رئيس التحرير
عصام كامل

والدي.. بعد ضياع فلوسه... يتهمنا بأننا "شر" في حياته


شكرا جزيلا على هذه الخدمة الإنسانية، فنحن بحاجة لأخذ المشورة، لعلنا نجد ما يريح قلوبنا ويقنع عقولنا.

أنا طاالب متفوق وناجح، دخلت كلية عسكرية تنفيذا لرغبة والدي، ولكني سرعان ما خرجت والتحقت بكلية هندسة بعدما أضعت سنتين من عمري ولكني عدت وعرفت الطريق.


أما والدي: فهو رجل مثقف ويخاف الله، ولكنه منذ أن تزوج والدتي وهما في مشاكل لا تنتهي باختلاف الأسباب، من كثرة مشاكلهم أصبحت لا أبالي، حتى قرر والدي أن يأخذ معاشا مبكرا ويستفيد بالمكافأة التي أخذها ووضعها عند أحد الأشخاص ليشغلها ويعطيه "ريع شهري"، رغم نصحنا له بالرفض، وطلع الراجل حرامي وبدأت المحاكم والمشاكل المادية، خاصة وأن والدي ليس له مصدر دخل ثابت، لنفاجأ به يسبنا ويبخل علينا ويتهمنا بسوء الأدب، ولايعطينا سيارته ويقول: مبحبش حد ياخد حاجتي!

المشكلة إني بحب زميلة لي في الكلية كانت سببا رئيسيا في تغيير نظرتي للحياة، فبدأت أبحث عن المسئولية وأتحملها، واتفقت معاها على الخطوبة في أقرب وقت، فهي محترمة جدا ولا ترضى أن تغضب ربها وأهلها، وعلى الرغم من وجود شقة أخرى من المفترض أن أتزوج فيها، إلا أن والدي احتجزها لنفسه يهرب فيها من تأنيب الضمير على ضياع المال، ومن مسئولياته تجاهنا لا أعني المادية بل الحنان والاحتواء والخبرة.

أ.م.ي الإسكندرية

عزيزي
مرحبا بك صديقا في "بوابة فيتو"، كان الله في عون أبيك من نفسه، إنها إشكالية كبيرة، فتعنته وتمسكه بالخطأ أوقعه في سلسلة مشكلات كان آخرها "الضعف النفسي والإحباط والاكتئاب"، والنتيجة شعور مستمر بالذنب وأن الناس تصفه بالفاشل الأناني الذي أضاع ماله ومستقبل أبنائه.

لكن أخي أذكرك ونفسي بقوله تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا"، فحتى وإن كان الوالدان كافرين لا قدر الله فقد أمرنا العلي القدير ورسول الرحمة بأن نحسن معاملتهما ماحيينا.

والدك مخطئ لكنه بحاجة لرعاية نفسية، وتذكر أن علاقتك به ترتبط وبشده بعلاقتك مع الله جل وعلى، فرجاء لا تتخطى حدود البنوة وتعيد عليه الاتهامات بالأنانية حتى وإن كان هذا صوابا، فحالته النفسية والمادية لاتسمح له بالاستجابة بأي حال من الأحوال.

تأنيبك ولو بالنظرة ونبرة الصوت سيزيد في عناده معكم، ليكون أسيرا لوسوسة الشيطان وتحدثه نفسه الضعيفة بأن أبناءه لم يقدروا تعبه من أجلهم حينما كان قادرا على العطاء، بل وإنهم يريدون كسر صورته، وأنه خسر الاحترام الذي زرعه فيكم مثلما خسر كل شيء.

ليردد قول الله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إن مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ".

هنا ذكره بلسان عذب وأدب الابن الخلوق المبتغي رضاء الله، أنه لم يلتفت للمعنى الكامن في الآية الكريمة، وأنها تقال حينما تتسبب الزوجة أو الزوج والأولاد في صرف المؤمن عن الأعمال الصالحة وشئون العبادة، وأن العفو وحسن المعاملة والتربية بالحكمة والموعظة الحسنة هو التصرف الأمثل، وليس السب والذم والهجر والاتهام والحرمان والإصرار على الخطأ.

بالنسبة للشقة أرى أن تعتبرها غير موجودة، حتى لاتزيد علاقتك بوالدك توترا وحدة، وتذكر المثل القديم " اللي بيقدر بيرتاح"، افترض إنك من أسرة بسيطة، وأنك قابلت بنت الحلال التي ستكون بإذنه تعالى دافعا لتتفوق في حياتك العلمية والعملية.

وتذكر أن الرزق لا يقتصر على المال، بل في الصحة، والخُلق، وحب الخير، والتفكير الصائب، والبعد عن الكبر والغرور، والرغبة الدائمة في الاجتهاد، واختيار شريك العمر الصالح، والذرية التي تستكمل مسيرته.

كما أن المال قد يكون نعمة إذا صرف بحكمة، كرم يبعد عن التبذير، وحرص يرشد الإنفاق ويبعد عن البخل، ويمكن أن يكون المال نقمة إذا لم نتبع السبل الشرعية في إنفاقه والحصول عليه، فلا تعتقد أن عدم مساعدته شر فقد تكون خيرا لك فالله وحده مطلع على المستقبل.

أخي والدك أخطأ لكن لسنا نحن من نحاسب آباءنا خاصة مع توافر حسن النية، فما وقع في هذا المأزق إلا نتيجة خوفه عليكم ورغبته في توفير المستوى المادي الأفضل، لكن لم يحالفه التوفيق ووضعه الله وإياكم في اختبارات مادية ومعنوية.

أرجوا أن تحرصوا على اجتياز هذا الاختبار بكل قوتكم، وأن تتوكل على الله، وتأكد من أن هذه الفتاة إن كانت من نصيبك فلن يقف في طريقكما أي حائل، خاصة مع إخلاص النية لله تعالى والجد والاجتهاد، ووضع إرضاء الله نصب عينيكما، واحترام كل منكما لأسرته.

ورجائي الأخير لك أن تحسن الظن بالله -عز وجل- ولا تثقل على والدك باللوم فهذا سلاح قاتل على المدى الطويل، وراعي الله في علاقتك بزميلتك وفي كل خطوة تخطوها، وتذكر أنه لاراد لقضاء الله.
الجريدة الرسمية