رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

يا أحباب إسلام.. ارحموا ضعفنا


اليوم بعد صلاة العصر، ستشهد قرية القباب الصغرى، بمركز دكرنس، الدقهلية، الحلقة الثانية من مأتم شاب، انسرب من الحزمة الأقوى والأروع في عصب البلاد، هي حزمة "الورد اللي فتح في جنانين مصر".


قطف حادث مروري أليم فجر الجمعة الماضي، زهرة إسلام أنس عبد الخبير، الطالب في السنة الثالثة في إحدى كليات مصر، حيث اصطدمت سيارته ليلا بإحدى شاحنات توزيع صحيفة "الأهرام"، كانت معطلة أعلى محور "26 يوليو"، أكثر معاول الحصد الشبابي في تاريخ مصر الحديث.

لم تتوافر معلومات عن ترتيب الشاب إسلام في عداد الزهور التي قطفتهم حوادث السير في مصر عام 2014، لكن إحصائية منظمة الصحة العالمية قد أكدت أن هذا العدد بلغ 13060 قتيلا في 2013، لأسباب متنوعة جاء على رأسها الإهمال الحكومي في صيانة الطرق، والتأخر في إغاثة المصابين وترك مخلفات الحوادث على الطرق دون إرشادات.

لا مجال للمزايدة، على المتسببين في الحادث، ولا حاجة لأنس عبد الخبير كي يبحث عن مسببات الوفاة، أو مقاضاة المتسببين في الحادث، سواء أمن الطرق أو مؤسسة الأهرام، كونه رجلا قدريا، يعرف جيدا أن من وهبه إسلام، لم يسترده إلا لحكمة أساسها الرحمة، ولما لا، وهو ابتلاء قد اختبر الله به نبيه إبراهيم، وابتلى به نبيه محمد؟

إحصائية حوادث الطرق في مصر، أكدها اقتصادي رفيع، هو الدكتور محمد أحمد معيط نائب رئيس هيئة الرقابة المالية، الذي أشار إلى أن مصر تحتل المركز الأول في عدد ضحايا حوادث الطرق على مستوى الشرق الأوسط.

يكفي أن نعلم أن مصر التي تتصدر قائمة الدول الأسوأ عالميا في حوادث الطرق، تتكبد خسائر تبلغ نحو 14 مليار جنيه سنويا لهذا السبب، لو أنفقت وزارة التخطيط نصفها في تحسين منطومة السير وأمن الطرق، لتوقف نزيف الدماء إلى الحد الذي لا يفلته القدر.

وإذا كانت شاحنة الأهرام المعطلة، وسيارة إسلام التي حصدت روحه البريئة، كانتا ضمن أكثر من 2051000 سيارة تجوب شوارع عاصمة مصر ليلة الحادث، فإن الإحصائية لم تتوافر لي بعدد الأزهار التي قطفتها يد المنية ليلة ابتلاء صديقي أنس عبد الخبير في تاج رأسه، وفلذة كبده، ونور عينه، وعصارة عمره إسلام.

لم يحرك أنس دعوى قضائية، لكنه وقف في استقبال جموع المعزين من مشارب مصر، رافعا شعارا واحدا، كان يشق صدره، لينفجر شلال بمقام واحد "الحمد لله".

شلال الدموع الذي كان يغسل وجه أبيه، كان كفيلا بشق نهر جارف من أمواج الرحمة، من باب مسجد الشرطة في حي الشيخ زايد، حتى مقبرة الابن الفقيد إسلام في مدينة 6 أكتوبر، لكنه لم يغسل ضمائر المتورطين في أسباب حوادث السير في مصر.

ولولا معرفة الأب المكلوم بأنه القدر الذي يتخير المستحقين لهذا الابتلاء، لكان قد اتصل بأحمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، آمرا إياه أن يبتغي مرضاة الله، بأن يقيل عثرة المتعثرين في شاحنات المؤسسة التي أصبح مسئولا عنها، ولكان قد اتصل بوزير الداخلية كي يعاتبه على نوم أمن الطرق في الخدمة.

يبقى أن أؤازر أحباب إسلام في ربوع مصرنا المكلومة: أنتم ملح خبزنا، ودماء قلوبنا، وأحبال أعمدتنا الفقرية، وأزهار أعمارنا، فأسألكم الله أن ترحموا أفئدتنا، وأن تحافظوا على أبصارنا، فبكم نستشرف المستقبل، ولأجلكم نحترق كي تعيشوا في أمان.

يا أحباب إسلام: احذروا في قيادة السيارات ما استطعتم، ولا يغني حذر من قدر، ولا راد لقضاء الله.
barghoty@yahoo.com
Advertisements
الجريدة الرسمية