رئيس التحرير
عصام كامل

استقالة المحافظ.. جرس إنذار!!


سواء جاءت استقالة اللواء محمود خليفة محافظ الوادي الجديد، بمبادرة شخصية منه بعد أن استشعر مدى الحرج الذي سببه للحكومة بعد توكيله للمشير السيسي في انتخابات الرئاسة، إلا أنه يحسب لرئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب أنه لم يتردد لحظة واحدة في قبولها، ولم يشفع للرجل الإنجازات التي حققها للمحافظة.. ولا أنه كان من بين دفعة وزير الدفاع السابق والمرشح المحتمل للرئاسة أثناء دراسته بالكلية الحربية.. ولا محاولات أبناء المحافظة الذين طالبوا باستمراره معهم لاستكمال الخطة التي أعلنها للنهوض بالمحافظة.


لم يستجب رئيس الوزراء لتلك المطالب الشعبية مع اعترافه الكامل بالداء المتميز للمحافظ وتوجيه الشكر له على هذا الأداء، ولكنه أصر على قبول الاستقالة تأكيدا على التزام الحكومة بين المرشحين وأنها تعمل على تنظيم انتخابات نزيهة.

قال المحافظ: إنه دافع عن موقفه وأكد أنه حرر توكيلا لتأييد السيسي كأي مواطن مصري وليس بصفته محافظا، وأنه مارس حقه الدستوري الذي يضمن له مباشرة حقوقه السياسية في تحرير توكيل لمن يجده مناسبا في انتخابات الرئاسة ولا عليه أحد أن يحرمه من هذه الحقوق.

وحتى لا يفسر هذا التوضيح بأنه محاولة للتراجع عن الاستقالة قال المحافظ السابق: إنه سارع بتقديمها على الفور حتى لا يسبب إحراجا للحكومة، ويعرضها للهجوم من جانب أطراف تسعى إلى تعطيل خريطة الطريق.. وقال إن مستقبل الوطن أهم من مصير الأفراد.

ولم يترك رئيس الجمهورية المستشار عدلي منصور الفرصة تمر دون تذكير الحكومة بالتنبيه على كافة المسئولين التنفيذيين بالالتزام بالحياد الكامل بين المرشحين لمنصب الرئاسة.

تباينت ردود الأفعال حول تصرف المحافظ ما بين من يرى أن المحافظ مواطن مصري مارس حقه في إبداء الرأي في أمر يتعلق بانتخابات الرئاسة، وبين من أقاموا الدنيا ولم يقعدوها حول الزعم بأن تصرف المحافظ يمثل انحيازا سافرا لأحد المرشحين، وجاء قبول الاستقالة ليقطع الطريق على حملة كان يعد لإثارتها إعلاميا للتشكيك في حيادية أجهزة الدولة وانحيازها المسبق لأحد المرشحين، وإن كان بعض من في قلوبهم مرض لم يتوقفوا عن بث سمومهم بادعاء أن المحافظ الذي جاء من خلفية عسكرية ليس لديه علم بالأعراف التي تمنع الأجهزة التنفيذية من إبداء الرأي المؤيد لأحد المرشحين، وتجاهل هؤلاء عن عمد أن الأمر لا يتوقف عند مسئولين عسكريين سابقين أو مدنيين دائما يخضع لمواقف شخصية نتيجة قناعة المسئول التنفيذي بشخص المرشح الرئاسي.

وليس معني ذلك أننا نقر تصرف المحافظ السابق للوادي الجديد، الذي لم يقدر مدى الإساءة التي وجهت إلى تجربة الانتخابات قبل أن تبدأ، والتي حاول رئيس الوزراء أن يتفاداها بقبول الاستقالة.

وإن كان لتلك الذوبعة التي أثيرت بسبب الاستقالة من فائدة، فإنها تشكل جرس إنذار لمسئولين تنفيذيين يفكرون في الممارسات القديمة التي كانت تسيء لسمعة الانتخابات المصرية.
الجريدة الرسمية