رئيس التحرير
عصام كامل

لمبة جاز


"كل شيء أبيض.. البحر المعلق فوق غمامة بيضاء.. واللاشيء أبيض في سماء المطلق البيضاء" أبيات كتبها الشاعر الملهم محمود درويش في جداريته..


هكذا أوحت له الطبيعة لولا أنه لم يكن مواطنا مصريا يعيش في عام 2014. كلما فتح شرفة منزله لا يرى سوى اللاشيء الأسود بسبب انقطاع التيار الكهربائي -يوميًا- لعدة ساعات..

القاعدة الأساسية في علاج أي أزمة هو اكتشاف السبب. ونظرًا للظرف الذي تمر به البلاد فلن نجد شماعة أفضل من شماعة الإخوان الإرهابية لتعليق الفشل والحماقات التي نرتكبها يوميًا..

لقد أصبحت هذه الشماعة من أكثر الأساليب المبتذلة، ربما أكثر من أفلام السينما المصرية هذه الأيام. ودائمًا نجد السؤال يطرح نفسه بقوة: "مين هو الراجل اللي بياخد 20 جنيه وينزل سكينة الكهربا؟" ذاك الرجل الذي ظل ثابتًا على موقفه قبل 30 يونيو وبعدها، ذاك الرجل الذي يجعلنا نعيش أزهى عصور الانتظام..

لقد أصبح موعد انقطاع التيار الكهربائي أكثر انضباطًا من مواعيد مباريات دوري أبطال أوربا. لكن دعونا من كل هذا ولننظر إلى الجانب المشرق..

أخيرًا وبعد عامين من أزمة الكهرباء، اكتشفت الحكومة -مؤخرًا- أن السبب في تلك الأزمة هي "البويلر" أو الغلايات الكهربائية التي تستنفذ طاقة بقدر ما ينتجه السد العالي..

وهنا نتساءل: "لماذا لم توقف الحكومة استيراد تلك الغلايات -ولو بشكل مؤقت- كما فعلت مع التوك توك والدراجات البخارية ؟ هل التوك توك يشكل خطرًا على الأمن القومي أكبر من خطورة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي؟" مفتاح السر والإجابة في "فرجينيا" حيث انقطع التيار الكهربائي لساعات ارتفعت معدلات الجريمة إلى أعلى مستوياتها..

والعجيب هو أن 80% من المتورطين في حوادث السرقة والاغتصاب وغيرها لم يكونوا مجرمين من الأساس وليست لديهم أي سوابق إجرامية. وبرغم كل ما يحدث حولنا، فإن الحكومة وجدت في الفحت الحل السحري والمثالي لهذه الأزمة مما يجعلني متفائلًا. هكذابدأت أوربا نهضتها لكن في القرن الثامن عشر الميلادي. مما يعني أننا في طريقنا إلى التقدم..

لكن المسألة مسألة وقت، ربما قرنين أو أكثر، وستشهد مصـ.... نعتذر عن انقطاع التيار أثناء كتابة المقال مرحبًا بكم في عصر الظلمات..
الجريدة الرسمية