رئيس التحرير
عصام كامل

ليس دفاعًا عن القضاء المصرى


ليس هناك من شك في أن القضاء المصرى بدرجاته المختلفة وتقاليده الراسخة وبالقيم الأخلاقية الرفيعة الذي يمارس مهامه في تحقيق العدل على هديها يعد من أرفع الأنظمة القضائية على مستوى العالم.. ولا ينكر هذه الحقيقة سوى مَن في قلبهم مرض، وفى نفوسهم عداء ضد الوطن نفسه.. وينطبق هذا القول على جماعة الإخوان المسلمين قيادة وأتباعًا.


ويشهد على ذلك أنه في ظل حكم الإخوان المسلمين -والذي استمر قرابة عام- شهدت البلاد عدوانًا منظمًا ضد كافة المؤسسات القضائية، وفى مقدمتها المحكمة الدستورية العليا التي تزن أحكامها بميزان دقيق حفاظًا على الدستور وعلى أمن الوطن والمواطن.

وقد دفعت جماعة الإخوان المسلمين – حين كانت تحكم مصر- أتباعها لحصار مقر المحكمة الدستورية العليا لإرهاب القضاة ومنع المحكمة من إصدار أحكام ببطلان المجالس البرلمانية، سواء في ذلك مجلس الشعب أو مجلس الشورى نظرًا للعوار القانونى الذي لحق بهما.

وقد صرح أحد قادتهم -ممن يحاكمون الآن- بأنهم شجعوا أعضاء الجماعة على حصار المحكمة غير أنهم أوصوهم بألا يستخدموا العنف! ولم يسلم منصب النائب العام وهو محصن ضد العزل من العدوان الصريح عليه، فقد أقاله – بغير سند من القانون- الرئيس المعزول "د. محمد مرسي"، وحاول أن يلتف حول واقعة العدوان بتعيينه سفيرًا لمصر في الفاتيكان، وحينما رفض اضطر إلى سحب القرار الجمهورى الذي أصدره.

ولما كانت جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية قد سعت حثيثًا إلى أخونة الدولة وأسلمة المجتمع ووجدت ممانعة شديدة من المؤسسة القضائية في تمرير مشاريعها الإجرامية المضادة لمصلحة الوطن، فقد قرر الرئيس المعزول – بناء على أوامر مكتب الإرشاد- تصفية المؤسسة القضائية عن طريق تحديد سن 60 سنة ليكون سن الإحالة على المعاش، وبتطبيق هذا المشروع المقترح يمكن فصل ثلاثة آلاف قاضٍ على الأقل وتعيين محامين ينتمون إلى الإخوان المسلمين محلهم!

وقد قاوم نادي القضاة برئاسة المستشار "الزند" هذا المشروع التخريبى مقاومة باسلة مما جعل الجماعة الإرهابية تتراجع عن خططها القانونية.. وهكذا يمكن القول إن القضاء المصرى الشامخ نجح في الدفاع عن الشرعية الدستورية والحفاظ على كيان الدولة من التفتت.

وهذا هو السر وراء هجوم أنصار جماعة الإخوان المسلمين على القضاء كما فعل أحد كتابهم المعروفين، والذي كتب مؤخرًا مقالًا في جريدة "الشروق" حاول فيه عبثًا أن ينال من سمعة القضاء المصرى وأن يجرحه بطرق ملتوية في الوقت الذي صمت فيه تمامًا عن جرائم الإرهاب والعنف والاغتيال الذي يمارسه أعضاء جماعة الإخوان المسلمين يوميًا.

لم نقرأ حرفا واحدًا سجله استنكارًا لهذه الجرائم الإرهابية، وادعى في بعض كتاباته أنه ليس هناك دليل على أن أعضاء الإخوان المسلمين هم الذين يرتكبون جرائم الاغتيالات ضد القوات المسلحة وضد الشرطة بل وضد المواطنين الأبرياء.. وزعم أن منظمة اسمها "سرايا القدس" هي التي تقوم بالإرهاب وبالاغتيالات متجاهلًا أن هذه المنظمة مجرد فرع من فروع جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية!

هذه الأصوات لا تعرف الحياء ولا الخجل وهى تمارس الكذب بصورة منهجية، وتدعو إلى المصالحة بين الإرهابيين المظلومين وفئات الشعب المصرى الذي لفظهم إلى الأبد !

وعلى هؤلاء الأدعياء ومن يسير في خطاهم من بعض الباحثين والسياسيين الذين لم يملوا من الحديث عن أهمية المصالحة مع الإخوان المسلمين حتى يعاودوا نشاطهم السياسي أن ينزلوا إلى الشارع المصرى ليعرفوا اتجاهاته الحقيقية.

لقد استطاع قادة الجماعة الإرهابية بعبقرية مذهلة.. بعد فشلهم السياسي والسقوط التاريخى لمشروعهم السياسي وبعد أن لجأوا إلى ممارسة العنف وارتكاب جرائم الاغتيال -أن يثيروا الكراهية الشديدة من قبل الجماهير إزاء الجماعة وقادتها وأعضائها.

ويشهد على ذلك أن الجماهير تشترك مع نواب الأمن في مطاردة فلول الجماعة ممن ينظمون مظاهرات تخريبية هنا وهناك.

هناك حقيقة واحدة قد تبدو غريبة من فرط بساطتها، ليس هناك أي مستقبل لجماعات الإسلام السياسي عمومًا وجماعة الإخوان الإرهابية خصوصًا!
الجريدة الرسمية