رئيس التحرير
عصام كامل

أهل النوبة.. واللبن المسكوب!


نعم للحفاظ على اللغة النوبية.. نعم للمحافظة وتوثيق تراث النوبة الذي يعد جزءًا أصيلا من تراث مصر.. ونعم للحفاظ على العادات والتقاليد الإيجابية لخدمة المجتمع النوبى ومصر، ولكن ما حدث في أسوان بين الأسرة الواحدة شىء يدمى القلب، ربما لا يتخيل البعض أن ما حدث أمر غير متوقع حدوثه إلا في مجتمع متخلف، قائم على الجهل والفقر والمرض، كما أنه قائم على العصبية، وليت من يتعلم من أهلنا في الجنوب يعمل على إخراج إنقاذ ما استقر في الجنوب بفقره وأمراضه المدمرة، بالعكس النخبة التي تركت كل هذه الأمراض لا تعود للمنشأ أو المولد ولكن يحافظ على كل الأمراض الخبيثة القائمة على التعصب والقبلية، فمن يصدق أن من ذهب وعاش في الغرب يرسخ في وجدان أهله في الجنوب أن ثورة يوليو كانت تهدف إلى التطهير العرقى !؟


من يصدق أن رجلا عالما مثل د.مصطفى عبد القادر يقول على الهلالية ليسوا نوبيين وعليهم ترك أرض النوبة ؟ والسؤال هل النوبة أرض غير مصرية، إنها مصرية ويحق لأى مصرى أن يعيش فيها، وإلا فإن سيناء تصبح ملكًا لأهلها ومرسى مطروح لأهلها، وبالتالى تصبح القاهرة محرمة على النوبيين، وأيضا الإسكندرية وجميع محافظات مصر، وبالتالى عندما يقال هذا من فرد عادى جاهل فربما يكون مقبولا، ولكن عندما يردده قامة علمية علينا أن نتوقف وندرك أن العصبية القبلية أساسها هؤلاء ما يسمون أنفسهم النخبة، النخبة المثقفة التي تدرك مطلقا دورها، النخبة السياسية التي تستفيد من هذا الوضع الخاطئ، إننى لا أنسى عندما قالت إحدى قياديات المرأة النوبية: الأفضل للفتاة النوبية أن "تعنس" عن أن تتزوج من غير النوبى.. قالت ذلك أمام قيادات نوبية من الرجال الأكاديميين والنساء الفضليات الحاصلات على درجات مختلفة من التعليم الجامعى وفوق الجامعى.. ولم يعلق أحد !!!

ومخطئ من يعتقد أن أهل النوبة أسرة واحدة، إنها أسرة مليئة الشقاق وعلى سبيل المثال، المجموعة التي ذهبت لمبايعة عبدالفتاح السيسي هم أنفسهم الذين ذهبوا لمبايعة محمد مرسي المعزول، وهناك فريق آخر يؤيد السيسي ولكنه رفض الذهاب معهم لأنهم يرونهم منافقين.

لهذا علينا أن ندرك جميعًا وخاصة نخبة أهل النوبة أنهم مصريون، وأن النوبة وما عليها مصرية، وكما لهم الحق في كل شبر في مصر من مطروح إلى أسوان إلى العريش، أيضا السيناوى وقبائل على وأى مصرى له حق في النوبة؛ لأننا جميعا مصريون بصرف النظر عن الدين أو اللون أو الجذور، وهذا لا يمنع مطلقا أن نحافظ على شخصية الإنسان السيناوى أو الإنسان النوبى، واللهجة البدوية والصعيدية واللغة النوبية، بل أطالب بتدريسها في المدارس للمحافظة عليها؛ لأننا نفخر بكل تكوينات الشخصية المصرية النوبية العربية الفرعونية، وهذا ما يميزنا عن باقى الشعوب، فالمصرى يمثل لون سمرة النيل ودمه من أيام مينا.. حتى محمد على الذي أصبح مصريا.

إننى لا أحمل طرفًا دون آخر ما حدث في أسوان، وعلى القانون أن يثبت حضوره وقوته لفرض دولة القانون ولكن لى كلمة لأهلي في النوبة من يرون أن الحديث الدائم عن ظلم الدولة لهم، أقول إنكم مصريون والحديث عن الظلم يزيد على الحد وإلا تحول حديثكم عن "هلوكوست" وهذا مرفوض؛ لأن الدولة المصرية ظلمت الجميع فلا نريد البكاء على اللبن المسكوب.
الجريدة الرسمية