رئيس التحرير
عصام كامل

معركة سيدنا نوح


البروموهات والمعلومات المنشورة عن فيلم "نوح" تقول إنه عمل فنى بالغ الرقىّ، يستمد روعته من دراما الصراع في قصة نبي الله نوح عليه السلام.


مما قرأته وشاهدته، شعرت بأنه عمل لا يُنْقِص من المعتقد الدينى.. بل على العكس، شعرت بأنه يعزز حالة احترام المعتقد الدينى، إلى حد الانحناء خشوعًا لقصة أنبأنا بها رب السماوات والأرض.. وهذا رأي صادفته كثيرًا خلال متابعاتى.

الفيلم للمخرج "دارين أرنوفسكى" وهو الذي كتبه عما ورد بقصة سفينة نوح بسفر التكوين في العهد القديم.. ويقوم بدور البطولة الممثل العالمى الشهير"راسِل كرُو".

في مصر لم يكن الحديث عن الفيلم وقيمته الفنية.. وإنما عن المعركة المعتادة والمتجددة، في مثل هذه المناسبات بين المثقفين وأنصار حرية التعبير في مواجهة الأزهر، الذي شدد على عدم جواز تجسيد الأنبياء والرسل على شاشات السينما والتلفاز.

ودون الدخول في الأسانيد الشرعية لرأى الأزهر الشريف، مع احترامى غير المحدود لها، أقف هنا عند بعض أبرز أسباب الاعتراض، ومنها أنه لا يصح لمن يجسد الشخصيات المقدسة في الأديان أن يُشاهَد في حالة سُكْر، أو يظهر في عمل فنى آخر في دور مسجل خطر أو شاذ أو قواد.. هذا بجانب سبب آخر من أسباب الاعتراض هو الخشية من تداعيات قد تؤدى إلى زعزعة عقيدة المسلم.

في تقديرى إن مخاوف زعزعة العقيدة مبالغ فيها إلى حد كبير.. فمن غير المعقول بعد 14 قرنًا من ظهور الإسلام، ومع اتساع وتعدد دوائر الوعى الإنسانى أن يعود المسلم ــ مثلًا ــ إلى عبادة الأوثان عقب خروجه من معبد الكرنك، أو من معرض لفن النحت، أو أن تختل عقيدته من فيلم.. وأستطيع أن أؤكد أن العقيدة مُحَصَّنة بما فيه الكفاية، حتى عند محدودي الثقافة والمعرفة.. والدليل في الحكاية التالية:

ــ كان المخرج يصور فيلمًا تاريخيًا به مشاهد حروب بين جيوش المسلمين والكفار، وتحتاج أعدادًا كبيرة من مجاميع الكومبارس الصامت الذين يرتدون ملابس المحاربين ويمتطون الخيول ويقومون بالكر والفر والقتال.. في أحد المشاهد المهمة شكَّل المخرج من الكومبارس جيشين عظيمين.. جيش المسلمين، وجيش الكفار.. وقفا في مواجهة بعضهما، وعلى رأس كل جيش قائده..

بدأ المخرج يلقى تعليماته قبل التصوير.. أمسك بالميكروفون وطلب من قائد جيش المسلمين أن يبدأ صيحة الهجوم.. قال القائد بصوته الجهورى: اهجموا على جيش الكفار.. فصاح كومبارس جيش المسلمين: الله أكبر.. ثم طلب المخرج من قائد جيش الكفار أن يطلق صيحة الهجوم فقال بصوته الجهورى: اهجموا على جيش "محمد".. فصاح الكومبارس "الكفار": عليه الصلاة والسلام.
الجريدة الرسمية
عاجل