رئيس التحرير
عصام كامل

خالد صلاح.. الخبطة.. والسقطة


أتفهم دوافع الصديق خالد صلاح في استضافة إبراهيم سليمان أحد رموز نظام مبارك، وصاحب تكية مصر وعراب فضيحة توزيع أراضيها بتراب الفلوس وبثمن بخس على رجال الأعمال من محاسيب المخلوع وشلة الوريث جمال، من حق الزميل خالد أن يبحث عن سبق إعلامي وعن شخصيات يرفع بها نسب المشاهدة في برنامجه في عالم صار فيه عدد برامج التوك شو أكثر من الليمون.


لكن عليه أن يدرك أن المصلحة الوطنية تقتضى في هذه المرحلة ألا يتم تجميل وجوه الأشخاص الذين جرفوا ثروات مصر وقادوها إلى ما نحن فيه الآن من فقر وظلم وجوع ومرض ومعاناة.

لا أستبعد هناك مخطط إعلامي لتجميل وجه نظام المخلوع وإعادة استيعابه في المشهد مرة أخرى، ولا أستبعد أن يقرر مبارك نفسه باعتباره قيد الإقامة الاختيارية أن يقبل عرض إحدى الفضائيات، ويذهب في نزهة إلى مدينة الإنتاج الإعلامي متحدثا عن إنجازاته ويتهمنا بأننا شعب الفرص الضائعة بدليل أننا لم نستمع إلى تحذيراته " أنا أو الفوضى"، وربما يقنعنا بأنه الأقدر على حكم مصر الآن بعد ما رأيناه من انفلات أمنى وانهيار اقتصادى في السنوات العجاف الثلاث، وقد يقنعنا بإطلاق حبيب العادلى من السجن ليُعَلم "الشعب المفترى" الأدب وبإطلاق العنان لجهاز أمن دولته ونظامه ليتجسس على الناس من جديد.

وكما التزم الثلاثة الكبار عزمى وصفوت وسرور الصمت بعد خروجهم من السجن، احتراما لأنفسهم ولثورة الناس ضدهم وتقديرا للظرف العصيب الذي تمر به البلاد، أظن أن إبراهيم سليمان مطالب بأن يلتزم الصمت ويختفى من المشهد، لأن خروجه في الفضائيات يشوه وجهه أكثر مما يجمله وعليه أن يدرك أنه غير مرغوب فيه وأنه ضيف ثقيل.

للأسف ماسورة مجارى مسئولى نظام مبارك التي انفجرت في الفضائيات منذ 30 يونيو، تتزامن مع أطروحات غريبة وافتكاسات مريبة يرددها البعض بأن 25 يناير هي نكسة ومؤامرة، وتتزامن أيضا مع استضافة الفضائيات لكثير من المنتفعين من نظام المخلوع ليتحدثوا عن بطولاته وإنجازاته.

أتفهم أن 50% من الإعلاميين أصحاب البرامج الذين يملئون الشاشات ليلا ونهارا كانوا من المنتفعين من نظام مبارك، وأن لحم أكتافهم من خيره وهم لا ينسون ذلك ولا ينكرونه، لكن إذا كان الضمير المهنى يعتبر أن ظهور أحد أفراد الجماعة الإرهابية في الفضائيات بعد 30 يونيو نوعا من المحرمات، عليهم إعلاء نفس هذا الضمير في اعتبار أن ظهور رموز نظام مبارك أكثر حرمة، فلا يجب أن نكيل بمكيالين تجاه فصيلين ثار ضدهما شعب واحد.

أبسط تعبير لما يفعله فلول مبارك الآن، أن هناك شعبا خرج ليطارد جماعة فاسدة ويلقى القبض على أفرادها، فهرب عدد منهم واختبئوا في الشوارع الخلفية والجانبية والأزقة والحوارى، وأثناء جرى الشعب ووسط الزحام وفى غفلة من الجميع تقدمت جماعة أخرى إلى مقدمة الصفوف، لكن سرعان ما اكتشف الشعب خيانتها وعمالتها وعدم وطنيتها، وأثناء الخناقة والانشغال في إجراءات القبض على الجماعة الخائنة، خرجت الجماعة الفاسدة من الحوارى والجحور وسط الزحام لتنضم إلى حركة الشارع ظنا منها أن الناس قد نسيت وجوهها، وأن القبض على الجماعة الخائنة يسقط عنها التهم والجرائم التي ارتكبتها ويمنحها مشروعية العودة.

إننى أدعو الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين لإصدار قرار بإحالة أي صحفى أو إعلامي مقيد في جداولها يجرى حوارا مع أحد رموز نظام مبارك أو يستضيفهم في برنامجه إلى لجنة تحقيق نقابية، هذا القرار حتى وإن كان شرفيا ولم يتم تنفيذه سيحقق هدفين، الأول: إيصال رسالة إلى الفلول لعلهم يشعرون أنهم ملفوظون شعبيا، والثانى: الضغط على الزملاء الإعلاميين الذين يقدمون حبهم للشهرة والأضواء على مصلحة الوطن، فالتطبيع الإعلامي مع من لفظهم وطردهم الشعب في 25 يناير 2011 لا يقل في فداحته عن التطبيع مع العدو الصهيونى.
الجريدة الرسمية