رئيس التحرير
عصام كامل

التحصين والجحيم


أعلنت خريطة الطريق في الثالث من يوليو الماضي، في ثلاث خطوات.. "كتابة دستور جديد حتى ولو تحت شعار تعديل الدستور السابق، ثم انتخابات مجلس الشعب ثم الانتخابات الرئاسية".. مشيت الحياة في الاتجاه الأول رغم الاحتجاجات والمظاهرات الإخوانية والإرهاب.. انتهى العمل في الدستور وانتهي الاستفتاء عليه، وكلنا رأينا ذلك.. ارتفع شعار «المهم البلد تمشي»، أمام أي شخص له اعتراض على بعض مواد الدستور.. وتم الاستفتاء بنسبة مشاركة بنعم كبيرة، رغم أنها كانت أقل مما كان متوقعا.

فجأة بدأت تتسرب فكرة الرئاسة أولا قبل انتخابات مجلس الشعب.. لم أفهم أبدا لماذا يحدث هذا التغيير ولم أقتنع بكل ما قيل، الذي كان أبرزه أن الرئيس عدلي منصور رئيس مؤقت، ومن ثم قدرته على اتخاذ القرارات ليست بقوة الرئيس المنتخب.

على العكس، رأيت الرجل يترك الأمور لرئيس الوزراء ولم تكن الوزارة السابقة مرتعشة في شيء، فهي التي أصدرت قانون التظاهر الذي لا يعجبني ولم يعجب الكثيرين وهي التي أصدرت قرارا يجعل جماعة الإخوان إرهابية وهو قرار تأخر كثيرا في التاريخ المصري.. ما علينا.. أعود إلى ما كنت فيه، الانتخابات الرئاسية أولا فكرة لم أجد لها أي معني غير أن الأمور ستكون في يد الرئيس المنتخب وحده، وليس حتى وزارته لأنها مؤقتة وليست من حزب منتخب في مجلس الشعب الذي لم يوجد بعد! ومن ثم سيكون له أن يصدر القوانين حتى يتم انتخاب مجلس الشعب..

وأنه بلا مجلس شعب سيكون محصنا من الانتقاد، ويمكن جدا كما فعل محمد مرسي الذي وجد نفسه بدون مجلس شعب أن يصدر القرارات تحصن قوانينه، ومن يفكر في ذلك مخطئ جدا، لأن ذلك حدث من قبل ولم يأت بفائدة، أبعدت هذه الفكرة عن رأسي لأريحه وإن لم أفهم وحتى الآن لماذا تكون الرئاسة أولا ولم أقتنع، فوجئت أخيرا بأخبار أن هناك قرارا وزاريا أو مسودة قانون، فالأخبار بين القرار والقانون حتى كتابة هذا المقال، يحصن لجنة الانتخابات الرئاسية من الطعن على قراراتها أمام المحاكم.

قلت لنفسي «الحق.. اشتغلت»، عدنا لسياسة تحصين القرارات، سياسة الحزب الوطني.. طيب أي عاقل سيسأل لماذا؟ سيقال لتزوير الانتخابات، حتى لو لم تزور فهكذا صارت موضع شبهة والسؤال لماذا والنتيجة واضحة من الآن من سينجح؟ لا إجابة غير مزاج من في القيادة دائما أن يتميزوا على الشعب وعلي الدستور الذي يمنع ذلك وعلي قضاة المجلس الأعلي للقضاء الذين رفضوا التحصين.. وربما علشان لما ينجح المشير السيسي الذي لا يحتاج إلى ذلك يقال له إحنا اللي نجحناك، وفي كل الأحوال يفتحون باب الجحيم مرة أخرى في مصر.
الجريدة الرسمية