رئيس التحرير
عصام كامل

اختر من بين الأقواس


دائما ما أكره هذا السؤال "اختر من بين الأقواس؟" لأنه ببساطة شديدة لا يتيح للسائل أن يسمع وجهة نظري كاملة، فهو لا يريد شروحا ولا يريد أعذارا ولا يريد ألوانا غير الأبيض والأسود، يريد أن يعرف فقط «إنت معانا ولا مع الناس التانيين؟» عندما يطرح أحدهم هذا يتصور أنه ألمَّ بكل ما يخطر ببالك مهما شردت ومهما فكرت، لا يريدك أن تخرج عن أحد الاختيارات المطروحة أمامك.


دائما ما نسمع هذا السؤال بشكل أكثر استفزازا: هل أنت معنا أم..
خائن لدينك؟
أم خائن لوطنك؟
أم خائن لثورتك؟
يريدك خطا مستقيما معه لا اعوجاج فيه لا شروح فيه ولا وجهات نظر فيه.. إن كنت معنا لمَ الاختلاف؟! هكذا يتصور الجهلاء!!

*هل معنى أننى أؤمن بديني أن أقبّل أيدي من نصبوا أنفسهم حراسا للدين مدعين أن معهم «صكوك الغفران»؟.. إن خالفتهم فأنت تحارب الدين هكذا يرون، أي دين هذا فيما يقوله أحدهم أن أترك زوجتي للمغتصبين إن علمت يقينا أني سأقتل؟!! وأي دين فيما ينطق به آخرون من ألفاظ بذيئة تخالف ما قاله رسولنا الكريم: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ، وَلَا بِلَعَّانٍ، وَلَا الْفَاحِشِ الْبَذِيءِ»؟ وغيرهم ما لا يتسع المجال للحديث عنهم.

* هل معنى أنني أؤمن بوطني وأحبه حبًّا جمًّا أن أكون صبورًا، لا أشتكي ولا أملّ ولا أصيح ولا أثور ولا أخالف ولي الأمر، ولا أختار مرشحا إلا إن كان منتميا للمؤسسة العسكرية، هل لابد أن أكون شخصا تابعا أفعل ما أؤمر به، أثور عندما يريدون وأجلس في بيتي عندما يريدون مع وجود نفس الدوافع، ألّا أتحمل انقطاع الكهرباء حينا وأن أصبر عليها حينا آخر؟!!

* هل معنى أننى أؤمن بثورتي أن أبقى في الشارع دائما، أن أحفظ جميع الهتافات وأرددها جميعا لا خلاف عليها لا أخرج عن الصف وإلا فقد خنت الثورة؟! لا خروج عن القوالب الثورية والجمل المحفوظة و"الهاشتاج"، لا أتساءل عن سبب النزول فقط لابد من النزول، لا رحمة ولا تراحم على جنود الجيش والشرطة هكذا يتصور بعض الثوريين!!

أؤمن بديني ووطني وثورتي مثلما أفهم لا مثلما تعلمونني، أعرف كيف لا أخون ديني ولا وطني ولا ثورتي.. والله يشهد وكفى.
الجريدة الرسمية