن افعل شيئًا واحدًا، لم يكن أمامى سوى اختيار واحد..هو أن اسير في “طريق الحياه” لكى أبلغ مرادى.


ركبت السفينه وانطلقت وسط امواج عاتيه، موج فوقه موج يحمل السفينه فيقذفها بعيدًا ثم يشدها فيقربها وكأنهم يتبادلان رقصة الحياه، وخلال الرحله تعرفت على أُناس كسبت بعضهم وخسرت الكثيرين، احلام تشرق وتقترب ثم فجأه تخبو وتغيب، مره تجذبنى اضواء الحياه وبهرجتها ومرات تطردنى فأجلس وحيدًا بين اربع جدران، وتستمر السفينه في الجري من فشلًا إلى نجاح ومن نجاح إلى فشل ومن قمة المجد واضواء الشهره إلى قاع المنحدر واعماق النسيان.

لم تكن رحله عاديه كما توقعت تمامًا لكنها ايضًا فاجأتنى بعدة اشياء اهمها أن الإنسان لا يملك حلم واحد ليحققه بل احلام متعدده تتغير بتغير الظروف والسنيين، يختلف الطموح من آن لآخر وايضًا تتغير الاهتمامات والتطلعات ما بين كل مرحله عمريه عن سابقتها، حتى “ذاتى” التي ظللت ابحث عنها لم تكن مثلما فهمت بل كانت هناك معانى أخرى خفيه أكثر قيمه واهميه من “ذاتى” نفسها، تبدو الحياه عندما اقبلت عليها مثل امرأة رائعة الجمال شابه يافعه حسناء مغريه تفتح ابوابها وتمد يدها حتى إذا ما امتلكتني وصرت لا أستغنى عنها أصبحت مثل الحشره التي تسقط في براثن خيوط العنكبوت، وتظهر الحياه على حقيقتها عجوز شمطاء لعوب قبيحة المنظر عفنه كان عليّ أن اعاود ادراجي حاولت أن أولى مدبرًا لكن هيهات هيهات فقد سبق السيف العزل لقد انتهى كل شئ و.. وازف الرحيل.

و في “طريق الحياه ” جلست لأستريح في نهاية رحلتى، مرت من امامى كل المشاهد احداث كثيره وعديده وذكريات لا تنسى، وإذا بغُلام يمر من أمامى بخطوات مسرعه.. سألته في لهفه: إلى أين يا فتى؟.. فأشار إلى نفس الطريق الذي سرت فيه قبله وعيناه تلمع ببريق اعلمه تمامًا.. بريق الأمل، ثم قال لى : “ًمازلت فتي صغيرًا ولكن أؤمن بأنّي سأجد الطَّريق يومًا ما إلى ذاتِي، إلى حُلمي، إلى كل مَا أريد”!!..

حاولت أن اخبره بالحقيقه، لكن شيئًا ما بداخلى منعنى بقوه وتوقفت الكلمات في حلقى وتعلقت عيناى بذلك الفتى الذي اخذ يبتعد ويبتعد حتى غاب اثره وكآن الطريق قد ابتلعه هو أيضًا.. مسكين.. سوف يلعب نفس الدور بطريقه أو بأخري.. يا فتي : “على مسرح هذه الحياه سيحدث أن يبكي فيك كل شيء إلا عينيك”.
الجريدة الرسمية