رئيس التحرير
عصام كامل

الجمال: أكبر أخطاء مبارك استمراره في الحكم 30 عاما


  • العناصر الوطنية في نظام المخلوع كان "متعلم عليها" بالأحمر
  • كارثة أن يرى الناس أن انكسار هيبة الدولة في صالحهم
  • هناك مخطط لهدم المنظومة الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية
  • ليس من العدل اعتبار 4 ملايين عضو بالوطنى المنحل من الفاسدين
  • مبارك زهد الحياة بعد وفاة حفيده ونظامه اتسم بالشللية
  • أمريكا تصر على إحداث الفتنة لتفتيت وحدتنا الوطنية
  • مستعدون للتصدي لأكثر من مائة جيش حر إذا خطا على أرض مصر
  • أعضاء حركة "آسفين ياريس" عقدوا مقارنات بين الحاضر والماضي


شاهد على ثلاثة عهود رئاسية، كان عضوا بالبرلمان عن الحزب الوطني المنحل، وتنحى عن الحياة السياسية طواعية، إلا أنه قرر مؤخرا الخروج عن صمته.
إنه اللواء سعد الجمال مساعد وزير الداخلية الأسبق، الذي يكشف الستار عن الكثير من القضايا في حوار لـ "فيتو"

*تعتقد أن فشل مبارك كان نتيجة طبيعية لثقته في أشخاص ماكان يجب أن يثق فيهم؟
طبعا، لاسيما في الـ"7" سنوات الأخيرة، فبعد وفاة حفيده الذي كان متعلقا به كثيرا، حدث له شيء من الزهد واللامبالاة والبعد عن الناس، ولكن أكبر أخطائه هو استمراره في الحكم ثلاثين عاما، لأنه لم يكن من المنتظر أن يقدم أكثر مما قدمه، فكان يكفيه عشرون عاما في السلطة،على الأقل كان سيترك ذكرى جيدة من بعده، خاصة أن البقاء في المنصب فترات طويلة يخلق شيئا من العفن والسلبيات حوله.

*ما رأيك فيما يردده أنصار جماعة الإخوان الإرهابية بأن 30 يونيو انقلاب عسكري؟
لو كانت 30 /6 انقلابا فثورة 52 انقلابا وتكون 25 يناير انقلابا، فالثانية كانت ضد ملك، والأولى والثالثة قامتا ضد رئيس شرعي،، فثورة 52 الجيش وحده من قام بها، لماذا يقال عنها ثورة شعب ويمجدونها، ويطلقون على ثورة 30 /6 انقلاب رغم أن من قام بها شعب دون التدخل العسكري، وكانت فقط بمساندة الجيش الذي رأى بحسه الأمني عواقب عدم انحيازه للشعب.

*هل سمعت عن الجيش الحر وعن إعداده وتجهيزه لمحاربة الجيش المصري؟
نعم، وهو مخطط أمريكي لدعم التيار الديني وشق الصف الوطني، وهذه فتنة تصر على تنفيذها أمريكا لتفتيت وحدتنا الوطنية، من خلال تصدير النشاط الإرهابي إلينا، لإجهاد وكسر هيبة المؤسسة العسكرية لصلح إسرائيل، التي لم تنس مرارة هزيمة 73، ولكنهم لم يرو ما قد يفعله المارد المصري، فنحن شعب صبور وحمول يظهر وقت الشدائد، صبرنا طويل لكن المثل يقول: اتقى شر الحليم إذا غضب، ونحن على استعداد للدفاع والتصدي لأكثر من مائة جيش حر، إذا فكر في أن يخطو خطوة واحدة على أرض مصر، كما أننا على استعداد أن نضحي بأنفسنا وأبنائنا في سبيل الحفاظ على كل قطعة من أرض مصر، وحرب 67 ليست ببعيدة عنا فقد ظهر معدن المصريين الرائع في تلك الفترة، حتى الخارجين عن القانون تلاحموا مع الشعب واحترموا الموقف، وبالتالي لم تسجل دفاتر الأقسام أي بلاغات أثناء فترة الحرب وتعاون الجميع مسيحيا ومسلما في خدمة بعضهم بعضا، وربطوا الأحزمة على البطون ليوفروا الدعم المادي للجيش، كانت الروح الوطنية عالية جدا والمقاومة الشعبية والناس يدًا واحدة.

*نحن نفتقد هذا الآن؟
طبعا، ونعاني من انهيار أخلاقي.

*وما سببه؟
الخلط بين مفهوم الحرية ومفهوم الفوضى والناس الآن تعتقد أن الحرية هي البلطجة،وعدم الخوف من القانون وعدم احترامه، المشكلة أن الناس ترى إن انكسار هيبة الدولة، شيء في صالحهم وابتلعوا الطعم وتخلوا عن أخلاقياتهم وقيمهم وسحقوا مبادئهم، وبمقارنة سريعة برد فعل المواطن وقت حربي 67، 73، وبعد ثورتي يناير ويونيو سنجد أن هناك فرقا شاسعا بين الموقفين، ففى الأولى كان هناك تلاحم وتماسك بين أفراد الشعب وجميع فئاته والكل يسعى لخدمة الآخر، مما يدل على عمق روح الوطنية والانتماء، أما في الثانية فيدل على أن هناك مخططا لهدم هيبة الدولة، وهدم المنظومة الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية، حتى إن أعمال السرقة التي واكبت فتح السجون لم تقتصر على الحرامية والبلطجية، وإنما شارك فيها المواطن البسيط والمفروض أنه شريف،ولم يتركوا مكانا إلا وخربوه واستولوا على مقتنياته، حتى أقسام الشرطة دمروها، وهذا كله حقق الفوضى الخلاقة التي رسمتها لنا أمريكا.

