رئيس التحرير
عصام كامل

السفير "حسن عيسى" البطل المنسي في مفاوضات "طابا".. أول قنصل لمصر في إيلات.. تعلم اللغة "العبرية" لتجنب خداع "تل أبيب".. تعرض لمحاولة"اغتيال"في بيروت..وتاريخه الحافل بالإنجازات لم يتوسط له لتكريم سيرته


جاء تكريم الرئيس عدلي منصور، أعضاء اللجنة القومية لطابا، الذين كان لهم دور في حسم مفاوضات التحكيم لصالح مصر، واسترداد طابا من الإسرائيليين ممن لم يكرموا من قبل بادرة طيبة لاقت ترحيب الجميع ولكن غاب اسم واحد من أهم المشاركين في هذا الإنجاز.


ووسط تقليد الرئيس لعدد من أعضاء اللجنة القومية لطابا بعض الأوسمة، التي شملت وسامي الجمهورية والاستحقاق من الطبقتين الأولى والثانية، لم ينظر الرئيس أو أصحاب القرار من حوله إلى السفير حسن عيسى، أول قنصل عام لمصر في إيلات؛ حيث شهد على خروج آخر جندي إسرائيلي من طابا أو من سيناء بشكل عام، وتعرض لمحاولة اغتيال في بيروت، حين كانت السفارة المصرية مهددة في العاصمة اللبنانية خلال التوقيع على اتفاقية "كامب ديفيد".

تعلم السفير حسن عيسى اللغة "العبرية" ليتعامل مع الإسرائيليين، ليأمن مكرهم وخطط خطاعهم بالملفاوضات، معتبرًا ذلك مسئوليته وواجبه على أنه عين لمصر في إسرائيل حتى تمكن من إتمام اتفاقية طابا وكان أحد الموقعين عليها بعدما كان ضمن وفد توجه إلى طابا وقت كانت صحراء جرداء ليضع العلامات الحدودية والتي تم وضعها بالشبر، وجلس في فندق طابا إلى جوار نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية الآن، ليشهد آخر جندي إسرائيلي يرحل من تراب مصر.

كان للسفير عيسى موقف لا ينساه الإسرائيليون، عندما ترأس الوفد المصري في المفاوضات، عندما دخل القاعة التي كانت تضم الوفدين المصري والإسرائيلي بحضور مستشار الولايات المتحدة الأمريكية في تل أبيب، وفوجئ بتعليق من رئيس الوفد الإسرائيلي إسحق ليور وكيل وزارة الخارجية، عندما هاجمه بسبب تأخره، مما دفعه للرد عليه بقوله: "أنت لست ناظر مدرسة" وقام بإلقاء الملف الذي كان يحمله في وجه مندوب إسرائيل، وغادر القاعة، ولم يعد لها مرة أخرى إلا بعد اعتذار المسئول الإسرائيلي بناء على طلب رسمي من الجانب الأمريكي.

وبعد هذه المساعي الحميدة والجهود التي بذلها السفير المصري في خدمة الوطن وسط اتهامات بالخيانة والعمالة؛ لأنه يتعامل مع الإسرائيليين وبعد مرور عشرات السنين على دوره البطولي أصبح منسيا من قبل مؤسسة الرئاسة أثناء تكريمها أعضاء اللجنة القومية لطابا.

رحل السفير حسن عيسى عن عالمنا في شهر فبراير من العام 2012 عن عمر يناهز 74 عامًا، وقد شغل الراحل منصب رئيس مجلس إدارة جمعية الشرطة والشعب لمصر منذ عام 2009، إيمانًا منه بأهمية تحسين العلاقة بين الطرفين.

وقد شارك في عدد كبير من المؤتمرات الجماهيرية قبل ثورة "25 يناير" بين مسئولي أقسام الشرطة في المحافظات المختلفة والمواطنين في مبادرة من الجمعية لتحسين العلاقة بين الشرطة والشعب، ويبدو أن هذا الرجل قدر الله أن يعمل في هدوء ويرحل في هدوء، ويظل جميله لصالح بلاده في طي النسيان.
الجريدة الرسمية