رئيس التحرير
عصام كامل

الأوبئة تحاصر مصر.. حمى "الإيبولا" النزفية في الطريق بعد "كورونا".. من أشد الفيروسات فتكا بالبشر والحيوانات.. ظهر لأول مرة غرب السودان عام 1976.. 90% نسبة الوفيات..العدوى تنتقل عن طريق الملامسة


بعد إعلان وزارة الصحة والسكان المصرية اليوم عن اكتشاف أول حالة إصابة بفيروس كورونا لشاب يبلغ من العمر 27 سنة يعمل مهندسا مدنيا بالمملكة العربية السعودية منذ أربع سنوات ويقيم في مدينة الرياض. انتشرت المخاوف من انتقال حمى "الإيبولا" القاتلة من وسط أفريقيا إلى مصر، من خلال الوافدين لمصر من هذه البلاد أو من خلال تحور المرض.


توصل باحثون أمريكيون من خلال دراسة حديثة إلى أن وباء الإيبولا الذي أودى بحياة 135 شخصا في غرب أفريقيا الشهر الماضي، لم ينتقل إلى المنطقة من وسط أفريقيا، وإنما كان نتيجة سلالة جديدة للفيروس، ما يزيد المخاوف بشأن تفشي مثل هذه الأوبئة في المنطقة والقارة الأفريقية كلها.

حمى "الإيبولا" النزفية يسببها فيروس وهي من أشد الأمراض المعروفة فتكا بالبشر، وبلغت نسبة المتوفين بهذا 90% من المصابين وينتمي إيبولا إلى عائلة تسمى "فيلوفيرايد"، وهنك 5 أنواع منها موجودة في بونديبوجيو، وكوت ديفوار، والسودان، وزائير، وريستون. 
الظهور الأول
اكتشف "الإيبولا" لأول مرة عام 1976 في إحدى الولايات الاستوائية الغربية بالسودان، وفي منطقة مجاورة بجمهورية الكونغو الديمقراطية (زائير سابقا) وذلك عقب حدوث أوبئة كبرى في نزارا جنوب السودان، ويامبوكو شمال الكونغو، وترجع تسميته إلى وادي نهر "إيبولا" في جمهورية الكونغو الديمقراطية؛ حيث ظهر الفيروس لأول مرة في مستشفى تديرة راهبات بعثة الفلمنكية.

وتسبب الظهور الأول للفيروس في السودان إلى إصابة 284 شخصا توفي منهم 151، بينما أصيب 318 شخصا توفي منهم 280 في جمهورية الكونغو

خطورة الفيروس
معظم الفيروسات تقوم بتسخير الخلايا الحية لخدمتها عند حدوث العدوى؛ حيث تقوم نواة الخلــية بإنتاج ملايين النسخ من المادة الوراثـــــــــية (RNA) لمصلحة الفيروس الذي غزاها، الأمر الذي يعني تكاثر الفيروس وتحوله إلى عدد لا نهائي يحكمه فقط قدرة الخلية الحية على الصمود قبل أن تنفجر في نهاية الأمر.
وما إن تبدأ هذه العملية، حتى يستشعر الجهاز المناعي وجود المادة الوراثية الغريبة ليبدأ في التحرك الدفاعي ومهاجمة الخلية المصابة والفيروس الموجود بها، بغض النظر عن مدى قوة أو تأثير هذه القدرات الدفاعية.
تعمية وراثية
إلا أن البروتين المعروف باسم «VP35»، والموجود داخل فيروس «إيبولا»، يقوم بعملية «تعمية إستراتيجية» على إنتاج رموزه الوراثية، بما يتيح له خداع الجهاز المناعي للخلايا المصابة ويجعل الخلية تقوم بإنتاج الـ«RNA» دون شعور الجهاز المناعي بوجود أي نشاط غير طبيعي داخلها، وبالتالي لا يقوم بأي خطوات دفاعية، وتخل بعمل الخلايا الدموية البيضاء والصفائح الدمــــــــــوية، فتنفجر الخلايا الجدارية للأوعية الدموية ويحدث النزيف.

ونظرا لفقدان هذه الخلايا الجدارية لقدرتها الطبيعية على الالتئام، واختلال وظيفة الصفائح الدموية، فإن هذا النزيف يصبح نزيفا مستمرا دون أي قدرة للجسم على مواجهته الأمر الذي يؤدي إلى حدوث ما يعرف بـ«صدمة فقدان حجم الدم».

وهذه الحقيقة العلمية هي التي أدت إلى فشل كل المحاولات السابقة في إيجاد علاج ضد فيروس «إيبولا»؛ إذ إن معظم العقاقير المعروفة لمقاومة الفيروسات تقوم بالأساس على تنشيط تفاعلات الجهاز المناعي تجاه فيروس ما، وهو الأمر الغائب من الأصل في حالة الإصابة بـ«إيبولا» التي لا يشعر فيها الجهاز المناعي بوجود شيء غير معتاد، حسبما جاء في دراسة أجراها علماء جامعة أيوا الأمريكية، ونشرتها مجلة «علم تكوين وجزيئات الأحياء» في عدد يناير2010
طرق العدوى
تنتقل "إيبولا" بين البشر من خلال ملامسة دم المريض وإفرازاته وسوائل جسمه أو أعضائه، كما يمكن أن ينتقل المرض من الموتى المصابين إلى الأحياء من خلال الغسل، والتكفين، ومراسم الدفن، كما يمكن أن تُنقل العدوى بواسطة السائل المنوي الحامل للعدوى خلال مدة تصل إلى سبعة أسابيع عقب مرحلة النقاهة.

