رئيس التحرير
عصام كامل

هو وهي.. والغيرة


كعادتها بعد كل عشاء.. أعدت له قهوته المسائية التي تشاركه دومًا عندما يهم بكتابة نص جديد أو مطالعة كتاب مفضل أو موعده الأسبوعي مع قرائه ومتابعيه على موقعه الإليكتروني..


التقط من يديها فنجان قهوته وقبل أن يحتسي أولى رشفاته منه ارتشف قُبلة من وجنتها وأجلسها على أحد طرفي كرسي مكتبه مطوقًا خصرها بذراعه قائلًا: لتشاركيني اليوم احتفالي بروايتي الجديدة.

هي: لأشاركك اليوم وكل يوم فرحك وحزنك وحرفك وعمرك، انفرجت أساريره وجلسا معًا يتابعان تعليقات معجبيه وثناؤه على إطرائهم، ولكن كما اعتادا كان معظم متابعيه من النساء فنظر إليها في خبث قائلًا:

هو: ألا تغارين منهن؟
هي: ولمَّ أغار ؟!
هو: الغيرة تعني الحب
هي: بل الغيرة منهن تعني إهانة للحب.. ولأنفسنا
هو: أيزعج كبرياء أنوثتك أن تغاري ؟
هي: بل يزعجها كثيرًا أن تتلاشي ثقتها
هو: أثقتك بنفسك تقصدين ؟
هي: بل ثقتي بك.. ألست نفسي ؟!

احتضن كفها بين راحتيه ونظر في عينيها قائلًا:

هو: لكني أغار كثيرًا
هي: ولمَّ تغار.. ألاََّ تثق بي ؟!
هو: الغيرة يا عزيزتي قد ترتبط بثقتنا في مشاعر الآخر، أما احتمالية تصديق الشريك والثقة في شخصه لا تعني سوى الشك،
وحبي لكِ لا يسمح بوجود شك بيننا.. لا الآن ولا بعد حين..

هــي: بل أن حبي لك وبرهانه قولًا وفعلا ً هو ما يحافظ على الثقة يا حبيبي، أؤمن بأن الحبيب من يبث الثقة والطمأنينة في نفس حبيبه بحفاظه على عهد حبهما في غيابه وحضرته، ولكن اخبرني إذن.. إذا كانت الغيرة لديك ترتبط بالثقة في مشاعر الآخر من عدمه، فما معنى غيرتك.. ألاَّ تثق في حبي لك ؟!

هو: لا أثق في شيء كثقتي بحبك
هي: ولمَّ الغيرة إذن ؟!
هو: لا أتصور حبي لك في غياب الغيرة فأنا أغار من عيون قد يصيبها جنون سحرك إذا نظرتي ومن قلوب قد تخفق لدفء صوتك إذا همستي أغار من هواء يختلج أنفاسك ويبث الروح في نبضات قلبك

هي: إذن أنت تغار عليّ ولأجلي يا حبيبي، والغيرة هنا هي لفرط الحب بدون تقيد حرية الآخر أو التشكيك في وفائه لحبيبه،
ولِأعلمك إذن.. أنني مفرطة الغيرة في حبك ومتطرفة في عشقك فأنا أغار من كل ما يحيط بك وله حق الاحتفاء بحضورك الدائم معه في حين أفتقد أنا حَضرتُكَ ومؤانستك لساعاتٍ طوال من يومي أغار من خلوتك كل مساء مع كتابٍ أو قلم أغار من قلمك في احتضان أناملك له وثرثرة حبره ببعضٍٍٍ منك على الأوراقِ لغيري أتعلم.. أغار حتى من فنجان قهوتك هذا.

هو: فنجان قهوتي !.. يقولها في ابتسامة مندهشًا.

هي: نعم أغار منه كثيرًا.. فهو على موعد يومي لتقبيل شفتيك لا تخلفه يومًا هكذا أغار أنا يا عزيزي.. أغار عليك وليس من إحداهن، فوحدي لدى حقوق ملكيتك ولهم فقط حق الانتفاع بحروفك وكلماتك، وأنت يا حبيبي من منحتني صكوك ملكيتك هذه وبلا رجعة، فكلما نظرت إلى عينيك ازداد يقيني بحفظهما لعهدي، فمازالت جفونهما لا يغمضان محتضنة صورة سواي فمن منهن تستطيع إثارة غيرتي إذن!..
الجريدة الرسمية