*ألا ترى أن ما حدث كان نتيجة مخزون من الظلم والكبت والضغط والمعاناة؟
لاشك في ذلك، لكن الحرية ليس معناها التخريب والتطاول على الآخرين أو سلب حقوق الغير أو مخالفة القوانين، فالحرية مقيدة بنظم لنحيا وسط مجتمع آمن ومستقر،ويحترم حريات الآخرين.

*يتفاوض المتحدث الرسمي لحملة المشير السيسي مع عناصر الوطني المنحل حتى لايظهروا في الصورة، حتى لاينعكس ذلك بالسلب على شعبية السيسي..ما تفسيرك لهذا؟
هذا الكلام يمكن أن يؤدي لإحداث شروخ في الصف الوطنى، وليس من الإنصاف والعدل اعتبار أربعة ملايين من أعضاء الحزب الوطني المنحل من الفاسدين، فلماذا نطبق عليهم مبدأ الإقصاء في الوقت الذي ينادون بتفعيل المصالحة مع الإخوان؟ أي الفصيلين أولى بعدم الإقصاء؟ من الذي مارس الإرهاب ويفجر ويقتل وييتم أبناءنا؟ ليس الشرفاء الذين أبوا أن ينساقوا خلف الفاسدين ؟ ومبدأ الإقصاء في حد ذاته مرفوض لكلا الطرفين.
*هل خرجت حركة "آسفين ياريس" من عباءة الوطني؟
لا، هم ناس عقدوا مقارنات بين الحاضر والماضي ووجدوا أن عهد مبارك كان أكثر أمنا واستقرارًا رغم مايشوبه من فساد وظلم.

*تعتقد أن أداء محلب سيحقق الاستقرار الذي ترجوه؟
أكيد فهو رجل ميداني إيجابي دؤوب وسياسي محنك، ولايكتفي بإصدار القرارات من داخل مكتبه، وإنما يتواجد في مواقع العمل، ويعاين المشاكل بنفسه، ودليل على ذلك إنه قام بزيارة مصنع الحديد والصلب، الذي لم يحظ بأي زيارة من أي مسئول من قبل، والذي يعمل به 14000 عامل يعانون من الكثير من المشاكل ويئنون من الظلم، ونفوسهم تضج من الأزمات، وعمد لإيجاد حلول لقضاياهم ومشاكلهم، هذه الزيارة هدأت من ثورة العمال، فبلمسته الإنسانية وخبرته الميدانية أدرك قيمة زيارته ووقعها في نفوس العاملين وأنا أتذكر في عيد الأضحى الماضي،عندما حدث انهيار لترعة الصرف الصحي ودخلت على الأراضي وغرق مائة منزل، اتصلت به وهو يؤدي فريضة الحج، ورد علي ووعدني أنه بمجرد أن ينهي المناسك ويصل مصر سيعالج هذه المشكلة، وبالفعل بمجرد وصوله لمطار القاهرة جاء وعاين ماحدث ودرس الموقف ووضع حلا لها وانتهت فورا.

*لماذا لم تكن هذه الروح موجودة في عهد مبارك؟
نظام الشللية السائد في هذا الوقت هو الذي منع تواجد مثل هذه الروح، بالرغم من وجود بعض العناصر الغيورة على مصلحة البلد، ولكن كان "متعلم عليهم" بالخط الأحمر، ولكنهم كانوا مرفوضين من الذين لايريدون الخير لمصر، وهم كثيرون ولكن يحضرني -الآن- الجنزوري وشفيق لأن الشعب يرفضهما، وأنا أتعجب من ناس يكرهون أنفسهم ولا يريدون الخير لمصر، فهذان الرجلان تفانيا في خدمة الوطن ونجحا في تحقيق إنجازات كبيرة.

*من وجهة نظرك كيف نكشف للناس حقيقة جماعة الإخوان؟
لابد من عقد مناظرة بين أحد عناصرها المنشقين عنها، مثل ثروت الخرباوي أو كمال الهلباوي لكشف أكاذيبهم وادعاءاتهم، وكل هذا لهدم المؤسسة الأمنية، لكن لن ينجحوا فيه أبدا، فهم لا يملكون الحس الوطني الذي يتمتع به الشعب، حتى إن مرشدهم قال ذات مرة: إن مصر عبارة عن حفنة من التراب العفن، فهذا الفكر ينتمي للانتماء الأممي ودولة الخلافة.

*هناك من يطالب بإعادة علاقتنا بإيران.. تعتقد لماذا يطلبون هذا الآن؟
لقد رحبنا بهذا المطلب في عهد الرئيس مبارك، وسافرت لإيران بنفسى ومدحت نجاحهم في دورة الوقود النووي للأغراض السلمية، لأن أي تقدم علمي يخدم البشرية يعد مفخرة للعالم الإسلامي ووجدت صدى طيبا لكلامي وترحيبا شديدا بإعادة العلاقات مرة أخرى بيننا، وفعلا قدمت مذكرة للرئيس مبارك بعد عودتي أوضح فيها رغبة إيران في ذلك، ولكننا فوجئنا أنهم بدلا من إلغاء اسم خالد الإسلامبولي الذي اغتال الرئيس السادات، عمدوا لوضع تمثال له وسط الميدان، مما أكد لنا أنهم رعاة للإرهاب، فجمدنا الموقف بيننا.
الجريدة الرسمية