رئيس التحرير
عصام كامل

حلاوة "إيه"؟!!


القصد من إنشاء الهيئة العامة للرقابة على المصنفات الفنية هو حماية الآداب العامة والمحافظة على الأمن والنظام العام في المجتمع، ومن ثم فإن إجازتها لعمل فني معين والترخيص بعرضه هو إقرار منها بموافقته للآداب العامة والنظام العام، ومن البديهي وقتها ألا يكون للهيئة بعدها أي سلطة في سحب أو إلغاء الترخيص الممنوح لهذا العمل الفني إلا خلال مدد السحب القانونية أو إذا طرأت ظروف جديدة تستدعي ذلك طبقا لما جاء بنص المادة التاسعة من قانون الرقابة على الأشرطة السينمائية، ولها في الحالة الأخيرة إعادة الترخيص للمصنف بعد إجراء ما تراه من حذف أو إضافة أو تعديل..


إلا أن ما يداعب أذهان العامة وأثار حفيظة السينمائيين.. عن ماهية السبب الذي حدا بالمهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء لإصدار قراره بالأمس بمنع عرض فيلم " حلاوة روح " وإعادته من جديد إلى الهيئة العامة للرقابة على المصنفات الفنية لمراجعة الترخيص الممنوح للفيلم، وعن مدى جواز ذلك، لما يشكله القرار من انتصار للآداب والأخلاق العامة من جهة أو اعتباره نكسة جديدة لحرية الفكر والإبداع من جهة ثانية..

فيلم " حلاوة روح " أو " حلاوة صدر " كما وصفه البعض هو من بطولة " هيفاء وهبي " وشارك في البطولة " باسم سمرة ومحمد لطفي وصلاح عبد الله " ومن تأليف على الجندي وإخراج سامح عبد العزيز، والذي قال عنه النقاد إنه يمثل نقلة نوعية في ترويج التحرش الجنسي وسيمثل مرحلة جديدة لأعمال فنية تأخذ نفس المنهج..

حقق إيرادات مرتفعة للغاية مقارنة بالفترة القليلة التي تم عرضه خلالها بدور العرض السينمائي، وهو ما يشكل مؤشرا خطيرا لمجتمع أصبح يهوى مشاهدة مثل هذه الأعمال السينمائية التي تحرض على التحرش والجنس والعري ويؤكد حالة الانحطاط الأخلاقي العام وفي نفس الوقت تجد المجتمع يتنكر منها وينتقدها، أي أن المجتمع أصبح يعاني انفصاما بين ما يفعله وما يقوله..

إننا نؤمن جميعا بأنه من الضروري إطلاق حرية الفكر والإبداع، خاصة في عصر السماوات المفتوحة وثورة الإنترنت التي تستطيع من خلالها أن تشاهد أي محتوى، وأن أية محاولة لمنع عرض أي عمل فني هي بمثابة دعاية مجانية لهذا العمل تزيد من شعبيته وتساعد أكثر على ترويجه بكل أسف، والدليل على ذلك أنه وفي أقل من 24 ساعة من صدور قرار رئيس الوزراء سالف الذكر تجد العديد من المواقع الإلكترونية تكتب " شاهد فيلم حلاوة روح دون حذف قبل منعه نهائيا "..

أصبح الممنوع في مجتمعنا مرغوبا وبشدة، وإذا أنت حاولت إثناء المشاهد عن فكرة بعينها يتمسك بها أكثر، فأصبحنا في محنة حقيقية، فبدلا من أن تمارس السينما مسئوليتها الاجتماعية والأخلاقية من خلال تقديم أعمال تفيد المشاهد وتؤكد ضرورة التمسك بالأخلاق العامة للشعب المصري تجدها أصبحت – في بعض الأحيان - معولا لهدم المجتمع وأداة لانتشار أمراض أخلاقية نسعى لمحاربتها، وعندها يحتمي صانعو الفيلم بمظلة ممارسة حرية الفكر والإبداع، إلا أنها ليست حرية كما يزعمون بل هي انحلال..

وحسنا فعل المهندس إبراهيم محلب. رئيس مجلس الوزراء عندما أصدر قراره بمنع عرض فيلم " حلاوة روح " ومعاودة عرضه مرة أخرى على الهيئة العامة للرقابة على المصنفات الفنية لمراجعته في ضوء أخلاقيات المجتمع وحالة النفور الشعبي السائدة، وفي ضوء رفض مجلس الأمومة والطفولة لبعض المشاهد بالفيلم، وهو ما تجيزه المادة التاسعة من قانون الرقابة على الأشرطة السينمائية، ومن المتوقع أن تقوم هيئة الرقابة بمنع بعض المشاهد من الفيلم ثم إجازة عرضه مرة أخرى..
الجريدة الرسمية