رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الحرافيش للحكومة: اتركوا لنا "حلاوة روح" !


أصبحت حياة الحرافيش والفقراء في مصر وسط كل هذا الزخم السياسي مجرد حلاوة روح.
و”حلاوة روح” فيلم من إنتاج “السبكى” قررت الحكومة وقف عرضه لتبعث رسالة للحرافيش مفادها موتوا بهمومكم ومشاكلكم فلا مجال لمناقشتها الآن.. فالوقت غير مناسب إلا للانتخابات وتسكين الحاكم الجديد وتثبيت الحكومة وتدشين مجلس شعب جديد يجمع زمرة من وقفوا خلف نجاح الرئيس بمعرفة الحكومة الموقرة المشغولة بالسياسة على حساب حلاوة ما تبقى من أرواح الفقراء


فأنبوبة البوتاجاز عادت تتوارى خلف رغيف العيش المبتور الذي يتقهقر في شكله وحجمه ووزنه خلف الدقيق الذي رحل هناك إلى السوق السوداء لينافس في غلائه اللحمة والفراخ والأسماك ليبقى الفقير هنا في المشهد وحيدا ينتظر حتى تنتهى الانتخابات الرئاسية ظنا منه أن الحال سيصبح أفضل من الحال فيجد ما يقتات به هو وأبناؤه دون عناء المسألة والمذلة التي يعانيها مؤخرا في كل مناحى حياته.. يدفعه إلى ذلك ما تبقى لديه من حلاوة روح استكثرها عليه رئيس الحكومة المهندس إبراهيم محلب!

اكتب هذه المقدمة بعد قراءتى لتلك الرسالة التي وصلتنى ضمن رسائل كثيرة جاءتنى هذا الأسبوع والتي سأعرضها عليكم في السطور القادمة دون حذف أو إضافة:
عزيزى الحرفوش الكبير.. لك منى تحية خاصة برائحة الأمل الذي ما زال يحدونى وأنا أخط لك تلك الرسالة التي أتمنى أن تصلك ثم تجد طريقها للنشر بإذنك إن شاء الله..

أنا ياسيدى رجل خرج على المعاش بعد أن قضى ثلثى عمره يعمل في الحكومة ولى سبعة أبناء تزوج منهم ثلاثة وتبقى لى أربعة منهم من يدرس بالجامعة وآخرون بمراحل الثانوى العام.. حصلت بعد خروجى للمعاش على مكافأة نهاية الخدمة فوزعتها بالتساوى على أبنائى الثلاثة ليكمل كل منهم مشوار زواجه.

بالفعل كافح ثلاثتهم وعملوا في القطاع الخاص رغم مؤهلاتهم العليا وتزوج كل منهم ورحل إلى بيته الجديد ليحمل هم نفسه وزوجته وأبنائه ثم يساعد معى في الإنفاق على باقى إخوته الأربعة حتى يكملوا تعليمهم وهذا ما تعاهدنا عليه عندما أعطيتهم المكافأة.
راتبى كان يصل إلى ألفى جنيه ووصل به الحال إلى أن أصبح الآن تسعمائة وخمسين جنيها هي قيمة المعاش الذي اتقاضاه شهريا لأنفق به على أربعة شباب “زى الورد” وخامسهم والدتهم بالإضافة لى أنا المطحون في زمن الثورات.
دفعنى للكتابة إليك موقف أقل من أن يقف عنده مواطن في أي بلد تحترم مواطنيها.. فقد تعودت بصفة يومية أن أستيقظ مبكرا لأقف في طابور العيش وأعود بالإفطار من فول وطعمية ومشتملاتهم بما لا يزيد على عشرة جنيهات بأى حال من الأحوال.
ولما كنت قد اعتدت واعتادت ميزانية المنزل على شراء عشرون رغيفا يوميا بمبلغ ١جنيه حيث تعلم ياعزيزى ويعلم إبراهيم محلب أن سعر الرغيف خمسة قروش.. فوجئت أنه تم إغلاق الفرن البلدى الذي نبتاع منه بالمنطقة التي نسكنها بسبب ضبط صاحبه وهو يبيع الدقيق في السوق السوداء.
الأمر الذي جعلنى أنا وأبناء المنطقة نشترى الرغيف “أبو ربع جنيه” لأن أقرب فرن بلدى يبيع الرغيف المدعم يبتعد عنا بمسافة 2 كيلو لا يقوى مثلى على الذهاب إليه والعودة بصفة يومية.
تخيل ياسيدى أننى أصبحت أشترى عشرين رغيفا يوميا بخمس جنيهات بدلا من ١٥٠جنيه لمدة شهر الأمر الذي انتقص من ميزانية المنزل تسعون جنيها شعرت بثقلها على كأهلي وكأنها تسعمائة جنيه.
باتت ميزانية “العيش” مائة وخمسين جنيها بدلا من ثلاثين الأمر الذي أحزننى على ما آل إليه حالى فحزنت وعلا ضغطى دون أن أقف على أن يكون هذا هو السبب الحقيقى لمرضى الذي أنفقت عليه من ميزانية المنزل الشهرية ما يقرب عن ثلاثمائة جنيه ليشق الأمر على نفسى ويصعب عليا حالى.
صحيح أن أبنائى التفوا حولى بعد أن شعروا بـ”حوجتى” إليهم.. لكن نفسى أبت إلا أن تلعن حال الحكومة التي لم تراع أبناءها وكأننا عندما نلتحق بالعمل الحكومى نعمل “على قلب” الحكومة ولما نخرج على المعاش تلفظنا وكأننا “هم وانزاح”.
أنا ياسيدى يشق على نفسى ما آل إليه حالى.. فلماذا لمثلى وهو الموظف الكبير أن يمد يده بعد أن ينهى دوره حتى ولو لأبنائه ؟!
لماذا لا يكون لى دخل شهري يحترمنى وأحترمه حتى يتوفانى الله لأحيا بكرامتى ولو بين أبنائى؟!
“حلاوة روح” ياسيدى هي التي تجعلنا نصمت على هذا الهوان.. فهناك أناس مثلى وبنفس مؤهلى الدراسى تتقاضى عشرة أضعاف راتبى ولا أدرى لماذا !
ومثلى وبنفس مؤهلى أناس تم التجديد لهم في وظائفهم بحوافز باهظة ولا أدرى لماذا !
“حلاوة روح” ياعزيزى هي التي تجعلنا لا ننتظر إجابات شافية لتساؤلاتنا هذه عسى أن ينصلح الحال يوما ما ونرى العدالة في بلادنا قبل أن نموت.
“حلاوة روح” أرجو ألا نفقدها مع تجاهل الحكومة لشئون البسطاء من حرافيش الوطن نظير الاهتمام بأمور السياسة وما هو آت من انتخابات رئاسية وبرلمانية وتشكيلات حكومية.
رجائى ياسيدى إذا ما وصلتك رسالتى هذه وحازت على فرصة النشر أن توجهها للحكومة تحت عنوان “ اتركوا لنا حلاوة روح” ولا تمنعوها من العرض !
وفى النهاية: سلام الله عليكم ورحمته وبركاته !
Advertisements
الجريدة الرسمية