بين الحيوان والإنسان
ينتقل الفيروس من الحيوان للإنسان جراء التعامل ولمس حيوانات برية مثل قردة الشامبانزي، والغوريلا، والنسانيس، وخفافيش الثمار الحاملة للفيروس، سواء كانت مريضة أو ميتة.

كما يتعرض العاملون في المختبرات لخطر العدوى بالمرض، وينبغي أن يتولى موظفون مدربون التعامل مع العينات المأخوذة من الأشخاص المشتبه في إصابتهم بحالات حمى الإيبولا البشرية أو الحيوانية المنشأ لأغراض التشخيص، وأن تُعالج هذه العينات في مختبرات مجهزة بما يلزم من معدات.

الأعراض
وتتنوع الأعراض التي غالبا ما تظهر فجأة، والأعراض الأولية تشمل ارتفاع درجة الحرارة (على الأقل 38.8 درجة مئوية)، صداع حاد، وآلام في العضلات، والمفاصل، والبطن، وإسهال وضعف شديد، والتهاب في الحلق، والغثيان.

وتزداد الأعراض مع تفاقم المرض لتشمل نزيفا من العينين والأذنين والأنف، وتضخم العين، ونزيف من الفم والشرج، وتضخم المنطقة التناسلية، وظهور طفح جلدي بكامل الجسم ثم الدخول في غيبوبة والموت.
وقد تختلط الأمور على الأطباء في تشخيص المرض في وقت مبكر من الإصابة؛ إذ تتشابه بعض الأعراض مع أعراض الإصابة بأمراض أخرى مثل الإنفلونزا، والتهاب الكبد الوبائي، والملاريا أو التيفويد، والكوليرا، خصوصا أن هذه الأمراض جميعها تعتبر من الأمراض المتوطنة في نفس أماكن ظهور «إيبولا».

ولا يمكن تشخيص حالات الإصابة "بإيبولا" تشخيصا نهائيا إلا في المعمل، وذلك بإجراء عدد من الاختبارات المختلفة التالية: التحاليل المخبرية لعينات من سوائل الجسم، كاللعاب أو البلازما.
وتحتوي الاختبارات التي تُجرى للعينات المأخوذة من المرضى على مخاطر بيولوجية جسيمة وينبغي أن يُقصر إجراؤها على تأمين ظروف قصوى للعزل البيولوجي.
وتتراوح فترة حضانة المرض (الممتدة من لحظة الإصابة بالعدوى إلى بداية ظهور أعراضه) بين يومين اثنين و21 يوما.
تستدعي الحالات المرضية الشديدة توفير رعاية داعمة مكثفة للمرضى الذين يصابون من جرائها في كثير من الأحيان بالجفاف ويلزم تزويدهم بسوائل الإماهة بالحقن الوريدي أو عن طريق الفم باستخدام المحاليل.

ولا يوجد حتى الآن علاج أو لقاح محدد لحمى إيبولا النزفية، ولكن يتم فقط علاج الأعراض والتخفيف من حدتها مثل خفض درجة الحرارة وضبط ﺗﻮازن ﺳﻮاﺋﻞ ﺟﺴﻢ اﻟﻤﺮﻳﺾ وﻋﻨﺎﺻﺮﻩ واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ وﺿﻊ اﻷوكسجين وﺿﻐﻂ اﻟﺪم، وقد أظهرت العلاجات بالأدوية الجديدة نتائج واعدة في الدراسات المختبرية وهي تخضع للتقييم حاليا، ويجرى اختبار العديد من اللقاحات ولكن قد يستغرق الأمر عدة سنوات قبل إتاحة أي واحد منها.

الوقاية
يجب اتباع وسائل الوقاية العادية من غسل اليدين جيدا وعدم استخدام أدوات الغير الشخصية، أما طرق الوقاية الاستثنائية فتتمثل في ارتداء القفازات، والأقنعة، والنظارات، تجنبًا لملامسة الدماء وسوائل الجسم مباشرة، والوقاية من وخز الإبر والإصابات الناجمة عن آلات حادة أخرى، تجنب الاتصال المباشر أو الحميم بمرضى مصابين بالعدوى.

ولتقليل مخاطر العدوى من الحيوانات إلى الإنسان، ينبغي ملامسة الحيوانات بارتداء القفازات وغيرها من الملابس الواقية المناسبة، كما ينبغي أن تُطهى منتجاتها (من دماء ولحوم) طهيا جيدا قبل تناولها.
أرقام الصحة العالمية

في غنيا بلغ العدد الإجمالي التراكمي للحالات التي ينطبق عليها التقييم السريري، والتي أبلغت عنها وزارة الصحة الغينية 168 حالة، منها 108 وفيات.
وإن معظم الوفيات سجّلت في أوساط العاملين في مجال الصحة، 16 منهم في العاصمة الغينية "كوناكري". 

وفي ليبيريا أبلغت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية في ليبيريا عن مجموع تراكمي قدره 26 حالة سريرية لمرض فيروس إيبولا (6 حالات مؤكدة مخبريا، و20 حالة محتملة ومشتبه بها، بما في ذلك 13 وفاة). وكان تاريخ ظهور أحدث حالة سريرية تم تحديدها هو 11 أبريل، وهناك الآن 3 مرضى قيد العلاج في المستشفيات.
وفي مالي أبلغت وزارة الصحة في مالي في 14 أبريل عن مجموع تراكمي قدره 6 حالات مشتبه بها ما تزال جميعها قيد الملاحظة الطبية ومن المنتظر أن تصدر قريبًا نتائج الاختبارات المتعلقة بهؤلاء المرضى التي تجرى في مختبر معهد باستور في داكار بالسنغال.
الجريدة الرسمية