رئيس التحرير
عصام كامل

البدع الشاذة داخل الكنيسة من الهرطقة إلى الزواج الثاني


طوال تاريخ المسيحية وخلال أحد عشر قرنا ظهرت هرطقات كثيرة، يطلق عليها البعض «زندقة» وهي تغيير في عقيدة مستقرة، وبالطبع دفع البعض حياتهم ثمنا لهذه الهرطقات أو الفتاوى الشاذة، وبالطبع قامت المجامع الكنسية بالرد القاطع والتصدي لها، وأشهر من تصدى لهذه المهمة المقدسة أثناسيوس الرسولي، والبابا شنودة الثالث، ومن أشهر مروجي هذه البدع الأدفنتست والسيمونية، ومن روجوا لصكوك الغفران، وبدعة اللمسة الشافية، والقول بتحليل الزواج الثاني..


بدع الأدفنتست
والأدفنتست لا يؤمنون بالكهنوت، ولا بالشفاعة، ولا بأسرار الكنيسة وقد واجههم البابا شنودة الثالث بالعديد من الكتب وأشهرها «يا بروستنت لماذا تفقدون البركات؟» وكتاب آخر بعنوان "البدع الحديثة" رد فيها على كل ما يشغل عقول الشعب القبطى خاصة أن كنائس البروتستانت انتشرت مع الاحتلال الأجنبى لمصر، خاصة أنها تقدم خدمات اجتماعية وصحية، وأشهر هذه الكنائس: الإنجيلية، والرسولية، والمعمدانية، ونهضة القداسة، وكنيسة الله، وكنيسة الخمسينية وهى كنائس تخالف في تعاليمها المنهج الأرثوذكسى ولا يعترف بها الأرثوذكس، ولا يتزوجون بهم إلا بعد أن يتم تعميد الشخص مرة أخرى، وبعد أن واجهت الدولة أيضا خطر الطوائف وساندت الكنيسة المصرية كما حدث مع ماكس ميشيل الذي ابتدع كنيسة موازية ونصب نفسه بطريركا، وقام بتزويج المطلقين، وإعطاء تصاريح زواج قررت الدولة سحب البطاقة الشخصية الخاصة به، والمدون به وظيفة بطريرك، وأعلن عن توقف نشاطه وإن كان حتى هذه اللحظة لم يعلن عن مصير مائتى حالة أعطاها تصاريح زواج، وأفتى لها في خطابات رسمية بأحقيتها في الزواج الثانى.

والاجتهادات لا تقتصر على محاربة الكنيسة الأرثوذكسية بل كانت منتشرة في أوربا وآسيا والعديد من الدول وسنسرد أهمها وعوامل انتشارها.

السيمـــونيـــة
ومن البدع التي ظهرت وأحدثت شروخا في الكنيسة بدعة السيمونية التي انقسمت إلى ثلاثة أنواع على مدى التاريخ، وهى تنسب إلى ساحر شهير اسمه سيمون، حاول أن يجتهد بأفكاره، فعرض على أتباع السيد المسيح وتلاميذه شراء القوة الخارقة لعمل المعجزات، وجاءت الكارثة البكرى عندما قام الساحر بعمل أشياء خدع بها البسطاء فتوهم الألوهية، وادعى وجود قدرة إلهية به وغرر بالكثيرين وسقط سيمون في شروره، ثم عاد وآمن بالمسيحية لكن ليس عن قناعة بل لاعتقاده أنها تهبه موهبة أعظم من السحر، فوبخهه بشدة القديس بطرس، وقال عنه القديس أوغسطينوس “إن سيمون أحب سلطان المسيحيين أكثر من البر “ ومع مرور الزمن أطلق على كل الوظائف الكنسية المباعة اسم سيمونية حيث لجأ البطاركة عندما اشتد عليهم ظلم الولاة إلى بيع المناصب والإبراشيات بدراهم قليلة وكأنها مناصب دنيوية وأصبح بعض الأساقفة لهم ورثة والرهبان أيضا، وهذه مصيبة كبرى حيث يمنع أن تورث أموال الأساقفة والإبراشيات لأنهم فور إعلانهم الرهبنة أصبحوا موتى عن الدنيا ولكنها الاجتهادات والبدع المنحرفة.

صكوك الغفران
لعل صكوك الغفران هي من أكبر البدع والاجتهادات الكاثوليكية في العصور الوسطى، ظهرت واستمرت فترة بأوربا حيث يباع الفردوس، وهى عبارة عن وثيقة تمنح للشخص التائب ككفارة، وكان انتشارها بقوة يرجع لحالة الانحطاط والفسق التي عاشتها أوربا في العصور الوسطى، واختفت الصكوك بعد تحريمها ومواجهة الإصلاحيين لها، وكانت أكبر المواقف سخرية أن عرض أحد الأمراء شراء الجحيم، وبالفعل حرر له صكا بالجحيم، وظهرت فضيحة كبرى بعد أن أعلن أن الجحيم ملكه، وأن الفردوس للجميع.

