رئيس التحرير
عصام كامل

قرار الحكومة باستخدام الفحم يؤدي إلى الوفاة.. 42 مليار دولار تكلفة علاج الأمراض الناتجة عنه سنويًا.. و20 ألف حالة وفاة سنوية بالاتحاد الأوربي بسببه.. واتفاقية «كيوتو» تحظر على مصر استخدامه


رغم التحذيرات البيئية والطبية من استخدام الفحم في كافة الأنشطة الصناعية، قررت الحكومة المصرية استخدامه كمصدر للطاقة ضمن منظومة الطاقة المستخدمة بالدولة، وبعيدًا عن الخلاف السياسي بين وزيرة البيئة الدكتورة ليلي إسكندر من جهة، ووزير الصناعة والتجارة منير فخري عبد النور، فأزمة الفحم تتجاوز كثيرًا هذا الخلاف طبقًا لعدد من الدراسات العلمية.


وطبقًا لدراسة أعدتها منظمة "السلام الأخضر" وهي منظمة عالمية معنية بشئون البيئة تحت عنوان "التكلفة الفعلية للفحم" فإن استخدام الفحم كوقود لا يعد رخيصًا طبقًا لما يروجه مؤيدو استخدامه.

وقالت الدراسة إن هناك اعتبارات أخرى لقياس تكلفة استخدام الفحم على رأسها التغيرات المناخية، وتأثيرها على صحة الإنسان حيث قدرت المنظمة التكلفة بـ360 مليار دولار سنويًا، فيما يتفق تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة فإن تكلفة علاج الأمراض الناجمة عن تلوث الهواء بانبعاثات استخدام الفحم قد تجاوزت 42 مليار دولار.

وطبقًا لنفس التقرير فإن الفحم الحجري سيبقى المصدر الرئيسي للطاقة في العالم حتى عام 2020 وخصوصًا مع تنامي الطلب عليه في بلدان مثل الصين والهند.

وتوقع التقرير أن يزداد استهلاك الفحم بنسبة تتجاوز 4500 مليون طن مكافئ بترول خلال العشر سنوات المقبلة، مؤكدا أن الصين هي المستهلك الأكبر والأكثر إنتاجًا للفحم الحجري حيث تنتج 48 % من الإنتاج العالمي، تليها الولايات المتحدة 14 % ثم الاتحاد الأوربي 12 %، وتُعد ''يوزلندا'' هي الدولة الأكثر استهلاكًا للفحم في أوربا تليها رومانيا ثم ألمانيا.

ما قاله التقرير يكافئه عدة تأثيرات في دراسة منظمة "السلام الأخضر" فالصين التي تعد المستهلك الأول يعد ثاني سبب للوفاة فيها هو الأمراض الرئوية.

فيما يتحمل استخدام الفحم اللوم على تلوث الهواء الذي يتسبب بـ 30 ألف حالة وفاة مبكرة في الولايات المتحدة، وفي الاتحاد الأوربي طبقًا للدراسة فأن 20 ألف حالة وفاة نتيجة تلوث الهواء.
وتضع المنظمة عددا من النماذج الخاصة بتأثيرات استخدام الفحم، منها محطة "ماي مو" بتايلاند لتوليد الطاقة باستخدام الفحم، قد بدأت المحطة عملها في عام 1992 حتى غطت المنطقة الموجود بها سحب دخانية كثيفة من ثاني أكسيد الكبريت.

ونتج عن اختلاط الدخان بالمياه أمطار حامضية كان تركيز الكبريت فيها أعلى بنحو 50% من الحد المسموح به عالميا، وقد تسببت الأمطار الحامضية في تدمير 50% من حقول الأرز المجاورة وبدأت الماشية في النفوق وأصيب نحو 42 ألفا من السكان المحليين بأمراض صدرية.

ووفقا لدراسة أجرتها منظمة جرين بيس عام 2002، يخرج من هذا المصنع نحو 4 ملايين طن رماد دخاني و39 طنا من مادة الزئبق سنويا.

وبفحص عينات الرماد الدخاني هناك وجد تركيز لمادتي الزئبق والزرنيخ أعلى 14 مرة من المعدل الطبيعي، وفي 2003، وجد تركيز عالٍ لمعادن ثقيلة سامة في جميع مصادر المياه المحيطة بالمصنع ومنجم الفحم الموجود في المنطقة.

وفي إيطاليا صدر أمر قضائي بإغلاق محطة توليد الكهرباء فادوليغوري لتسببه في مقتل 442 شخصا خلال 7 سنوات نتيجة أمراض رئوية أصابتهم نتيجة استخدام المحطة للفحم وذلك الشهر الماضي.

ويعتبر استخدام الفحم أكبر مسبب للتغير المناخي في العالم، فبحسب الدراسة، تطلق المصانع التي تعمل بالفحم على مستوى العالم انبعاثات لثاني أكسيد الكربون تقدر بنحو 11 مليار طن سنويا ، وفي 2005 ساهم حرق الفحم بنحو 41% من حجم الانبعاثات الكربونية عالميا والتي تؤثر على التغير المناخى.

يشار إلى أن التغير المناخي كان هو السبب في إطلاق معاهدة "كيوتو" في قمة الأرض الذي عقد في ريو دي جانيرو في البرازيل في 1992، والتي ألزمت الدول بتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة وعلي رأسها ثاني أكسيد الكربون.

وطبقًا للاتفاقية فإنه من المفترض حظر استخدام الفحم كمصدر للطاقة بحلول 2009، وقد وقعت مصر على الاتفاقية في 1999، وصادقت عليها في 2005.

وفي إطار الواقع الافتراضي فإن نشطاء مصريين قد أطلقوا هاشتاج #أوقفوا_الفحم ضد قرار الدولة باستخدامه في الطاقة، وقد تم تسجيل هذا الهاشتاج ضمن أعلى هاشتاجات تم استخدامها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".
الجريدة الرسمية