رئيس التحرير
عصام كامل

الباب الموارب وأحكام القضاء !!


نسعى جميعا للوصول إلى دولة القانون عملا لا قولا، ودولة القانون هي تلك الدولة التي تطبق القانون على الجميع كبيرا وصغيرا.. غنيا وفقيرا.. في أعلي درجات السلم الاجتماعي أو في أدنى درجات نفس السلم الاجتماعي وفقا لقاعدة دستورية.. لا يهتم بها أحد ولا ينظر إليها رئيس أو مسئول تقول الجميع أمام القانون سواء.. مجرد شعار دستوري يزين صفحاته، ويستلزم تطبيق القانون ضرورة احترام أحكام القضاء التي تصدر عن هذا القانون وبالتالي حتمية تنفيذها فور صدورها بشكل بات ونهائي أو فور صدورها بشقها المستعجل ما لم يكن هناك مانع يحول دون التطبيق الفوري للحكم.


هذا ما أفهمه عن دولة القانون التي تعيد الحقوق لأصحابها وتحفظ أمن شعبها وتساوي بين الجميع أمام القانون والقاضي.. لكن السؤال الذي يحسم إجابته شعار( دولة القانون ) هو: هل السلطة المعنية تحترم أحكام القضاء التي تصدر عن القانون وبالتالي تنفذها بكل سرعة ودقة أم أن شعار دولة القانون يظل مجرد شعار لا أكثر ؟! هل لدى السلطة المعنية معايير خاصة تجعلها تنفذ حكما قضائيا دون غيره من الأحكام أم أن هناك انتقائية في التطبيق، أم عشوائية في التصدي لأحكام القضاء، أم مصلحة عليا سياسية أو أمنية تحول دون تنفيذ حكم قضائي وتنفيذ غيره، أم كل هذه التفسيرات مجتمعة ؟!! بلا شك نحن في حاجة إلى من يجيب بشفافية مطلقة عن هذه الأسئلة، لأن إجاباتها هي التي تحدد معايير دولة القانون التي نتحدث عنها على مدى الساعة !

لدينا من الأحكام التي صدرت سواء كانت أحكاما باتة أو مستعجلة.. الكثير لا تنفذه السلطة المعنية بتنفيذه في البلاد، فعلي سبيل المثال حكم عودة الحرس الجامعي لحماية الجامعات من التخريب المتعمد من قبل الجماعة الإرهابية ومع ذلك ترك أمر تنفيذه لرؤساء الجامعات على المزاج والهوى والانتماء- ليس للوطن ولكن لأشياء وكيانات أخرى - مع العلم بأن رؤساء الجامعات ووزير التعليم العالي أعضاء في السلطة المعنية بتنفيذ القانون وعلي رأسهم رئيس جامعة القاهرة الذي يدرس القانون للطلبة، وعندما قرر بعضهم السماح للشرطة بالدخول للجامعة لم يكن انصياعا لحكم قضائي لكنه لاعتبارات أمنية وتحت ضغط الرأي العام وحفاظا على كراسيهم التي يجلسون عليها.

وعلي سبيل المثال أيضا حكم قضائي باعتبار جماعة حماس جماعة إرهابية وما زال بعض أعضائها يعيشون في مصر بل ويحملون الجنسية المصرية ويحرضون على العنف، وما زلنا نقول يوميا في بيانات رسمية القبض على عناصر من حماس متهمة وضالعة في عمليات عنف وقتل وتخريب في البلاد، ولن نذهب بعيدا فلدينا حكم قضائي باعتبار جماعة الإخوان إرهابية وكل من يشاركها أو يتعامل معها أو ينضم إليها، ومع ذلك يقوم تحالف دعم الشرعية – أقصد دعم الشوارعية – بالتحريض والدعوة إلى إسقاط الدولة في مؤتمرات وصحف وندوات ولا أحد من المسئولين عن تنفيذ أحكام القضاء يحرك ساكنا أو يبدي دهشة من وجود حكم قضائي يجرم ذلك ولا يتم تنفيذه !!

الدكتور سمير صبري المحامي رفع قضية أمام القضاء الإداري يطالبه فيها بالحكم بإسقاط الجنسية المصرية عن 37 عضوا بارزا في تنظيم الإخوان والجماعة الإرهابية من بينهم القرضاوي والهاربون في جزيرة قطر الصغرى، وكان قبل ذلك طلب من النائب العام في بلاغات كثيرة التحقيق في ذلك.. فهل إذا صدر حكم قضائي بذلك ستنفذه السلطة المعنية رغم أن هذا الأمر هو في صلاحيات وزير الداخلية طبقا للقانون الذي خول له ذلك أم أننا سنتبع سياسة الباب الموارب الذي تدخل من خلاله كل مصائب وبلاوي الجماعة الإرهابية أم أننا سنفعل كما فعلت بريطانيا عندما اتخذت قرارا بمنع دخول أكثر من سبعين بريطانيا إلى بريطانيا لمشاركتهم في أحداث سوريا.

دولة القانون لا تستقيم معها سياسة الباب الموارب في تطبيق القانون وتنفيذ أحكام القضاء وإلا تصبح دولة شعارات!!

الجريدة الرسمية