رئيس التحرير
عصام كامل

أطفال الرؤية: كنت فين يا طلاق من زمان


لا تزال أدراج محاكم الأسرة تعج بملفات قضايا وشكاوى حق "الرؤية"، الناتجة عن عدم تمكن الزوجين من العيش سويا تحت سقف واحد نتيجة لعدة أسباب، والنتيجة أبناء يقفون في حيرة من أمرهم ولسان حال بعضهم يقول "جبتونا ليه" وآخرون يقولون "كنت فين يا طلاق من زمان".


"فيتو" حاولت التعرف عن قرب على مشاعر "أطفال الرؤية" وكيف يكون الطلاق حلا للمشكلات وليس نهاية لحياة أفراد الأسرة، ورسالة الأبناء للآباء والأمهات حتى لا تتحول الحياة لحلبة مصارعة الخاسر الأكبر فيها الأبناء.

يوسف 10 سنوات: أتعجب من رد والدي الدائم على أمي حينما تطلب منه مصروفات المدرسة، قائلا أجيب منين علما بأنه من أسرة ثرية، إلا أن جدي أجبره على التنازل عن كل ما يملكه له ولعمي، إمعانا في إيذاء أمي، أتعجب منه كيف يريد أن يراني كل كام شهر فقط لينتقدني أنا ووالدتي، ليفاجئني بقوله أنت وزنك زائد ليه بتصرف كام، ودائما يسخر مني ويعنفني يقول لأمي انتِ مهتمة بنفسك ليه، يا ترى حد جديد دخل حياتك!

حتى لغة حواره مع شديد الأسف تزعجني، فأمي تحترم مشاعري ودائما ما تقول لي "أنت راجل يعتمد عليه" ولك رأيك والمشورة لا تعني ضعفا بل أنها في كثير من الأحيان تأخذ برأيي أما هو فيقلل مني ولا ينتقي ألفاظه معنا.

هند 12 سنة، أحمد الله على أن رزقني بأم تعي جيدا دورها الجوهري في حياتي كمربية فاضلة وصدر حنون ألجأ له في أدق لحظات حياتي، تحترم والدي حتى في سؤالي الدائم عن سبب انفصالهما، وأب كريم يسمع شكواي بكل دفء وحنان يوجهني من خلال التجارب والحكمة، ولا يقف ضد أمي في شىء بل يرعاها في غيابها، رغم أنهما منفصلان منذ 4 سنوات.

فالطلاق بالنسبة لأسرتنا ليس كما يتصور البعض فلم أجد هذا الكم من المشكلات في حياتي، فالاحترام سيد الموقف في منزل جدتي التي أعيش معها حياة هادئة، وفي منزل جدي لأبي الذي أمضيت فيه أسعد لحظات حياتي، فكم عانيت في أول 5 سنوات من عمري من "التكشيرة" التي تميز ملامحهما والصمت يقهرهما.

الآن أرى شخصين يحترم كل منهما الآخر ولا يسعى لإيذائه أو التقليل من شأنه، فدائما ما يقولان "الاعتراف بالخطأ فضيلة" والانفصال في السكن كان حلا لمشكلات وبداية لحياة جديدة لكل منا.

سامر 17 سنة، بعد 8 سنوات خلاف مستمر بين والدي أستطيع قولها بعلو الصوت "كنت فين يا طلاق من زمان"، فالمحن التي مرت عليها أسرتنا والضرب والسباب أبدا لم أتوقع أن حلها في الانفصال، وأن أذهب مع جدي لرؤية والدي ثم والدتي، فحتى الآن لا يطيق أي منهما رؤية الآخر سعيدا، لكني تخلصت من الصدام المباشر بين شخصين يعتقد كل منهما أن الآخر يسعى لكسره والتقليل من شأنه.

بدورها تنصح الدكتورة أميرة مرسي - المعالجة النفسية - كل طفل وشاب ألا ينظر لانفصال والديه أنها نهاية حياة، فيمكن أن يقنع نفسه إذا كان في مرحلة النضج أن والده مضطر للسفر خارج البلاد، وأن هذا لا يتنافى مع كونه والده الذي يخاف عليه من الهواء، وأن والدته لم تذنب في طلبها الانفصال الذي شرعه الله لها وأنه أفضل له نفسيا وصحيا، فالله خلق الإنسان وكرمه بإعطائه حقوقا وعليه حسن استخدام هذا الحق.

وأضافت: أما إذا كان الطفل صغيرا فينبغي أن يحافظ الأبوان على مساحة الاحترام في غياب الطرف الآخر، وأن يحسن اختيار حياته ويتحمل مسئوليته ويحاولا إدخال السعادة والحنان بحساب لحياة الأبناء، مع الحذر الشديد فالدلع المبالغ فيه يتسبب في دخول الطفل في دوامة تناقض ومشكلات نفسية وسلوكية وإغتراب عن الواقع.
الجريدة الرسمية