رئيس التحرير
عصام كامل

محمود حافظ يكتب: نوستالجيا

فيتو

”إن حياتنا عبارة عن لوحة فنية مكونة من حبات الـ”موازييك” مجموعة من القطع توضع جنبًا إلى جنب لنحصل في النهاية على صورة فنية جميلة ستظل محفورة داخلنا ما دُمنا نحيا، ‏بعض الذكريات يصعب علينا نسيانها لأنها ذات يوم أمتعتنا كثيرًا وأحببناها أكثر، ونجد متعة ونحن نبحث عن صورنا القديمة لكي نتذكر كيف كُنا نضحك” ؟!.


إنها الــ”نوستالجيا” يا سادة!!..، و“نوستالجيا” كلمة يونانية الأصل تنقسم إلى شقين “نوست” بمعني الرجوع للبيت و“الجيا” بمعنى ألم أو وجع، ومعناها بشكل عام الحنين إلى الماضي أو للأهل والعشرة القديمة، كانت فيما مضى تُعتبر حاله من حالات الاكتئاب وصنفت كمرض نفسى، لكنها الآن أصبحت من “باب الموضة” تعبير عن حالة من الرومانسية.

إن الحنين إلى الماضي أصبح مفرطًا في هذه الأيام، نتذكره ونترحم عليه، فقلوبنا تتوجه ناحية الذكريات مثلما نولي وجوهنا تجاه القبلة وقت الصلاة، نشتاق إلى عبق أيام كانت جميلة، كنا فيها نتمتع بشيء من البراءة والبساطة غير مُتكلفين، كنا لا نعبأ بكم هذه المشكلات المُعقدة التي نعيشها في العصر الحالي، ماض صنع شخصياتنا وشكل أفكارنا، حنين واشتياق إلى أيام مضت يكشف بكل بساطة أن هذا الواقع الذي نعيشه ربما لم يكن يستحق وعن جدارة بأن نصنع منه ذكريات أجمل وأنقى فيما بعد.

لو كنا سعداء في حياتنا حقًا لكان من الطبيعى ألا تستغرق زياراتنا إلى الذكريات كل هذا الوقت ولأصبحت زيارات خاطفة نعود بعدها إلى واقعنا، لكن للأسف أصبحت أحداث وذكريات الأمس هي مصدرنا الوحيد الذي يذكرنا بسعادتنا المفقودة، كانت حياتنا فيما مضى فيها ما يستحق، الضحك والفرح والسعادة والحب ولكنها بحلوها ومُرها كانت حياة وليست شبه حياة كالتي نعيشها، كنا بنى آدمين من لحم ودم نفهم ونشعر أما الآن أصبحنا أدوات في زمن الريبوت ومشاعره الباردة، زمن اللايك والشير والبلوك أصبحنا افتراضيين نعيش في عالم افتراضى وهمى صنعناه من خيالنا لنهرب من تعاسة حاضرنا.

في أحد الأركان داخل كل بيت يوجد صندوق به أوراق مهمله، نقول عليه مجازًا “صندوق الذكريات”، ترحل إليه عيوننا كلما زادت علينا صعوبات الحياة، تدور بين طيات أوراقه وصوره القديمة، تعانق تفاصيل وجوه غابت ورحل أصحابها عنا، نتذكر ضحكاتهم ولفاتتهم، نسرق أوقاتًا من حاضرنا لنستعيد معهم قصصنا القديمة، نحدثهم نسمع أصواتهم الآتية إلينا من الزمن الجميل، كم نشتاق إلى رؤيتهم مجددًا  ولو للحظات معدودة لكن هيهات هيهات فلقد رحلوا ورحلت معهم أيام بالطبع نندم  الآن أننا لم نحرص على الاستمتاع بها وهم بيننا.    
Advertisements
الجريدة الرسمية