هرطقة بيلاجيوس
كتب المؤرخون أن بيلاجيوس البريطاني أنكر وجود علاقة مباشرة بين خطيئة آدم أي عصيان آدم على الله ووقوعه في الخطيئة وسائر أفراد الجنس البشري، وعلم أن الإنسان ينال رضى الله بواسطة جهوده الخاصة، وهذه اجتهادات ضد تعاليم الكنيسة.

بدعة مقدينويوس
وهو أحد أتباع آريوس، وأخذ يعلم تعاليم ويجتهد اجتهادات أهمها: أن الروح القدس مخلوق مثل الملائكة سببت قتالا ضاريا بين المؤمنين وأتباع آريوس، وغضب عليه الملك قسطنطين بعد أن قام بنقل جثمان الإمبراطور قسطنطين من مكانه، ولولا هذا الخلاف لاشتد نفوذه وانتشرت بدعه وهرطقاته.

البابا شنودة يواجه البدع الحديثة
على مدى ثمانية وثلاثين عاما واجه البابا شنودة الاجتهادات الخاطئة، والخارجة عن المعتقدات مما دعا البعض لأن يطلق عليه أثناسيوس القرن العشرين ورفض بشكل قاطع أن يتفاوض مع أصحابها إلا في حالة عودتهم عن أفعالهم واجتهاداتهم ومن الأدفنتست كطائفة دولية واجه البابا بعض الشخصيات نذكر أمثلة منها:

دانيال البراموسى واللمسة الشافية
وهو صاحب بدعة اللمسة الشافية، وكان راهبا شهيرا ومعلما له مريدوه حتى شوهد يقوم بلمس تلاميذه ومحبيه فيسقطون أرضا وتم حرمانه، وشلحه بعد أن رفض المثول أمام محاكمة كنسية وأصدر قبل شلحه كتبا أحدثت ردود فعل قوية منها “الفخ انكسر “، “وهم غلبوه “، و“الشيطان تحت الأقدام “ وهو الكتاب الذي ظهرت فيه معتقداته البروتستانتية، وتسبب في أن يتم تجريده من رتبته الكنسية بعد خدمة استمرت اثني عشر عاما، ولعل تصريحات الأنبا بيشوى مسئول المحاكمات الكنسية في الكنيسة وسكرتير المجمع المقدس عنه كانت خطيرة للغاية، حيث اتهمه أنه يحمل قوة شيطانية، وأن الكنيسة لفظته لتطرفه واعتناقه الفكر الخمسينى، وهو ما حدث مع الكنائس المماثلة من الإنجيلية، وإن كان المقربون من الأب دانيال الذي أصبح اسمه “إدوار إسحاق “ أكدوا أن معظم الخلافات بينه وبين الكنائس الإنجيلية ليست بسبب العقيدة، لكن بسبب رفض الأب دانيال استغلال اسمه في جمع المال.

الرهبنة بدعة
القس إبراهيم عبد السيد هو صاحب اجتهاد أن الرهبنة بدعة وأنها صناعة بشرية، وأصدر بالفعل كتابا هاجم فيه الرهبنة بشدة، وبعدها وتحديدا في عام 1992 م تم استدعاؤه، ومنحه إجازة مفتوحة، وبعدها بأيام أصيب بأمراض شديدة، ورفضت الكنيسة الصلاة على جثمانه وكتبت ابنته قائلة: “لقد تمت الصلاة على جثمان أبى بحضور كاهن أرثوذكسى ونائب عن كل من الطائفة الكاثوليكية والبروتستانتية في كنيسة المقابر“، وكانت جنازة إبراهيم عبد السيد حديث الصحف ورفضت الكنيسة التعليق بينما وضح الأمر أنه متهم باعتناق أفكار بروتستنانتية وأن البابا شنودة كان حزينا لذلك، ومع وفاته وحدوث ضجة إعلامية تم عمل قداس لذكرى الأربعين بكنيسة السيدة العذراء بالمسرة، بينما حضر أحد الكهنة إلى منزله في ثالث يوم من وفاته وقام بالصلاة.

تحليل الزواج الثانى
حاول بعض الكهنة القيام بإعطاء تصاريح زواج ثان للأقباط دون الرجوع للكنيسة أو نتيجة لأسباب أخرى غير علة الزنى استنادا إلى لائحة 38 التي كانت تمنح المسيحى حق الزواج لعدة أسباب بغرض تجفيف المنابع وهو ما قاومته الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية بشدة وفقد البعض كهنوته ومناصبه الكنسية بسبب اجتهاداته الخاطئة.
الجريدة الرسمية