رئيس التحرير
عصام كامل

ناهد صلاح تغازل الماضي وروح الأساطير في "الحتة الناقصة"


عن دار المحروسة للنشر والتوزيع صدر كتاب جديد، للكاتبة ناهد صلاح تحت عنوان "الحتة الناقصة.. حكايات افتراضية"، فيه تلجأ الكاتبة التي عهدناها ناقدة سينمائية إلى كتابة مغايرة عن خطها المألوف وعن السائد عمومًا من حيث العوالم واللغة، حيث يمتزج عندها الخاص بالعام، وتبدو الكتابة كأنها وسيلتها التي تقاوم بها الخوف في هذه اللحظة الحاسمة التي تمر بها البلاد، من خلال سرد تنفلت بين سطوره أوراقًا من العمر، يبدو هذا السرد بسيط لكنه ينقلك إلى خيال يتوغل في عالم الأساطير والتراث لتراها بزاوية مختلفة عما اقترن في الذاكرة القديمة، ولعلها البساطة التي جعلت المؤلفة تعتمد على الحكايات كما روتها لها أمها في رحلة ذكريات مفعمة بالحب والمفاجآت تكتب شهادة في الزمان والمكان وفي الإنسان المصري نفسه، كما أن الكتاب يعد وثيقة اجتماعية في تحولات الزمن خلال ثلاث سنوات من الثورة المصرية، فالشخصية الرئيسية تكتب يومياتها على خلفية من قصة حب افتراضية وتنقل شهادة برؤية خاصة لكل الأحداث التي أحاطت بها وأثرت على قصتها الخاصة.


تتصيد المؤلفة الحنين إلى الماضي وهي متأثرة بالحاضر، وهذه التيمة الأبرز في كتابها، عبر لوحة جميلة شغوفة بالتفاصيل والفرح والدهشة وروح الاكتشاف، تمر على القديم بروح متسامحة مع الذات ومع الآخر، وتهدي كتابها إلى والدتها وجدتها وكل النساء في حياتها دون أن تقع في فخ التحيز، لكن من خلال سرد تأملي يدعمه لغة متطورة وحضور طاغ للصورة. كما جاء في مقتطف يخص والدتها يقول: "الحياة حلوة أوي في السيما.. السيما هي الجنة"، كانت تقولها كأنها تخمد كل الجروح، تنظر إلى فيلم أبيض وأسود على التليفزيون أمامها، وتقطع البصل وهي تجهز الطعام فيما تنساب دموعها، وينهمر نهر الذكريات وتبدأ تتصيد حنينها لما كان جدها يأخذها وهي صغيرة إلى السينما الوحيدة في مدينتنا الصغيرة، وكيف كانت تستعد لهذا اليوم الذي تشاهد فيه شخوصًا مختلفين يتحركون على الشاشة غير الموجودين في حياتها وتتابع قصص وروايات تقمصتها، كنت شعرت بالاغتراب الذي عاشته أمي، لكنها كانت تضحك وتقول: جدي كان غيرهم كلهم، كان راجل عايق يحب يلبس ويتغندر ويروح السيما، وكمان كان بيروح حفلات الست".
الجريدة الرسمية