رئيس التحرير
عصام كامل

قوة مغيرة للحياة


يحكى لنا الإنجيل عن أناس قاموا من الأموات، مثل لعازر الذي أقامه المسيح بعد دفنه في القبر لمدى أربعة أيام، وأيضا ابن أرملة نايين الذي أقامه المسيح بينما كان محمولا في الطريق لدفنه، وابنة يايرس قائد المئة التي أقامها المسيح من الأموات، إلا أن قيامة المسيح كانت مختلفة عن هؤلاء لأن المسيح لم يقمه أحد بل قام بقوة إلهية عظيمة ذاتية، فالقديس بطرس يقول "فَيَسُوعُ هذَا أَقَامَهُ اللهُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا شُهُودٌ لِذلِكَ" (أع 2:32 )


فالمسيح قال عن نفسه "قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا" (يوحنا 11:25) أي أن المسيح يكمن في داخله قوة القيامة وسلطان منح الحياة. لذلك قال أيضًا "لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ يُقِيمُ الأَمْوَاتَ وَيُحْيِي، كَذلِكَ الابْنُ أَيْضًا يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ" (يوحنا 5:21)

والاختلاف الثانى هو أنه بالرغم من قيامة لعازر وابن أرملة نايين وابنة يايرس من الأموات بطريقة معجزية إلا أنهم ماتوا بعد ذلك مثل كل البشر.. إلا أن المسيح قام من الأموات وصعد إلى السماء وهو حى الآن.. وأكبر دليل على أنه حى الآن هو أنه يُغير حياة كل من يتقابل معه ويقبله مخلصا له حتى الآن.

فعندما تقابلت مريم المجدلية مع المسيح المقام تبدلت حالتها من حالة الحزن واليأس والحيرة إلى حالة من الفرح والإصرار على توصيل الأخبار السارة للتلاميذ أن المسيح قام حقًا قام.. نعم تغَيرت مريم المجدلية من عبدة لإبليس... لخادمة للمسيح وعندما ظهر المسيح للتلاميذ بعد قيامته.. تغيرت حياتهم بالكامل.. فحَول فشلهم وحزنهم وخوفهم إلى فرح وشجاعة ونجاح.. فانطلقوا مبشرين به حتى فتنوا المسكونة.. نعم غَير المسيح حياتهم، وعندما تقابل المسيح المقام مع تلميذى عمواس، اللذين سمعا عن اختفاء جسد يسوع وقبره الفارغ فتحيرا واكتأبا، أدركا أن الذي سار معهم وكسر الخبز معهم هو المسيح المقام.. فتبدلت حيرتهم إلى يقين وأصرا أن يعودا لباقى التلاميذ ليخبروهم أنهم تقابلا مع المسيح المقام.

وهكذا أيضا شاول، الذي كان يضطهد المسيحيين الأوائل ظنا أنه بذلك يخدم الله، لكن عندما تقابل مع المسيح المقام، بينما كان شاول في طريقه إلى دمشق ليضطهد المسيحيين هناك، تغيرت حياة شاول رأسا على عقب وتحول من كونه إرهابيا إلى واحد من أعظم خدام المسيح وأصبح هدفه "لاعرفه وقوة قيامته وشركة الامه متشبها بموته" (في 3:10-11 )

تأملوا معى يا أحبائى.. إن كل هؤلاء الذين تقابلوا مع المسيح.. تغيرت حياتهم.. بل تغيرت نظرتهم للحياة.. فأصبحوا يعملون ويتوقون إلى الحياة الأبدية مع المسيح.. وبينما لم تتغير ظروف حياتهم.. بل على العكس.. فلقد أصبحوا مضطهدين أكثر من أجل المسيح وذاقوا التشتت والطرد والظلم وحتى الموت من أجل المسيح.. ذاقوا كل ذلك بفرح لأنهم تقابلوا مع المسيح المقام.

ونحن يا أحبائى عندما نتقابل مع المسيح المقام أي عندما نقبله في حياتنا نتغير.. ونصبح في المسيح خليقة جديدة.. ربما لا تتغير الظروف من حولنا.. لكن الذي يتغير هو حياتنا ونظرتنا إلى الحياة هنا وهذا يساعدنا أن نقوم ونرتفع فوق الظروف، مهما كانت، ونتطلع إلى الوطن السماوى إلى الحياة الأبدية مع المسيح.

إننى أثق أن قيامة المسيح يمكن أن تساعدنا ككنيسة أن نتغير وننطلق بحماس شاهدين للأخبار السارة مهما كانت الظروف من حولنا.. وهنا نستطيع بثقة أن نهتف ونقول "المسيح قام..حقا قام".
الجريدة الرسمية